النداء الاخير

في موسم الحصاد تسابق القوم ومعهم ثلة من ممثلي الفيلية لاقتطاف الثمار ، وجنى الجمع ما وسعه ورجع رجال الفيلية مولين الدبر حاصدين الحسرة وخيبة الامل...

من دون ان يحصدوا على كرسي واحد في البرلمان العراقي المرتقب . وأخذت الاصوات تتعالى من هنا وهناك لتبحث عن شماعة تلقي عليه المبررات ، فمرة تلقي باللائمة على أخوة الدم ، وأخرى على اشقاء المذهب ، ومرة على قلة الامكانات وخذلان الناصر ، كل ذلك لتفتش عن ما يبرر لهذا الفشل وتلك الهزيمة .. ترى اين يكمن السبب في هذه الاخفاقات المتتاليه • هل قدر لها ان تعيش حياتها في ظل الاقصاء والتهميش المتعمدين في ظل حكم الاخوة الكبار ؟ أم ان السر يكمن في الاخلاص اللامتناهي للاحزاب االاسلامية والكردية التي تنتمي اليها كوادر الشريحة على حساب خصوصياتها الانسانية وحاجاتها المصيرية ؟ أم يكمن في غفلة أبناء الشريحة بضرورة الالتفاف حول من تبقى من كوادرها المستقلة من اجل تشييد وجودات قوية تمكنها من خوض الصراع السياسي لأسترداد حقوقها المشروعة ؟ أم ان الامر أبعد مما نتصور فقد يكمن في فيتو غير معلن من قبل بعض دول الجوار للابقاء على هذه الشريحة معوقة وهزيلة كي لا تمتد شعاعها الى امتداداتها في أعماق دول الجوار ؟ أم يكمن في قلة الكوادر الكفؤة القادرة على العمل لشريحتها بسبب فقدان غالبيتهم في احواض الاسيد واعماق المقابر الجماعية أبان عهد الدكتاتور المقبور ؟ أم في فقدان الشريحة لخصوصياتها القومية والعقائدية بسبب ذوبانها في المحيطات الكبيرة التي تعيش في كنفها ، تلك الخصوصيات الضرورية لنهضة اية مجموعة انسانية ؟ أم في عدم وجود تنظيم مؤسساتي قادر على أحتواء الطاقات المتمكنة لقيادة الصراع السياسي بغض النظر عن توجهاتها العقائدية وخلفياتها التاريخية ؟ أم تكمن في عقد شخصية تضرب بأعماقها قي العقل الباطن للشخصية الفيلية تعيق من التفكير والعمل من أجل ذاتها .. حاضرها ومستفبلها بعد أن تسعى في ترميم ماضيها ؟ أم لعدم وجود مرجعية سياسية تنظر للوجود الفيلي وتقود حركتها بكافة اتجاهاتها بما يضمن جمع شتاتها لاجل انتزاع الحقوق الفيلية ؟ فالواقع المؤلم للفيلية سببه غفلة المهتمين بالشأن الفيلي بجذور الالم واسباب الجراح وانشغالها في علاج ظواهر الازمة وانعكاساتها ، الامر الذي أدى الى عقم الجهود التي تبذل رغم اخلاص الكثير منها ، كَبَاسِطِ كَفَّيْهِ إِلَى الْمَاءِ لِيَبْلُغَ فَاهُ وَمَا هُوَ بِبَالِغِهِ 13 الرعد. هؤلاء المتصدون رغم كفاحهم المرير لاخراج الفيلية من حالة التهميش والاقصاء الى الحالة الطبيعية كباقي المكونات الاجتماعية في العراق التي أخذت موقعها الطبيعي في القرار السياسي العراقي الا ان جهود الكثيرين منها لازالت بدائية لم تتجاوز الشعارات والبيانات الانشائية التي لاتتعدى صرخة في واد. وما نراه اليوم من حالات الانشطار التي تحدث في كل حزب ومنظمة اوجمعية تهتم بالعمل الفيلي الادليلا على عجز تلك التجمعات لتشخيص اللازم وفشلها في ايجاد الحلول المناسبة ، حيث يدور المنشطرون في نفس الرحى التي دار فيها القائمين .. وهكذا كلما تأسست مجموعة لحقها انشقاق ليتبعها تلاشي تلك الجهة او بقائها في حدود البيانات السياسية البراقة فحسب . نحن هنا لسنا من اجل ان نطعن بالتجمعات القائمة لاننا نؤمن باخلاص الكثيرين منها في سعيها لاجل ايصال الشريحة الى مدارج التكامل.. بل من اجل ان نضع اصبعنا على الجراح وأن تسببنا في زيادة الالم فغايتنا هو التشخيص السليم وايجاد النظرية الصحيحة للعمل .. والله من وراء القصد . ولا ندعو هنا التجمعات القائمة بأن تسدل ستارها أو تغلق أبوابها رغم عجزها وفشلها في تحقيق اهداف الفيلية لأننا بحاجة الى تظافر كل الجهود والطاقات في مشروع النهضة بشرط أن تعيد النظر في وجهتها الخطا سواء في الاسلوب أو الهدف بكل جرأة وشجاعة والاستفادة من التجارب الفيلية السابقة في اغناء الحاضر من منطلق ان الحاضر هو من بنات التجارب الماضية بسلبياتها وايجابياتها ، ولعلنا لانبالغ اذا قلنا بأن أول تجربة فيلية كانت قد تشرف بتاسيسها كاتب هذه السطور قبل ثلاثين عاما تحديدا في اوائل عام 1980 بعد حملات التهجير القسري لمئات الالوف من ابناء الفيلية ، وواجهت صعوبات بالغة في حركتها سيما الضغوط الشديدة لبعض الدول لاخضاع تلك الحركة واجبارها لاتخاذ سياساة لاتصب في هدف القضية الفيلية مما اضطرت الى أيقاف النشاط السياسي بعد ثلاث سنين من عملها .

