مأساة الكورد الفيليين لا يحتويها مؤتمر أو مقال

ان الكثير من الكتب والمقالات قد كتبت ، والعديد من المؤتمرات قد عقدت حول مأساة الكورد الفيليين ، لكن هنا اود ان اشير انها لم تكن بحجم تلك الماساة والمعاناة التي عاشها الكورد الفيليون...

مع اعتزازنا بتلك المحاولات سواء كانت من كتابة او كلمة او موقف يذكر فنحن لاننكر جهود من قام بذلك ، الا ان قضية الكورد الفيليين مازالت تراوح في مكانها ، فمنذ عام 1980 سلبت منهم الشهادة الجنسية بقرار من مجلس قيادة الثورة المنحل ، وبسبب هذا القرارهجروا من العراق ، وتمت مصادرة اموالهم ، لان حزب البعث كان يضمر للكورد الفيليين الكره والعداء لتوسعهم في المجال التجاري ، وسيطرتهم على الاماكن التجارية والحيوية في بغداد مثل الشورجة وشارع الرشيد ، وغيرها من الاسواق التجارية المهمة ، بالاضافة الى تقدمهم في الجانب العلمي والثقافي ، فمنهم المهندس والطبيب والرسام والشاعر والكاتب ، فقام النظام السابق بتسفيرهم خارج البلد ورميهم على الحدود العراقية الايرانية حيث الالغام التي قتلت الكثير منهم ، واعدام ابنائهم اثناء حجزهم في السجون العراقية ، ان ما تعرض له الكورد الفيليون من ظلم وقتل وتشريد وتهجير وسلب للاموال المنقولة وغير المنقولة من قبل النظام السابق لم يتعرض لمثله احد من العراقيين ، وان مشكلة الكورد الفيليين ليست محصورة بالشهادة الجنسية وارجاع الاموال المسلوبة اليهم ، بل انهم تعرضوا لعمليات ابادة ، والمقابر الجماعية تشهد بذلك ومع هذا كله لم نر اي مبادرة جدية من قبل الحكومة العراقية والبرلمان العراقي لانصافهم ، وكذلك الاحزاب والتيارات السياسية نراهم عندما تقترب الانتخابات يرفعون الشعارات للمطالبة بحقوق الكورد الفيليين ، وبعد انتهاء الانتخابات لايقومون بتطبيق ما وعدوا به ، وحتى في مسالة اعادة الجنسية لهم فان الكورد الفيليين عند مراجعتهم للمؤسسات الحكومية ودوائر الجنسية والاحوال المدنية يجدون امامهم الكثير من الصعوبات والعراقيل في تمشية معاملاتهم ، وسببها الشوفينيون الذين اصبحوا متنفذين في دوائر وزارة الداخلية وهؤلاء الشوفينيون لايريدون ارجاع الشهادة الجنسية لهم ، والمطلعون على التاريخ يعلمون جيدا ان تاريخ الكورد الفيليين هو تاريخ العراق ، وحقوقهم هي حقوق العراق ، والكل يشهد ان الكوردي الفيلي لم يكن يوما من الايام طائفيا او عنصريا ، بل كان متعاطفا في كل جوانب الحياة ومحبا لغيره ولكن مع الاسف ان الكوردي الفيلي في وطنه العراق يدور في حلقة مفرغة لايستطيع الخروج منها ، ويبقى الحال على ماهو عليه ، وماساة الكورد الفيليين لايحتويها كتاب او مؤتمر او مقال .

ياسر عماد

المصدر: مؤسسة شفق، 7/6/2010