الطفولة في العراق والواقع المأساوي

في عصر كل يوم عادة في الاحياء العراقية يقوم مجموعة من الاطفال باللعب في الازقة والشوارع ، وفي احدى الاحياء في بغداد كان هناك عدد من الاطفال يلعبون...

ومن بينهم طفلة اسمها (هدى) لم يتجاوز عمرها الخامسة واثناء اللعب وبعد مرور الوقت بدأ الاطفال يعودون الى بيوتهم ، ولم يبق مع الطفلة (هدى) الا طفل واحد لينظر الى الشارع فيرى اباه عائدا من العمل فيسرع راكضا متوجها اليه ، ويقوم الاب بتقبيله واعطاءه شيئا من الحلوى ، ليتبادر الى ذهن الطفلة (هدى) سؤال اين ابي ؟ فتقوم بالاسراع في الدخول الى البيت ، وتقول لأمها اين ابي ؟ لما لم يات ؟ ماذا حصل له ، لتنحدر دمعات الأم من عينيها وهي كفيلة بالجواب ، بان اباها لايعود فقد قضى قبل ثلاثة اشهر بانفجار . هذا هو حال الطفولة في العراق وماتعانيه من قتل وتشريد واستغلال وانتهاكات جنسية تعتبر الاقسى والاصعب في العالم ، فمنذ 7 سنوات يعيش الطفل العراقي هذه المعانات المريرة بسبب عدم الاستقرار وتردي الوضع الامني ، ومشاهد الحروب والعنف والقتل اليومي الذي مزّق الطفولة في العراق ، وقد ادت هذه الاوضاع والكوراث التي حلت بالاطفال بسلب حقوقهم وجعلهم يتسولون في الشوارع والاسواق ، والقيام باعمال لاتناسب اعمارهم ولاتليق بهم ، وقد اشارت منظمة الطفولة (اليونيسيف) التابعة للامم المتحدة ان حياة الملايين من اطفال العراق مازالت مهددة بالخطر بسبب العنف وسوء التغذية وقلة المياه الصالحة للشرب ، لذلك تشير تقارير اخرى لليونيسيف بان نسبة وفيات الاطفال في العراق هي الاعلى من بين دول العالم ، وان (1) من هؤلاء الاطفال يموت قبل بلوغه سن الخامسة ، وان هذه الوفيات تزداد كل شهر . لذا يجب على الحكومة والبرلمان العراقي المقبل بان يقوموا بالمبادرة ووضع حلول سريعة لمعالجة المشاكل التي يعاني منها الطفل العراقي ، ومن هذه الحلول اقامة جمعيات تقوم برعاية الاطفال المتضررين من الحروب واعمال العنف ، واقامة دور الحضانة ورياض الاطفال المجانية للذين لم تبلغ اعمارهم السادسة ، التعليم المجاني في الابتدائية والثانوية ، منع ضرب الاطفال ومحاسبة من يقوم بالضرب قانونيا ، منع الاعتداء الجنسي وعمليات الاغتصاب وجعلها جريمة يحاسب عليها القانون ، اقامة مؤسسات تتابع مسألة عمالة الاطفال ومحاسبة من يقوم باستغلال الاطفال في هذا المجال ، اقامة مستشفيات خاصة بهم تعالج الاطفال نفسيا بسبب ما تعرضوا له وما شاهدوه من حروب واعمال عنف واحداث دامية قد تؤثر على سلوكهم وتصرفاتهم في المستقبل ، فقد اشارت في وقت سابق احدى تقارير الامم المتحدة ان اكثر من نصف مليون طفل عراقي من الارجح سيكونوا بحاجة الى علاج نفسي من جراء الصدمة النفسية التي تعرضوا لها من خلال الحروب واعمال العنف ، ويرى باحثون ومختصون في شؤون الطفل في العراق ان غياب الحكومة العراقية والجهات المختصة في هذا المجال له عواقب وخيمة على واقع الطفولة ويؤدي بالتالي الى تدمير مستقبل الاجيال في العراق .

ياسر عماد

المصدر: مؤسسة شفق، 12/6/2010