أسباب الهزيمة

لا تهزم أمة بسبب ازمة هنا أو انتكاسة هناك بل قد يكون العكس فهناك أمم كثيرة تزداد قوة وعزيمة كلما تعرضت الى ضغوطات خارجية كالذهب كلما تعرض للنار أزداد لمعانا وتألقا ، لكنها تهزم عندما تكون مهزومة من الداخل أوتعاني من فقر في روحها ومعنوياتها وأفلاس في مبادئها وقيمها الرسالية ، وهي التي تشكل الارضية الخصبة للهزيمة والانتكاسة . أنظر الى أمة العرب التي كانت تقتات على القد وتئد البنات وتعيش في ظلمات الجاهلية والتخلف والامية كيف تحولت الى خير أمة بفضل الاسلام وقيمه الاخلاقية العالية التي اكتسبتها من شخص رسول الله واهل بيته الاطهار ع . وعليه فان عوامل النهضة واسباب الهزيمة ترقد في مكامن كل أمة لكنها تبرز الى السطح عندما تتهيئ لها العوامل والاجواء المساعدة التي تدفع بأتجاه الهزيمة أو النصر ،وكما يقول العالم الفرنسي لويس باستور Louis Pasteur‏ فأن البكتريا تعيش في كل مكان لكنها تنمو وتنشط عندما تدخل في جسم يعاني من ضعف في المناعة مما يوفر ارضية خصبة للاصابة بالمرض .

