الكوتا النيابية افضل سبيل لاحقاق الحق الفيلي

عبد الجبار كريم / الكوتا فرصة لاصلاح وضع غير طبيعي حتى وان بدا نظام الكوتا غير مثالي ولكنه مهم لفترة ما على الأقل...

ماذا يعني نظام الكوتا شروطه وقواعده واحكامه ، وما هي ضروراته بالنسبة لبعض الاقليات والشرائح المجتمعية ، ولماذا يعتبر هو الحل المطلوب للكورد الفيليين الان على الاقل وان لم يبدو حلا مثاليا ؟ هذه التساؤلات وغيرها من المؤكد تثار عندما يطرح نظام الكوتا وضروراته الان بالنسبة للفيليين في العراق ، خاصة بعد عجز هذه الشريحة التي تعد من اكبر الاقليات في المجتمع العراقي من ايصال ولو مندوب واحد الى قبة البرلمان في الانتخابات الاخيرة مع ان استحقاقهم النيابي هو اكثر من مقعد نظرا لحجمعهم الكبير فيما تمكنت شرائح مجتمعية عراقية اصغر مثل الشبك والايزديين على سبيل المثال من ضمان تمثيلهم في البرلمان العراقي الجديد عبر نظام الكوتا . ماذا يعني نظام الكوتا ؟ يعتبر نظام الكوتا امر مهم بالنسبة للشرائح المجتمعية التي لاتستطيع لظروف معينة من ايصال مندوبيها الى البرلمان رغم استحقاقها الانتخابي من حيث عددها الذي يزيد عن العدد المطلوب لوجود ممثلين عنها في البرلمان ، كأن تكون شريحة غير متضامنة فيما بينها وتنتابها خلافات جمة تحول دون تحقيق طموحاتها المشروعة ، او تتعرض لظروف معينة من خارجها تحول دون تحقيق امالها وطموحاتها ، او لعدم نضح الوعي الحضاري الذي يكفل لكل ذي حق حقه ، مثلما هو الحال بالنسبة للكوتا النيابية للنساء العراقيات الذي يفرض 25 بالمائة من مجمل عدد مقاعد البرلمان العراقي . من هنا فان نظام الكوتا يعتبر امر مهم ومناسب لضمان حقوق الاقليات وتصحيح المعادلة الانتخابية وان بدا في بعض جوانبه غير مثالي ولكنه ضروري لفترة من الزمن على الاقل لتصيح وضع شاذ او معادلة مختلة في تحقيق المساواة وضمان حقوق مختلف الشرائح وطبقات المجتمع . وبالنسبة للشريحة الفيلية ونظرا لتشتت وتعدد الولاءات والميول والاتجاهات لديها وتوزعها على اكثر من جهة بعضها غير معنية بالفيلية من قريب او بعيد ، وكذلك لعدم انتظام هذه الشريحة في منظمات معنية بشكل مباشر بالشأن الفيلي ، ولحداثة التجربة السياسية من حيث المطالبة بالحقوق رغم الحضور الواسع والتضحيات الكبيرة التي قدمها الفيليون في عهود مختلفة ، ولشروط انتخابية من حيث الوثائق المطلوبة للمشاركة في الانتخابات واسباب عديدة اخرى حالت دون تمكن المجتمع الفيلي من تحقيق حضوره في البرلمان ، ولو بقيت الحالة على ماهي عليها الان لتكرر الحرمان الفيلي في الانتخابات القادمة او يكون التمثيل اقل من الاستحقاق الانتخابي والذي سيتاكد اكثر بعد اجراء التعداد السكاني العام . العراقيل المتوقعة لتطبيق الكوتا بالنسبة للفيليين هناك العديد من العراقيل التي يمكن ان نحتملها ونتوقعها في طريق تطبيق نظام الكوتا على الفيليين . اولى هذه العراقيل هم بعض الفيليين انفسهم حيث يجد في هذا النظام نوع من التمكين واظهار ضعف الكيان الذي يراد مساعدته للوصول الى قبة البرلمان . ثاني هذه العراقيل المتوقعة هي بعض الجهات التنظيمية والاحزاب الفيلية التي تخشى هذا النظام لانها قد تجد فيه نوعا من اضعاف لدورها السياسي في المجتمع الفيلي وتقليص لبعض طموحاتها وتطلعاتها في تمثيل الفيليين ومحاولتها ابراز دورها في تحقيق بعض اهداف الفيليين وليس الاقتصار على عدد محدد سلفا من دخول البرلمان بمعزل عن حجم الاصوات التي تحصل عليها ان كانت كافية او لا . ولعل ثالث هذه العراقيل المحتملة والمتوقعة ان تاتي من اقليم كوردستان والذي قد يجد في اعطاء الكوتا للكورد الفيليين اضعاف من مكانة كوردستان وتصديع لبنيانها والذي تجد في حرمانهم