عوامل لها صلة بقضايا الكورد الفيليين

إضافة إلى مشاركة الكورد الفيليين للشعب الكوردي في العراق ككل في التطلعات والطموحات القومية العامة المشتركة...

فان للكورد الفيلية (وبقية الكورد المقيمين خارج كوردستان) قضايا لها خصوصيات عديدة تتطلب نظرة وتقييما وحلولا محددة قد تختلف عن تلك التي تتعلق بقضايا كوردستان . يمكن ذكر ما يلي من بين أهم هذه الخصوصيات ما يلي :

- مكان الإقامة : الغالبية العظمى من الكورد الفيليين تقطن خارج كوردستان العراق ، في بغداد خاصة في وسط وجنوبي العراق . لذا ترتبت على ذلك نتائج وتبعات كثيرة ، أكثرها سلبية وبعضها ايجابي ، من بينها :

أ ـ تعرضهم بشكل مباشر ولدرجات اكبر للتمييز والتفرقة والضغوطات والمضايقات في مختلف مجالات الحياة وللصهر القومي القسري على يد سلطات الدولة العراقية خلال فترات طويلة أشدها قسوة في السبعينات والثمانينات .

ب ـ تعرضهم لضغوطات غير مباشرة اجتماعية واقتصادية وثقافية ونفسية (إكراه غير مباشر) وفي مجال العمل والتعليم والدراسة وغيرها تضغط عليهم لإخفاء انتمائهم وهويتهم القومية ولغتهم الكوردية، وأحيانا حتى الادعاء بأنهم عرب ، لتجنب التعرض لهذه الضغوطات ومن اجل أن يتم قبولهم من قبل القومية السائدة في محيطهم اللا كوردي .

ج ـ اعتبار المقيمين منهم في المركز (غالبية الكورد الفيليين) خطرا مباشرا على النظام السابق بسبب عددهم السكاني وقوتهم الاقتصادية والتجارية وحجم النخب السياسية والتكنوقراطية عندهم .

د ـ النظر للمشاركة الفاعلة للكورد الفيليين في الحركة التحررية الكوردستانية وبقية قوى المعارضة العراقية كخطر مباشر على النظام الصدامي ، مما ادى بدوره إلى شدة قسوة وعداء ذلك النظام الدكتاتوري ضدهم .

- تجريدهم من المواطنة ومصادرة جميع الوثائق الثبوتية العراقية: تعرض الكورد الفيليون لمشاكل يومية ومعاناة سيكولوجية واقتصادية واجتماعية وثقافية مستمرة بسبب التشكيك بمواطنتهم العراقية لمبررات شوفينية ، تطغي عليها عقدة الاستعلاء ، وتجريد القسم الأكبر منهم من المواطنة ، بحجج مثل (الأصل والتبعية) ( حسب قانون الجنسية العتيق الذي سُنَّ بعد خلق دولة العراق الحالية فَقَدَ كل العراقيين عراقيتهم وصاروا جميعهم تابعين لدولتين اجنبيتين هما تركيا وريثة الإمبراطورية العثمانية ، وإيران وريثة الإمبراطورية الصفوية، لذا تم تقسيم العراقيين إلى تبعية عثمانية وتبعية إيرانية) واصبحت التبعية الأولى دليل الأصالة والثانية الشك في الولاء للوطن.

- التسفيرات والتطهير العرقي : نظرة دولة العراق التي كانت تسيطر عليها النخبة السياسية ذات التبعية العثمانية للكورد الفيليين كغرباء عن العراق وتعاملت معهم كأجانب غير مرحب بهم لأسباب قومية وشوفينية وسياسية (على رأسها تبعات الصراع الطويل بين الإمبراطوريتين الصفوية والعثمانية للسيطرة على بلاد ما بين النهرين) واقتصادية وغيرها رغم ان الكثيرين منهم كانوا، قبل تجريدهم منها ، يحملون شهادة الجنسية العراقية من (التبعية العثمانية) او مسجلين في تعداد النفوس منذ إحصائيات النفوس الأولى ومن بينها سنة 1947 وما بعدها . تم تنفيذ سياسات التسفير والصهر العرقي والإبادة بأساليب متنوعة (من بينها استعمالهم وهم أحياء عند إجراء التجارب على الأسلحة الجرثومية والكيمياوية قبل استخدامها في حلبجة وغيرها في كوردستان ، او سحب دمائهم لاعطائها لجرحى الحرب العراقية الايرانية - وهاتان الجريمتان تبوبان كجرائم ضد الانسانية) جرت هذه التسفيرات بموجات اختلفت في شدتها حسب أفكار وسياسات ومواقف الحكومات العراقية المختلفة ، كانت أشدها وأكثرها قسوة ولا إنسانية حملات التسفير في بداية الثمانينات والتي سبقتها حملات اخرى اعوام 1969 و1970-1972 .

- رسم الحدود الدولية : تواجد الكورد الفيليون على طرفي الحدود بعد رسم الحدود الدولية بشكل اعتباطي وكنتيجة للحروب بين الإمبراطوريتين العثمانية والصفوية والتشدد في فرض هذه الحدود ومراقبتها وتحولها إلى مناطق عسكرية ، مزق عوائلهم وسبب لهم مشاكل جمة خاصة في أوقات توتر العلاقات ومن ثم الحرب (1980-1988) بين الحكومتين العراقية والإيرانية . كما استغلت القوى القومية المتطرفة هذا الواقع لإثارة الشكوك حول مواطنة وولاء الكورد الفيليين للعراق وإثارة الضغينة والحساسيات ضدهم .

- التعدديـة والتنافس : التعددية والتنافس هما من بين مستلزمات الديمقراطية شرط أن لا تؤدي إلى الاحتراب بل إلى قبول واحترام الآخر والتعاون والتضامن ووحدة الصف على القضايا العامة الرئيسية والأساسية ، خاصة في الأوقات العصيبة والمصيري .

المصدر: مؤسسة شفق، 4/9/2010