أولا الحركة الناقصة

لم تبتعد الفيلية عن عمقها القومي يوما حتى في أحلك الايام عندما كانت الامة الكوردية في مرمى هدف الحركات القومية العربية وبمساندة غير محدودة من القوى الغربية ، ولم تدر ظهرها لانتمائها العقائدي حتى عندما كان الدين ومذهب أهل البيت ع جريمة تستحق النفي والاعدام في سني السبعينيات من القرن الماضي ، ولم تتخل عن أنتمائها الوطني العراقي يوما حتى عندما تبرأ الكثير من أنصاف الوطنية والتحقوا بقطار المد الاحمر او الاصفر على حساب الخصوصيات الوطنية .. وكان كبار الفيلية ظهيرا فولاذيا للحركة الكوردية في العاصمة بغداد وضواحيها منذ الايام الاولى لتأسيس الحزب الديمقراطي الكورستاني على يد الزعيم الراحل مصطفى البارزاني ولازالت الفيلية تقدم ضريبة الانتماء القومي عبر فاتورة التطهير القومي حتى بعد خلاصها من عصابة حزب البعث العراقي .. وكانت ولم تزل السند الذي لايهزم للدفاع عن الاسلام ومذهب أهل البيت ع بدعم تجارها اللامحدود للمرجعية الدينية في النجف الاشرف ولازالت تدفع ضريبة تمسكها القيمي عبر فاتورة التطهير الطائفي حتى في ظل حكم رجال الطائفة . المشكلة ان الكثير من المتصدين للشريحة الفيلية يتحركون خارج اطار المشكلة أو ضمن نطاقات ضيقة منها ، فالكثير من الاتجاهات الفيلية تستهدف الهدف الخطا وتتبنى الاستراتيجية الخطا كالعودة بالفيلية الى العمق القومي أو الاسلامي أو الوطني أهدافا .. أو تبني التحالف مع الائتلاف الوطني على حساب التحالف الكوردستاني أو بالعكس في مجال الاستراتيجية الحركية ، أو الاقتصار على العمل الثقافي وأهمال العمل السياسي ، أو تبني الجهد السياسي على حساب الجهد الثقافي . متغافلين أن المشكلة الفيلية ليست قومية في مقابل الدين ولا دينية في مقابل القومية ولا هي مشكلة ثقافية في مقابل اهمال المشكلة السياسية بل هي مشكلة متعددة الاتجاهات ولايمكن أن تحل الا بنفس تلك الاتجاهات ، فمشكلة تشييد مرجعية قيادية للفيلية لا تحل بجمعية ثقافية هنا أو نادي رياضي هناك أو تحالف مع الدول الجارة او الارتماء في أحضان هذا التيار او ذاك ، كما أن مشكلة أنتزاع الحقوق الانسانية للفيلية لا تحل بالبيانات والشعارات والمهرجانات ، وان ارجاع الممتلكات الفيلية التي تقدر بمئات الملايين من الدولارات لا تكون في توزيع الابتسامات على رؤساء الكتل النيابية الحاكمة بل بتنظيم مؤسساتي يشتمل على كل تلك النشاطات السياسية مع الاجتماعية والاقتصادية والثقافية في نسق واحد يضم كل النخب والكفاءات الفيلية كيفما كانت واينما كانت . حركة النضال الفيلي بمختلف اشكاله حركات ذات أتجاهات ناقصة ومحدودة ولا تؤتي الا نتائج بسيطة وناقصة وهي بحاجة ماسة للانتقال الى مستوى ارقى من الحلول الشمولية التي تستوعب كل الثغرات ولا تترك المجال لجانب على حساب اخر .

