متى وهل ستصير الأقوال أفعالا والوعود أعمالا؟

دأبنا على سماع كلمات التضامن والتعاطف من الساسة العراقيين من العرب والكرد ووصفهم لما حل بالكرد الفيلية بـ"المآسي" وتأكيداتهم على أن لا أحد من القوى الكثيرة داخل العراق وخارجه يلتفت إلى الجريمة التي ارتكبت بحقهم وعلى أنهم لم يحصلوا بعد سقوط النظام البائد ولحد ألان على حقوقهم المشروعة ولازالوا يعانون من مشاكل عديدة وسمعنا مطالبهم من الجهات المعنية في حكومتي العراق وإقليم كردستان بالعمل بجدية لحل تلك المشاكل لتلعب هذه الشريحة دورها الفاعل في العراق الجديد ودعواتهم لإنصافهم. وسمعنا وعودهم بأن حل مشاكل الكرد الفيلية وعلى الخصوص مشكلة استرداد الجنسية العراقية والأموال والأملاك المحجوزة من قبل النظام البائد ستكون من أولويات مهام وواجبات القائمة الكردستانية وذلك للمواقف القومية المشرفة لهذه الشريحة ودورهم البارز في الثورات الكردية (راجع الهامشين (أ) و (ب) أدناه).

واعتاد الساسة العراقيون، عربا وكردا، على ألتأكيد المستمر بان ما حل بالكرد الفيلية هو "مأساة غدت واحدة من أفدح الجرائم التي ارتكبها نظام الجور والاستبداد"، ودأبوا على الاعتراف بأنهم مقصرون بحق هذه الشريحة وإعادة حقوقها التي يكفلها الدستور والقانون وتأريخها وعراقيتها، داعين "الحكومة والبرلمان المقبلين، إلى العمل من اجل إنصاف ضحايا الجرائم التي ارتكبت بحق الكرد الفيلية في عهد النظام السابق"، وهم، هؤلاء الساسة، مَن يحكم في بغداد ويدير دفة الأمور في اربيل. (راجع الهامشين (أ) و (ب) أدناه). ولكن رغم كل هذه التأكيدات والاعترافات وغيرها من الكلام الجميل الذي يقال هنا وهناك ويُصرح به هؤلاء الساسة بين الحين والآخر، مازالت حقوق شريحتنا الكردية الفيلية مهضومة ومهملة وضائعة وأصبحت دماء شهدائنا الأبرار جملا تزويقية وتعابير لتزيين الكلمات والتصريحات وسلما للبعض للصعود والتسلق وحين يعلو يتناسى هذا البعض دمائهم الزكية التي هي أكبر دليل على تضحيات هؤلاء الشهداء وشريحتهم وحبهم للعراق وهي أيضا أغلى هدية قدموها لوطنهم وشعبهم.

في الوقت الذي نشكر فيه الساسة الكردستانيين والعراقيين الذين عبروا عن تضامنهم وتعاطفهم، نريد أن نرى كلماتهم التضامنية وتعاطفهم تترجم إلى إعمال حين يأتي وقت العمل، ونود أن نلمس تنفذا لتلك الوعود، المثبتة في وثائق مؤتمرات المعارضة العراقية قبل السقوط وفي تصريحات وكلمات المسئولين الكردستانيين والعراقيين منذ 2003، ونأمل أن تتحول إلى أفعال إثناء الجلوس حول مائدة المفاوضات بين الكتل البرلمانية. كما نتمنى أيضا أن تتحول هذه الوعود ويتحول هذا التضامن والتعاطف إلى فقرات ملزمة ضمن برنامج الحكومة التي سيتم تشكيلها.

فهل هناك مؤشرات تدل على احتمال ترجمة تلك الكلمات إلى أعمال وتلك الوعود إلى أفعال؟ ما سندرجه أدناه يلقي ضوءا على البعض من مثل هذه المؤشرات.

