جوازات السفر العراقية، وتجاوز مدير السفر والجوازات على الدستور

قبل شهرين زرت بغداد بعد آخر زيارة عام 2004م، ولم اترك محلة او منطقة لم ازرها، فمن الروضة الكاظمية المقدسة واللقاء مع الامين العام السيد فاضل علي الانباري الى جكوك وكنت قد كتبت عنها عندما زارتها الممثلة المشهورة انجيلينو جولي، فقلت لنفسي: (ليش انجيلينو، عراقية اكثر مني؟) ، وبعدها الى الدورة وكراج الامانة والبلديات والفضيلية، والبتاويين فالكرادة داخل والخارج، وشارع 52 وتل محمد جامع السامرائي وشارع فلسطين، والجامعة المستنصرية، وحديقة الحيوان التي انتقلت بقدرة قادر الى الجانب الايمن من الشارع الذي يربط بين ساحة عنتر وكليتي القانون والسياسة، والادارة والاقتصاد، وطبعا كان للاعظمية والامام الاعظم متسعا من الوقت للزيارة لانتقل الى كمب الكيلاني ثم منطقة الغدير، اما شارع المتنبي فكانت له حصة الاسد بزيارات متعددة، لاشبع من رائحة الكتب والمجلدات واقتناء ما استطعت حمله لاضيفه الى مكتبتي الصغيرة في المهجر. اما الباب الشرقي فقد تفقدته مرات لانه يذكرني بايام الشباب ولي فيه ذكريات جميلة. واردت مقابلة السيد وزير الداخلية الاستاذ جواد البولاني، نزولا عند رغبة وتوصيات الكثير من الاخوة والاخوات العراقيين في المهجر، بسبب معرفتهم بلقاء وفد الجمعية العراقية الامريكية معه في واشنطن في 25 تموز 2009 ( ضمن الوفد المرافق لدولة رئيس الوزراء الاستاذ نوري المالكي والسادة الوزراء هوشيار الزيباري وزير الخارجية والسيد عبد القادر العبيدي وزير الدفاع والمستشار الاقتصادي السيد الاعرجي ومستشاري السيد رئيس الوزراء السيد كاطع الركابي المستشار السياسي والسيد مجيد ياسين المستشار الاعلامي وبحضور الاستاذ سمير الصميدعي السفير العراقي لدى الولايات المتحدة الامريكية). وخاصة انه جلس الى جانبي على مائدتنا قبل وصول رئيس واعضاء الوفد بسبب لقاءات صحفية معهم. وقد اتصلنا مع السيد وزير الداخلية في بغداد لمقابلته، (وللظروف الامنية في البلد، وانشغال جميع المسؤولين دون استثناء بنتائج الانتخابات ومحاولة الجميع الفوز بقطعة من الكعكة العراقية الدسمة، والتحرك في كل الاتجاهات المرئية والمسموعة واللقاءات الجانبية والسرية، من اجل تثبيت موطئ قدم في الحكومة القادمة وطبعا موقع وزاري وهو اهم المواقع، ثم اللجان وهلُـمَّ جَـرّا). فلم يسعفنا الحظ بمقابلته، والغاية من المقابلة كانت بعد السلام موضوع واحد فقط، وهو الاستفسار عن اصدار الجوازات التي تم تنظيمها للعراقيين في المهجر (امريكا) من قبل السفارة العراقية قبل خمسة اشهر، وارسلت الى وزارة الخارجية العراقية في بغداد والتي بدورها قامت بتحويلها الى الداخلية/ مديرية السفر والجوازات لاكمال اصدارها، واعادتها الى وزارة الخارجية، والتي بدورها تعيدها الى السفارات حسب العائدية، ورغم الاجراء الروتيني بين الوزارات وخاصة الداخلية "طبعا لن نقول الرشوة" كما كتب غيرنا ومنها مقالة الكاتب عباس يوسف آل ماجد في 10 آب 2010 (مشكلة عراقية تسمى جواز السفر). الا انني فوجئت بتصريح عجيب غريب للسيد مدير الجوازات العميد نشأت ابراهيم الخفاجي اضعه امام انظار المسؤولين وخاصة السيد وزير الداخلية عسى ولعل يطلعون عليه، والنص كما نشره موقع عنكاوة: (( الجوازات : لايمنح العراقي جواز سفر اذا كان يحمل جوازاً اجنبياً