ثانيا الفكرة الناقصة

مشروعية كل حركة تغييرية تأتي من الخلفيات الفكرية التي تحملها وترسم بالضرورة ملامح تلك الحركة واستراتيجيتها في سوح النضال ، و تحمل الجماهير للدفاع عنها والتضحية من أجلها ، وكلما كانت تلك الافكار تترجم بصدق وموضوعية ألازمة التي تعاني منها الجماهير وتتناغم مع هموما كانت اقرب الى قلوب الناس وأقرب من النجاح في الواقع السياسي . المشكلة أن الكثير من الحركات التغييرية في التاريخ لم تتوفق لترجمة مبادئها الى خطابها التعبوي ناهيك عن خطابها السياسي بشكل دقيق ، الامر الذي أدى بها الى اخفاقات سياسية وفكرية وحتى اخلاقية أو أدى بها في كثير من الاحيان الى الانقلاب على مبادئها الاولى كحال الكثير من الحركات التغييرية التي أبتدات مشروعها بغصن الزيتون وانتهت باحواض الاسيد والقصف الكيمياوي لشعبها . ولو تتبعنا عن كثب الافكار التي أنطلقت منها اهداف غالبية الحركات الفيلية لراينا أنها لاتتعدى ارجاع البيوت التي صادرها النظام البائد والبحث عن مصير شبابنا المحجوزين واعادة الاموال المغتصبة وهي بلا شك اهدافا كبيرة لكنها لاتترجم حجم الكارثة التي حلت بالشريحة الفيلية التي اريد لها أن تخلع من الجغرافيا بعد ان حاول الطغات اخراجها من التاريخ بقلعها من المكونات التي تتشكل الفسيفساء العراقية عبر التطهير العرقي والابادة الجماعية . مشروعية الحركة الفيلية لا تقتصر على الممتلكات التي صودرت رغم اهميتها ، ولا يبررها البحث عن رفات شبابها رغم عظيم منزلتها ، بل لانقبل بأقل من أعادتها الى النسيج الانساني العراقي عبر قرارات تشريعية وتنفيذية من أعلى السلطات الدستورية الحاكمة ، انطلاقا من فكرنا الراسخ بأن الوضع القلق القائم لايستقر الابعودة المكعب الناقص الى النسيج العراقي باقرار حقوق الفيلية على أرض الواقع .. هذه الافكار لم نعدها الا عقيدة راسخة تشكل الاساس القيمي لأية حركة فيلية .

ثالثا اللون الواحد

في نضال الاقليات العرقية من اجل أسترداد حقوقها أسترتيجيات تختلف في طبيعتها عن نضال الامم من أجل حريتها أو أستقلالها ، فقد يشترك الجميع في النضال بالمعنى الاعم لكنها تختلف في الاهداف المرحلية ، فاذا كانت الامم تناضل من أجل هدف واحد فالاقليات تناضل من أجل هدفين في أن واحد ،هدفا مشتركا لاسقاط الطاغوت وهدفا أخرا من اجل نيل حقوقها . فقد قدمت االشريحة الفيلية في سوح النضال من اجل تحرير العراق خيرة ما تملك من رجالها ومالها وممتلكاتها والان وقد تحرر الشعب العراقي وتصدى الكبار لقيادة البلد ولكن بقيت للشريحة الفيلية نضالا من نوع اخر لاتقل اهمية عن نضالها الاول لان نضال الاقران أخطر وطأة من مقارعة الطغاة . هذا التفاوت في نوعية النضال بين الاقليت والامم تحتم على كوادر حركة الكفاح الفيلية استراتيجيات تختلف عما كانت عليه أيام النضال في العهد االبائد وهذا ما لا يفقهه الكثير من رجال الفيلية ، فأذا كانت مقارعة الطاغية تستلزم استقطاب الكفاءات على أسس الاشتراك العقيدي واللون الثقافي الواحد كأسلوب وحيد لتشييد وبناء الاحزاب والمنظمات فأن النضال من أجل استعادة حقوقها الوطنية والقومية يستلزم جمع كل مايمكن من الكفاءات والنخب الفيلية بغض النظر عن منطلقاتها العقيدية . وأن كانت الحركات التي اشتركت في مقارعة طاغية العراق تتبنى مبادئ وقيم عقائدية فأنها اليوم تتخذ من السياسة في نطاق الالتفاف حول تلك القيم الاولية اسلوبا اخر في استراتيجيتها ، وحري بالحركات الفيلية ان تتفق على مبادئ سياسية مهمة في استراتيجية عملها . فالتجاذب القيمي الحاصل بين الحركات الفيلية هو اسلوب استراتيجي لمرحلة ماقبل السقوط اما اليوم فنحن بحاجة الى عمل سياسي منظم تشترك فيه كل الالوان القيمية من كوادر الشريحة الفيلية من اجل خوض نضال قد يطول مع الاخوة الكبار الذين أدار الكثير منهم ظهورهم للقيم والمناقب التي كانت تحملها في الامس القريب . ومن هنا فأننا نؤسس وبكل شجاعة لفكرة مفادها أن استئصال الحقوق الفيلية لايستطيع تحقيقه العلمانيون لوحدهم من دون أستقطاب العناصر المتدينة والكوادر التي لاتؤمن ، ولا يقدر المتدينون لوحدهم تحمل هذه المسؤولية من دون أن يجمعوا معهم العلمانيين وغيرهم ، وهذا يتطلب روحا رياضية تمكننا من القفز على ما نعتقد من مبادئ تكتيكية مؤقتة من أجل مبادئ أستراتيجية دائمية تضمن العودة للشريحة للمسار الوطني السليم ومن دون ذلك يخسر المتدينون دينهم بعد ان يخسر العلمانيون مايؤمنون .

