منظمات المجتمع المدني .. أين هي من قضية الكورد الفيليين ؟

إن منظمات المجتمع المدني ليست جديدة في العراق ، بمعنى ان وجودها غير مرتبط حصرا بالتغيير السياسي بعد عام 2003 ...

لكن وجود تلك المنظمات في العهود السابقة كان خاضعا لسياسة الأنظمة السابقة التي لم تكن تتورع عن مواجهة تلك المنظمات بالأعمال القمعية التي كانت تنفذها ضدها سعيا الى ربطها بعجلتها أو إنهائها إذا لزم الأمر . ان من تلك المنظمات من ضمت في صفوفها العديد من المواطنين الكورد الفيليين الذين عملوا بنشاط متميز في صفوفها . هكذا فعلوا عندما كانوا أعضاء في نقابات العمال والمعلمين والمحامين والأطباء وذوي المهن الطبية ونقابات المهن الميكانيكية وسائقي السيارات والسكك والغزل والنسيج وعمال المطابع وغيرهم . ويصدق هذا أيضا على الأحزاب الوطنية التي تعرضت هي أيضا للقمع والاضطهاد ومعها كوادرها من الكورد الفيليين ، ومنهم من استشهد في السجون أو الساحات العامة من أجل المبادىء التي قامت لأجلها تلك المنظمات ومعلوم ان بعض هذه الأحزاب الوطنية لم تترك فرصة إلا واستغلتها من أجل طرح قضية الكورد الفيليين . لكن المنظمات الأخرى خاصة نقابات العمال التي انشغلت بمطالبها الحقوقية التي حرمت منها من قبل الأنظمة نفسها التي فرضت الظلم على مجموع الشعب . فإذا كان الوضع العام الحساس الذي فرض على البلاد شكّل عائقا أمام المساعي الإنسانية الهادفة لطرح موضوع شريحة الكورد الفيليين المظلومة فإننا نقول ان هذه القضية لا تقل حساسية وخطورة عن القضايا الأخرى التي تتبناها منظمات المجتمع المدني . وإذا علمنا ان الدور الذي لعبه الكورد الفيليون في خدمة مصالح البلاد العليا فإننا سنفهم مدى ارتباط قضيتهم بقضايا الوطن فضلا عن ارتباطها بالقضايا الإنسانية .

ومن الجهة الأخرى لم يؤثر ازدياد عدد منظمات المجتمع المدني بعد التغيير على حجم التوجه الواجب من أجل رفع الحيف عن الكورد الفيليين المهجرين . ولا توجد إحصائية يركن إليها في الوقت الحاضر لعدد هذه المنظمات في العراق بعد التغيير فهناك معطيات تتحدث عن أرقام كبيرة جدا والمفارقة ان العديد من هذه المنظمات يعمل فيها كورد من ذات الشريحة بل ان بعضهم يعمل في قيادتها دون أن يعني ذلك ان ثمة تغيرا مفترضا لصالح زيادة التزام هذه المنظمات بقضية إنسانية ووطنية كقضية المهجرين من الكورد الفيليين ، وهم يعانون من الحرمان من منظومة الحقوق الإنسانية العادية كحق المواطنة وحق إرجاع ما اغتصب منهم من أملاك شخصية ، ان هذه المنظمات التي تكونت بعد التغيير تعاني من حالة انعدام البرنامج ومن صدق التوجه نحو نصرة القضايا الكبرى التي تهم الشعب وشرائحه الوطنية الأصيلة وهذا متأت من ضعف الوعي الخاص بالعمل المدني وضعف القدرات المالية أيضا وغياب التخصص في عملها . لذلك نعتقد ان من الضروري لهذه المنظمات ان تعيد النظر في أسلوب عملها وفي طبيعة المضمون الاجتماعي والسياسي والإنساني الذي تعمل في إطاره . كذلك ندعو الى خلق رابطة تنظيمية فاعلة تعمل على تنظيم عمل هذه المنظمات وفق نظام داخلي واضح ومجاز من قبل هيئة مرتبطة بالبرلمان العراقي الاتحادي .

عبد العزيز لازم

المصدر: مؤسسة شفق، 2/6/2010