1- يخلو البيان الختامي للمؤتمر الثالث للاتحاد الوطني الكردستاني من ذكر "مأساة تهجير وتغييب الكرد الفيليين، وهي مأساة غدت واحدة من أفدح الجرائم التي ارتكبها نظام الجور والاستبداد" من "نهبت أموالهم وممتلكاتهم وتركوا على الحدود عرضة لمصير مجهول، ومن تبقى منهم رُحَّل إلى سجن نقرة السلمان الرهيب والى سجون أخرى واختفى الكثيرون منهم ومازال مصيرهم مجهولا حتى اليوم مما يدل على "عدم التفات إلى الجريمة التي ارتكبت بحق الفيليين". (راجع الهامش (أ) أدناه).

2- تخلو اللجنة القيادية والمجلس المركزي للاتحاد الوطني الكردستاني من المشاركين الأصليين في تأسيس ألاتحاد الوطني الكردستاني من الكرد الفيلية.

3- تخلو حكومة إقليم كردستان من أي وزير كردي فيلي بخلاف ما جرى سابقا.

4- لا يُدعى الكرد الفيلية، أشخاصا أو منظمات، إلى المؤتمرات والكونفرنسات والاحتفاليات والفعاليات الأخرى التي تقام في إقليم كردستان من قبل الحكومة في مختلف المناسبات التي تتعلق بقضايا تشملهم مباشرة أو بشكل غير مباشر. لا داعي لذكره هنا لكثرتها.

5- تمت المساومة على حقوق الكرد الفيلية عند اتخاذ القرار المتعلق بنظام "الكوتا" وحُرموا من حقهم في الحصول على تمثيل مشروع وعادل لهم في مجلس النواب العراقي ومجالس المحافظات التي لهم فيها حضور ملموس، أسوة بأشقائهم من الكرد الايزيديين والشبك وإخوتهم من المسيحيين والصابئة المندائيين.

6- لم تجري أية محاولة، مثل عقد كونفرانس للكورد الفيلية أو صدور بيانات من قبل فخامة رئيس الجمهورية وفخامة رئيس إقليم كردستان ودولة رئيس وزراء الإقليم، لكسب أصوات الكرد الفيلية في انتخابات مجلس النواب 2010 خلاف ما جرى في الانتخابات السابقة.

7- لم نسمع لحد ألآن ورغم طلبنا في بيان سابق بان الوفد الكردستاني قد طرح فعلا أو سيطرح في لقاءاته مع الكتل الأخرى مشاكل الكرد الفيلية ولم نسمع لحد ألآن بان ضمن مطالب الوفد مطلبا يتعلق بإعادة حقوق الكرد الفيلية وإنصافهم وإدخال ذلك ضمن برنامج الحكومة القادمة، مع العلم بأنه سبق وأن وعد عضو الوفد الكردستاني المفاوض د. محمود عثمان من التحالف الكردستاني الحاكم في اربيل "أن حل مشاكل الكورد الفيليين وعلى الخصوص مشكلة استرداد الجنسية العراقية والأموال والأملاك المحجوزة من قبل النظام البائد "ستكون من أولويات مهام وواجبات القائمة الكوردستانية" وذلك للمواقف القومية المشرفة لهذه الشريحة ودورهم البارز في الثورات الكوردية"، "وطالب سيادته الجهات المعنية في حكومتي العراق وإقليم كوردستان بالعمل بجدية لحل تلك المشاكل لتلعب هذه الشريحة دورها الفاعل في العراق الجديد". (راجع الهامش (ب) أدناه).

8- بما أن قضية الكرد الفيلية هي قضية سياسية نتجت عن قرارات سياسية اتخذها النظام السابق على أعلى المستويات، لم تبذل أي من القوى السياسية الكردستانية والعراقية لا في بغداد ولا في اربيل جهودا جدية لإصدار قرارات سياسية بعد 2003 لإعادة الحقوق الأساسية المصادرة من شريحتنا وهي التي كان بيدها زمام السلطتين التنفيذية (مجلس رئاسة الجمهورية ومجلس الوزراء) والتشريعية (مجلس النواب) منذ سقوط ذلك النظام الجائر.

9- وهناك العديد من المواقف والوقائع الأخرى في نفس هذا الاتجاه والذي لا نريد ذكره هنا.

