لماذا على الكوردي الفيلي ان يصبر وغيره يظفر ؟

ان من الصفات الجيدة التي يجب ان يتحلى بها الانسان ، هو الصبر على المصائب وعلى صنوف المحن سواء أكانت تلك المصائب في المال او الاهل او البدن...

وقد عرّف العلماء الصبر بأنه (السكون عند تجرع خصص البلية) ، وان الكورد الفيليين انموذج لهذه الكلمة ومالها من معنى ، فقد صبروا عند الصدمات والازمات وان ماحصل بهم خير دليل على صبرهم ، وقد تحملوا كل شيء من صنوف المصائب والمحن في الاهل والمال والبدن ، وقد قال العلماء والحكماء في الصبر الشيء الكثير ، وقد رويت قصص واحاديث عن الصبر ، وما نال الصابرون من صبرهم وكيف تحملوا من الصعاب ، فلم تكن بمقدار ما صبر عليه الكورد الفيليون فانهم يمثلون اروع صورة تجسد الصبر ، فقد صبروا اياما وسنوات ، صبروا على فقد الاحبة والابناء وعلى خسارة الصحة والاموال ، صبروا على فقد هويتهم وانسانيتهم وتغيبهم وعلى شتى انواع الاذى والحرمان ، صبروا على ممارسات التعذيب والمعاملات الوحشية من العصابات الشوفينية ، فقد كانوا في وطنهم محرومين ، وخارجه مظلومين ، فلم يكن لهم اي ذنب سوى انهم محبون ومخلصون لقوميتهم ودينهم وبلدهم في وطن احاطت به الويلات والنكبات ودمرته الحروب الرعناء والخرقاء ، والتي لم يحصد منها سوى الخراب والدمار وهدم للمستقبل بسبب مجموعة من الشوفينيين الاغبياء الذين لايملكون اي ضمير انساني واي وعي ثقافي الامر الذي جعلهم وحوشا كاسرة وقطاع طرق ومجرمين يفتكون بكل من حولهم لاشباع نفوسهم المريضة ورغباتهم الشريرة واهدافهم الخبيثة على حساب الاخرين ، وبسبب انعدام الانسانية عند هؤلاء الشوفينيين اصبحوا متمرسين في الجريمة ، محبين للرذيلة واقصاء الاخر ، وانهم كانوا يضنون في هذه الاهداف الهمجية والوحشية ان يضمنوا بقاءهم ، ويتوسعوا في نفوذهم على حساب غيرهم ، وأول ضحايهم هم الكورد الفيليون ، من اجل اسباب عرقية كالقومية ، ودينية كالمذهب ، بالاضافة للطمع الذي كان يمتلكه الشوفينيون مما دفعهم الى سلب اموال الكورد الفيليين من بيوت واراض ومحال تجارية ، وكذلك سلب مواطنتهم في هذا البلد ، وحتى في وقتنا الحاضر هناك بقايا من اولئك المجرمين الذين يسعون الى تلك الاهداف البعيدة عن القيم الانسانية والاخلاقية ، فقد اعتاد الشوفينيون ان ينظروا الى الكورد الفيليين بنظرة حقد وانانية ولايريدون للكورد الفيليين ان تكون لهم أية مشاركة ودور فاعل في الجانب السياسي والثقافي والاقتصادي وغيرها من جوانب الحياة في العراق الجديد ، وبعد كل هذا العذاب والظلم وما تجرعوه من مآس ، ألم يحن الوقت للكورد الفيليين ان يكونوا كغيرهم من الناس في المساواة والحقوق ، وان يتمتعوا بكافة الحقوق والحريات المنصوص عليها في الدستور العراقي بلا تمييز في العرق والجنس واللغة والدين والمعتقد السياسي او الانتماء القومي او الاجتماعي او الطبقي او الطائفي ، فاذا كان الدستور والقوانين الموجودة فيه تضمن لهم تلك الحقوق فلماذا هذا التهميش ؟ ولماذا هناك امتيازات تشمل غيرهم ولا تشملهم ؟ ولماذا على الكوردي الفيلي ان يصبر وغيره يظفر ؟ هذه التساؤلات تدور في اذهان وخواطر الكورد الفيليين ، لذا يجب على المسؤولين في البرلمان والحكومة التي ستشكل ان تكون بالمستوى المطلوب تجاه الكورد الفيليين فيما يخص اعادة حقوقهم المادية والشخصية ، وتأمين حياة تليق بهم من وظائف ومساكن للموجودين والذين سيعودون منهم في المستقبل بشكل يتلاءم مع حجم المعاناة التي عانوها .

ياسر عماد

المصدر: مؤسسة شفق، 17/6/2010