ماذا قدمت المؤسسات الحكومية للثقافة الكوردية خارج الاقليم؟

يعاني المشروع الثقافي العراقي بشكل عام والكوردي خارج الاقليم بشكل خاص من اشكالات عديدة اهمها تراجع دور المؤسسات الحكومية في دعم ونشر الثقافة الكوردية. والسؤال المهم (ماذا قدمت المؤسسات الحكومية للثقافة الكوردية خارج الاقليم) طرحه العديد من المهتمين والمتصدين لواقع الثقافة الكوردية خارج الاقليم في الندوة التي اقيمت تحت عنوان (الثقافة الكوردية خارج الاقليم وآفاق المستقبل) والتي اقامها البيت الكوردي تحت رعاية مؤسسة شفق للثقافة والاعلام للكورد الفيليين يوم السبت الموافق 12/6/2010والتي حضرها وكيل وزير الثقافة فوزي الاتروشي ومدير عام دار الثقافة والنشر الكوردية جمال العتابي ومدير دائرة العلاقات في وزارة الثقافة عقيل المندلاوي وعدد من المهتمين بالشأن الثقافي الكوردي.
مدير اذاعة شفق ونيابة عن مؤسسة شفق جواد كاظم بين في بداية حديثه: (ان اي مجتمع لا يستطيع ان يتقدم ويزدهر حتى يعرف المكونات الثقافية التي تتحكم به ونمط تفكيره وتحدد اهتماماته وتوجه نشاطه).
كما اشار الى: (ان الثقافة بمعناها الانثروبولوجي هي اسلوب او طريقة الحياة التي يعيشها اي مجتمع لما تعنيه من تقاليد وعادات واعراف وتاريخ وعقائد وقيم واهتمامات واتجاهات عقلية وعاطفية وتعاطف او تنافر ومواقف من الماضي والحاضر ورؤى للمستقبل).
واوضح جواد كاظم: (ان في العراق ومنذ عقود الى وقتنا الحاضر نعاني من ثقافة العنف والقتل والترهيب سواء من قبل الانظمة الدكتاتورية المتعاقبة او من قبل الاحزاب والتنظيمات الارهابية والشوفينية التي غذت عقول المنتمين اليها ومؤيديها بالافكار الشريرة والعدوانية بدلاً من الافكار التسامحية والانسانية التي اوصت بها كل الاديان السماوية والقيم الانسانية وهذا يعود بالدرجة الاساس الى حمل هؤلاء للثقافة المتخلفة التي حمّلت البلاد خلال العقود الماضية المزيد من الدمار والخراب والويلات وكلفت الشعب العراقي وطوائفه مئات الالاف من الشهداء والملايين من المعوقين والارامل والايتام).
واكد جواد كاظم على الحاجة الماسة اليوم الى تنمية وثورة ثقافية في جميع مناحي الحياة وحمل مسؤولية هذا الامر الاجهزة الاعلامية المرئية والمقروءة والمسموعة والمثقفين بالدرجة الاولى.
مدير عام دار الثقافة والنشر الكوردية الدكتور جمال العتابي ابتدأ حديثه متسائلاً: (هل من فروق بين المثقف خارج دائرة الضوء الثقافية للاقليم وبين المثقف الذي يعيش في الاقليم؟ وهل للثقافة ابعاد مختلفة متباينة بإختلاف تباين المكان والواقع؟ وهل هناك ثقافة تتعلق بمكان معين؟ وهل هناك مثقف كوردي مختلف خارج دائرة الاقليم؟ وكم هي الدراسات العربية عن الثقافة والادب الكوردي؟ وكم من القراء والمتلقين من غير الكورد يستطيعون ان يتحدثوا عن احد رموز الثقافة الكوردية؟).
وفي حديثه عن نقطة البداية في تحول الثقافة الكوردية قال العتابي: (نستطيع ان نعد نقطة البداية في التحول هي انتفاضة اذار 1991 والتي خلقت فرص واجواء الازدهار ثقافة جديدة تخلصت من الاستبداد وقمع الحريات ومنها الحرية الفكرية).
واشار جمال العتابي الى الفجوة التي بدأت تتعاظم بين الثقافة الكوردية والعربية والتي حدد بدايتها مع عام 1991، مبيناً ان هناك اطرافاً وقوى في كوردستان ارادت ان تؤسس لثقافة وحياة عصرية تنسجم مع روح العصر ونبذ الماضي وموروثه من التخلف والكراهية والكبت وعكس هذه الثقافة كانت هناك قوى في المركز تعمل وفق منظومة الاستبداد ومصادرة حرية الفكر).
واوضح العتابي: (ان فترة اثنتي عشر عاماً من العزلة والتعتيم الثقافي عاشها العراق وفي الطرف الاخر اي في كوردستان ساد وضع جديد من ثقافة التعددية وقبول الاخر والاستفادة من التقدم التقني في وسائل الاتصال وبحرية واسعة والانفتاح على ثقافات العالم الحداثوية ورافق ذلك حركة واسعة من الترجمة والنشر).