بتاريخ الخميس 12-08-2010 09:03 صباحا. (بغداد الاخبارية).. قال مدير الجوازات العامة في مديرية السفر والجنسية العميد نشأت ابراهيم الخفاجي انه لايمكن منح المواطن العراقي جواز سفر اذا كان يحمل جواز سفر اجنبياً الا اذا تم الغاء جواز سفره الاجنبي.واضاف الخفاجي في تصريح خص به(الوكالة الاخبارية للانباء)ان" المواطن العراقي الذي يحمل جواز سفر اجنبياً ليس له الحق في الحصول على جواز سفر عراقي الا بعد الغاء جواز سفره الاجنبي باعتباره يحمل جنسية اخرى غير العراقية. واوضح الخفاجي ان المواطن العراقي لايمكن منحه جوازين سفر الا في حالة انتهاء صفحات الجواز او تلفه اوصدروره كبدل ضائع عبر الاجراءات القانونية وصدور قرار قاضي من المحكمة المختصة بمنحه جواز سفر جديد بعد ارشفة الجواز القديم او الغائه.ودعا الخفاجي المواطنين العراقيين المقيمين في الخارج الى العودة الى العراق والحصول على الجوازات من داخل العراق، وهو بلدهم الاحوج اليهم لا دول الخارج واعتبار الخارج محطة سياحة وليس محطة غربة ومحطة لجوء)). سعادة وزير الداخلية المحترم: لا اعلم هل ان مرض الظهور امام الاعلام المرئي والصوتي والمكتوب قد وصل الى ان يصرح السيد العميد نشأت ابراهيم الخفاجي بمثل هذا التصريح؟ وهذا إن دل على شيء فانما يدل ان هذا العميد اضافة الى اخطائه في اللغة العربية في ستة اسطر (يعني نقول ميخالف ناسي). لكن ان يكون في موقع مدير الجوازات ويسميها بـ "الجوازات العامة" في مديرية السفر والجنسية. بالله عليكم أحد سمع بمديرية عامة في مديرية، (وهذه ايضا نمشيها هم ميخالف). ويقول: (اعتبار الخارج محطة سياحة وليس محطة غربة ومحطة لجوء)، فهل يستطيع الخفاجي هذا ان يوفر لهؤلاء الذين سماهم بالسواح مقر اقامة وامن واستقرار وعيش بسيط؟ والظاهر انه لا يعلم ان اكثر من خمسة ملايين عراقي يعيش في الخارج، والبعض يحمل جنسيتين!! (هم ميخالف) لكن أن يتجاوز السيد العميد نشأت ابراهيم الخفاجي على الدستور العراقي، ويعلن عدم منح جواز عراقي لمن يحمل جنسية بلد آخر.. فهذا قمة الجهل وعدم المعرفة بالدستور العراقي (يعني كفر في لغة القانون، عميد يتجاوز الدستور، يعني يتجاوز على البرلمان العراقي والرئاسات الجمهورية والوزارة والبرلمان!! أفليس هذا غريبا؟ أم ان السيد العميد مدفوع ليصرح مثل هذا التصريح، وهنا الطامة اكبر لانه يدخل في خانة التجاوز على القانون والبرلمان والرئاسات، وبالتالي يتجاوز على الشعب العراقي برمته الذي وافق على الدستور واعطى تضحيات جسيمة من الشهداء والدماء البريئة لاقرار هذا الدستور. وانقل اليك يا سيادة العميد نشأت ابراهيم الخفاجي نص المادة (18) من الدستور العراقي: اولا: (الجنسية العراقيةحق كل عراقي، وهي اساس مواطنته) ثانيا: (يعد عراقيا كل من ولد لاب عراقياو لام عراقية، وينظم ذلك بقانون). ثالثا: أ- يحظر اسقاط الجنسية العراقية عن العراقي بالولادة لأي سبب من الاسباب، ويحق لمن اسقطت عنه طلب استعادتها، وينظم ذلك بقانون.