يتساءل الكثيرون، ونحن من ضمنهم، هل تخلت القيادة الكردستانية في الواقع العملي عن الكرد الفيلية والدفاع عن حقوقهم المشروعة وقضاياهم العادلة ومشاكلهم ألآن في زمن الظفر والقطاف؟ نتمنى أن نكون مخطئين ولكن للواقع صوت مدوي أقوى بكثير من صوت التمني والأمل. صَبَرنا سبع سنون عجاف ولم نظفر بشيء ولم نقطف ثمار تضحياتنا وخسائرنا الجسام و"مآسينا" ومواقفنا "القومية المشرفة" ودورنا "البارز في الثورات الكوردية".

شبعنا حتى التخمة من التصريحات والوعود التي أعطاها الساسة العراقيين من عرب وكرد لشريحتنا خلال السنون السبع العجاف الماضية. إن ما ننتظره ونتوقعه ألآن من ساستنا هو إن يكونوا بمستوى المسؤولية الوطنية والتاريخية والإنسانية وأن يلتزموا بما يقولون ويصرحون وأن يوفوا بما وعدوا ويعيدوا لشريحتنا الوفية حقوقها التي اغتصبها منها النظام السابق بقرارات سياسية ملزمة وقوانين تُطبَق.

الاتحاد الديمقراطي الكوردي ألفيلي
24/6/2010

البريد الالكتروني: info@faylee.org
الموقع: www.faylee.org

الهوامش:
(أ) السومرية نيوز/ 18/5/2010 بغداد - دعا رئيس الجمهورية جلال الطالباني، اليوم السبت، الحكومة والبرلمان المقبلين، إلى العمل من اجل إنصاف ضحايا الجرائم التي ارتكبت بحق الكرد الفيلية في عهد النظام السابق، وإعادة حقوقهم كاملة، وجاء في الكلمة أنه "في هذه الأيام تمر ذكرى مرور ثلاثين عاما على مأساة تهجير وتغييب الكرد الفيليين، وهي مأساة غدت واحدة من أفدح الجرائم التي ارتكبها نظام الجور والاستبداد".
وجاء في الكلمة أنه "في هذه الأيام تمر ذكرى مرور ثلاثين عاما على مأساة تهجير وتغييب الكرد الفيليين، وهي مأساة غدت واحدة من أفدح الجرائم التي ارتكبها نظام الجور والاستبداد". "نهبت أموالهم وممتلكاتهم وتركوا على الحدود عرضة لمصير مجهول، ومن تبقى منهم رُحَّل إلى سجن نقرة السلمان الرهيب والى سجون أخرى واختفى الكثيرون منهم ومازال مصيرهم مجهولا حتى اليوم". "الجريمة التي ارتكبها النظام السابق بحق الكرد الفيليين جاءت بدافع أحقاد قومية وطائفية في سياق حملة ترويع شاملة ضد كل العراقيين"، معربا عن أسفه "لعدم التفات قوى كثيرة خارج العراق إلى الجريمة التي ارتكبت بحق الفيليين".
(ب) صرح الدكتور محمود عثمان عضو مجلس النواب العراقي عن قائمة التحالف الكوردستاني "أن حل مشاكل الكورد الفيليين وعلى الخصوص مشكلة استرداد الجنسية العراقية والأموال والأملاك المحجوزة من قبل النظام البائد ستكون من أولويات مهام وواجبات القائمة الكوردستانية وذلك للمواقف القومية المشرفة لهذه الشريحة ودورهم البارز في الثورات الكوردية ؛ وأكد سيادته على أن الكورد الفيليين جزء لا يتجزأ من الشعب الكوردي وعلى القيادة الكوردستانية وقائمة التحالف الكوردستاني دعمهم والعمل على حل مشاكلهم كسائر أبناء شعب كوردستان . وشدد عثمان على أن الكورد الفيليين لم يحصلوا بعد سقوط النظام البائد ولحد ألان على حقوقهم المشروعة ولازالوا يعانون من مشاكل عديدة وطالب سيادته الجهات المعنية في حكومتي العراق وإقليم كوردستان بالعمل بجدية لحل تلك المشاكل لتلعب هذه الشريحة دورها الفاعل في العراق الجديد ." (موقع مؤسسة شفق للثقافة والإعلام للكورد الفيليين، 15/2/2010).