من هذا الحق ابرز واضمن لحقوق الكورد من اعطاء شريحة منهم الكوتا لغرض تاهيلهم ودمجهم في العملية السياسية ، وتتهم بعض القوى الفيلية قيادة كوردستان بانها ساهمت في حرمان الفيلييين من حقهم الانتخابي عبر مساومات سياسية مع هذا او ذاك ، كما جاء ذلك في بيان صادر من قبل ثلاثة منظمات فيلية يقول : (تمت المساومة على حقوق الكورد الفيلية عند اتخاذ القرار المتعلق بنظام "الكوتا" وحُرموا من حقهم في الحصول على تمثيل مشروع وعادل لهم في مجلس النواب العراقي ومجالس المحافظات التي لهم فيها حضور ملموس، أسوة بأشقائهم من الكورد الايزيديين والشبك وإخوتهم من المسيحيين والصابئة المندائيين) من بيان الاتحاد الديمقراطي الكوردي الفيلي ـ البرلمان الكوردي الفيلي العراقي ـ منظمة الكورد الفيليين الاحرار الصادر بتاريخ ( 20 – 8 – 2009 ) . رابع هذه العراقيل المحتملة هي القوى العربية والاسلامية التي تفضل تذويب هذه الشريحة في وجوداتها بدلا من تكتلهم كاقلية ذات حقوق محددة على غرار سائر الاقليات الدينية والقومية في العراق ، وتفضل بعض هذه الاحزاب الدق على الخطاب الديني في استمالة الشريحة الفيلية بدلا من تركيز ذاتها على اسس واعتبارات اخرى قد لاتجد فيها مصلحتها على المدى البعيد ، وربما ترى في اعطاء الكوتا للفيليين تعزيز وتوسيع لعدد المقاعد الممنوحة لكل الكورد في العراق ، حيث تضاف مقاعد للمحسوبين على الكورد من جهة ويتعامل معهم كاقليات دينية او عرقية وفق نظام الكوتا من جهة اخرى . نظام الكوتا ضرورة فيلية كشفت الانتخابات البرلمانية الاخيرة عن جملة امور لم تكن بهذا الوضوح في الماضي وستكون اكثر وضوحا وجلاء في المستقبل . ومن بين هذه الامور التي كشفتها الانتخابات وجود تقدم على صعيد الحضور الفيلي في الساحة وفي العملية السياسية رغم ان هذا الحضور لم يصل الى مستوى دخول المرشحين الفيليين الى قبة البرلمان من جميع القوائم التي ترشح عنها الفيليون . ومن بين مظاهر التقدم الحاصل على الصعيد الفيلي المشاركة في الانتخابات ولاول مرة باسم القائمة الفيلية التي ترشحت عن المؤتمر الوطني العام للكورد الفيليين ضمن الكتلة المرقمة 197 ولكن لكثرة عدد المرشحين حتى في داخل القائمة الواحدة قد شتت اصوات الناخبين وبالتالي حالت دون صعود أي من الفيليين الى عضوية البرلمان العراقي حالهم حال حتى الاحزاب العراقية العريقة في بغداد والتي فقدت فرصة الدخول حتى الى قبة البرلمان . ومن المظاهر التي اثارتها الانتخابات الاخيرة ضرورة تخصيص نظام الكوتا للفيليين على غرار العراقيين الاخرين طالما لم ينتظم الفيليون ضمن كيانات سياسية تؤهلهم للدخول الى البرلمان والى مؤسسات الدولة الاخرى التي تتم عبر صناديق الاقتراع المباشر ، خاصة وان الفيليين ليسوا حزبا او تجمعا سياسيا وانما عرق اجتماعي ومكون تاريخي عراقي عريق قدم وبذل من وجوده اكثر مما جنى ، وان الخصوصيات المطلوبة لمن يحق له الدخول في نظام الكوتا يبدو متوفرة وجلية ، وان الانتخابات البرلمانية الاخيرة اكبر شاهد على ذلك . اذا تمكن الفيليون في غضون السنوات القادمة ان يكرسوا وجودهم وحقوقهم ضمن انساق الدولة والمجتمع وفي الدستور ، بعد ارتفاع وعيهم الانتخابي ، واستقرار المعادلة الانتخابية لديهم ، يمكن عند ذاك الغاء نظام الكوتا واعتماد مايصدر عن صناديق الاقتراع حالهم حال الاخرين من ابناء الشعب . هذه دعوة تحتاج الى تمحيص وتدقيق عاليين للوصول الى مانتوخاه جميعا بحصول الكورد الفيليين على حقوقهم كاملة وغير منقوصة ولو عبر نظام الكوتا ، ليس على صعيد البرلمان وحسب بل في مختلف المجالس والمواقع التي يتطلب مشاركة كل اطياف وطبقات المجتمع العراقي .

المصدر: مؤسسة شفق، 15/8/2010