ب- تسحب الجنسية العراقية من المتجنس بها في الحالات التي ينص عليها القانون. رابعا: يجوز تعدد الجنسية للعراقي، وعلى من يتولى منصبا سياديا او امنيا رفيعا، التخلي عن اية جنسية اخرى مكتسبة، وينظم ذلك بقانون. خامسا: لا تمنح الجنسية العراقية لاغراض سياسة التوطين السكاني المخل بالتركيبة السكانية في العراق. سادسا: تنظم احكام الجنسية بقانون، وينظر في الدعاوي الناشئة عنها من قبل المحاكم المختصة. ارجو من السيد العميد ان يقرأ الدستور جيدا لانه من واجبه الاساسي، وفي حالة عدم وجود وقت لديه فارجو ان يستنسخ هذه الرسالة ويضعها في برواز جميل فوق رأسه تحت صورة مسؤول الدولة. لكي لا ينسى الدستور والذي هو قانون الدولة العراقية الديمقراطية الجديدة، وبعدمه سارسل لك نسخة من الدستور العراقي مع نسخة مصورة من المادة 18 في برواز جميل هدية لك لكي تلتزم بالدستور العراقي وانت في موقعك الحساس. وبعضهم همس في أذني قائلا: جائز الاخ لا زال يحن الى النظام البائد وتجاوزاته الجائرة على الدستور؟ فقلت:
حاشا لله في ذلك!! ولكني اردت ان أذكر الاخ العميد ان مسؤولين في اعلى قمة الهرم القيادي في العراق، وسفراء يحملون جنسيتين وبعضهم اكثر، فانت لست احرص منهم على العراق الجديد. ونصيحة للاخ الوزير الاستاذ جواد البولاني، اذا بقي او لمن سيخلفه في الوزارة الجديدة وكل من سيستوزر مستقبلا: لتكن التعليمات مركزية في وزاراتكم، ومحاسبة المتجاوز على التعليمات بشدة، اما من يتجاوز على الدستور بحق المواطن العراقي في اي بقعة من العالم، فيجب ان يكون حسابه عسير، ويحال على التقاعد، لانه لا يواكب التطورات، بالعربي الفصيح (لا يقرأ ولا يسمع ولا يرى). سيادة الوزير جواد البولاني المحترم: ارجو ان تعطي موضوع اكمال الجوازات لاخوانك العراقيين في المهجر بعضا من وقتك، لانهم على احر من الجمر لزيارة العراق الحبيب. واقتراح للمستقبل ان يكون هناك تنسيق متكامل بين وزارة الداخلية ووزارة الخارجية من اجل خدمة المواطن العراقي في اصقاع العالم، كأن يمثل موظف وزارة الداخلية في السفارات العراقية لاصدار الجوازات وهويات الاحوال المدنية وشهادات الجنسية العراقية وكل ما يتعلق بوزارتكم الموقرة. ولا حجج بالتزوير (الذي اصبح اليوم مزمار جحا)، اذا ما تم تطبيق القانون وفق الدستور العراقي. وليعلم من ينفخ في قربة مثقوبة من المتشدقين بالبهرجة والوطنية العراقية، ان العراق الجديد هو للجميع مسلم مسيحي صابئي يهودي فارسي وفقا للدستور سواء كان في الداخل او الخارج، ومن حق المهاجر ان يحصل على حقوقه كاملة غير منقوصة وفقا للدستور العراقي.

يوسف داود
رئيس الجمعية العراقية الامريكية

المصدر: صوت العراق، 14/8/2010