وكشف جمال العتابي عن: (ان مجموع هذه الاسباب قد احدث اختلالاً بين كفتي ميزان ثقافة الاقليم وباقي محافظات العراق وخاصة مع المركز الذي يقطنه نسبة كبيرة من المواطنين الكورد والذين اصبحوا بعيدين عما يحدث في اقليم كوردستان).
وعن دار الثقافة والنشر الكوردية تحدث العتابي قائلاً: (اننا وبعد سقوط النظام السابق ورثنا مؤسسة ثقافية رسمية مخربة فقدت موجوداتها وذاكرتها الثقافية ومما زاد الامر سوءاً هو هجرة العديد من الادباء والمثقفين الكورد الى كوردستان او الى بلدان اخرى).
كما اشار العتابي الى ضعف الدور الثقافي في المؤسسة الرسمية لأسباب عديدة منها مالية وبشرية وفنية.
وشدد العتابي على الدور المهم الذي قامت به مؤسسات ثقافية غير رسمية ومنها منظمات المجتمع المدني التي اخذت على عاتقها العناية بالثقافة الكوردية مشيراً الى مؤسسة شفق للثقافة والاعلام للكورد الفيليين انموذج لهذه المؤسسات التي قدمت الكثير نسبة الى ما قدمته المؤسسات الرسمية.
وكيل وزير الثقافة فوزي الاتروشي اوضح ان الثقافة الكوردية قد نمت وترعرعت في المنفى وان فترات الازدهار على ارضها كانت قليلة جداً. وبين قائلاً: (الثقافة الكوردية مزدهرة في الخارج والكورد يلتقون ويتواصلون عبر منظمات ومراكز ثقافية كوردية في اوروبا وفي مناطق عديدة من العالم).
وعن دور وزارة الثقافة في دعم ونشر الثقافة الكوردية خارج الاقليم قال الاتروشي: (نحن بصدد تفعيل دار الثقافة والنشر الكوردية التي كانت الملاذ الوحيد لهذه الثقافة ومآثرها التي لا تنسى).
وعن واقع هذه الدار تسائل قائلاً: (هل هي مكان لتعيين الموظفين فقط ام هي دار تحتضن المثقفين والكورد منهم خصوصاً). وكشف الاتروشي عن ترهل كبير في هذه الدار يشل قدراتها في الابداع وتقديم ما تحتاجه الثقافة الكوردية). وبين الاتروشي: (ان طابعها الحالي هو وظيفي وغير ثقافي وتحتاج الى اعادة هيكلة ومراجعة).
كما اوضح الاتروشي: (ان هناك دوراً ومؤسسات ثقافية كوردية في الاقليم تطبع وتترجم وتقدم الكثير للثقافة الكوردية وهي على عكس ما تقوم به مؤسسة ثقافية كدار الثقافة والنشر الكوردية في بغداد). وعن آفاق مستقبل هذه الدار تحدث الاتروشي قائلاً: (ان ما خططنا له ان تكون هذه الدار هي واحدة من جسور التواصل بين الثقافتين الكوردية والعربية وان يكون لهذه الدار دور كبير في تقليص المسافة بين المثقفين الكورد والعرب). واضاف الاتروشي قائلاً: (ان الكرة الآن في ملعب دار الثقافة والنشر الكوردية وعلى الاقليم ان يكون شريكاً في تطوير هذه الدار من اجل رفع مستوى الثقافة الكوردية خارج الاقليم).
عقيل المندلاوي مديردائرة العلاقات العامة في وزارة الثقافة بين: (ان مستوى الثقافة الكوردية خارج الاقليم ضعيف للغاية)، مضيفا: (ان الاقليم يهتم بالثقافة في كوردستان ويتجاهل وضعها ومستواها خارج الاقليم).
واكد المندلاوي على: (ان يكون دور المسؤول الثقافي في الاقليم حاضراً في المركز وان يعاد النظر بالسياسة الثقافية للاقليم تجاه المثقفين الكورد في مناطق العراق الاخرى)، كما طالب عقيل المندلاوي المسؤولين في دار الثقافة والنشر الكوردية بترجمة النتاج والمنجز الكوردي الى اللغة العربية.
على هامش الندوة كان للحاضرين مداخلات عديدة والفنان الكوردي حسين مايخان طالب ان يكون للفنانين الكورد في بغداد نصيب من الاهتمام وان تساعدهم وزارة الثقافة في الخروج من حالة الاهمال وعدم الاهتمام خدمة للثقافة والفن الكوردي.
كما بين الكاتب حيدر الحيدر: (ان عدد الادباء خارج الاقليم والمنضوين تحت خيمة اتحاد الادباء والكتاب العراقيين هو ليس بالقليل)، كما اوضح الحيدر: (ان هؤلاء الكتاب والادباء الكورد متواصلون ومجدون في نشاطات الاتحاد ولكن الكثير من الناس لا يعرفونهم).
كما اشارت المربية ليلى هاشم حسن الى حالة الاهمال والتهميش التي تعيشها الثقافة الكوردية خارج الاقليم مبينة: (ان المناهج الدراسية العراقية لا تحمل ما يشير الى الثقافة الكوردية من قريب او بعيد).

كفاح هادي

المصدر: مؤسسة شفق، 12/6/2010