رابعا القيادة الفردية

بعد ان افاقت المجتمعات الغربية من الويلات التي خلفتها الحروب الكونية تيقنت بان سبب تلك الانتكاسات كانت تكمن في القيادة الفردية للاحزاب والبلاد التي ساقت شعوبها الى حمامات الدم وطحنت كل قدراتها الانسانية على خلفية القائد االعبقري الفرد . ورغم أن الذي حدث لم يكن بعيدا عن منطقتنا الا أننا لازلنا ندفع ضريبة الحروب والكوارث التي لاتقل عن الحروب العالمية الاولى او الثانية اشعل نارها قائد فرد هنا ودكتاتور هناك وامبراطور يحكم منذ خمسين عاما هنا وزعيم اوحد هناك . نحن هنا لسنا مؤهلين لتحليل الوضع الكارثي للمنطقة لان الحركات التي تعارض هذه الظاهرة هي نفسها التي ابتليت بداء القائد الفرد الاوحد ، وجريا على انتشار اعراض هذا المرض ابتليت الحركات الفيلية بهذا الداء وصار لكل حركة قائدا واحدا يمثل رأس الهرم وقاعدة الهرم وخاصرة الهرم . فأذا حكم عراق الامس دكتاتورا أوحدا بالضرورة فأن اليوم يحكمه دكتاتوريات قيادات الاحزاب الحاكمة ، ولو تسنى لنا من اسقاط الدكتاتور الفرد باشتراك جميع الحركات المعارضة تحت سقف واحد ..فأن الطريق الوحيد لمواجهة دكتاتوريات قيادات الاحزاب الحاكمة يكمن في قيادة جماعية تمثل كل الوان الشريحة وتشكل معا مرجعية سياسية قوية قادرة على مواجهة التهميش المتعمد والاقصاء المقرر بحكمة العقل الجماعي المسؤول .

خامسا التبعية السياسية

من القواعد الاولية لأية عملية سياسية هي الاستفادة من كل الامكانيات المتاحة التي يقدمها القرناء شريطة أن لاتمس أستقلالية الحركة وسلامة أهدافها .. وأذا كنا نشترك مع أخوة الدم او المذهب في قواعد قيمية كثيرة تشجعنا على أستمداد الدعم والامكانات منها لرفد مسيرة النضال الفيلي فأننا يجب علينا أن لاننسى بأن الذي يقدم الينا سواء من هذا التحالف او تلك الاتتلاف لا يكون للاسف في كثير من الاحيان على اساس دعم المشتركات بل على حساب ترويض الشريحة أو بتعبير ادق لتذويب المطالب الفيلية أو تجميدها الى أجل غير مسمى . هذه النقطة تعد من الاسباب الرئيسية لفشل الحركات الفيلية وقياداتها في نيل حقوق الشريحة ، وكلما برز رمز او حركة يسعى الجميع لأحتوائها عبر الدعم المشروط لتبقى فترة من الزمن الي حين ليأفل نجمها بعد حين لتحل محلها حركة أخرى تمشي في نفس المشوار ، حتى المحاولات التي تتضمن لم شتات الفيلية فانك لو تمعنت في مواقفها لشممت منها ريح ذلك التحالف الحاكم او هذا الاتلاف أو يكون ابعد من ذلك ليميل بالشتات الى أحدى دول الجوار التي لايهمها الا الابقاء على الوضع المتدهور في العراق.

ماذا بعد ؟

بالرغم من ان تحديد أسباب الجراح تعد خطوة الى الخلف لكن الهدف منها هو التشخيص السليم والدقيق لخطوات الطريق الذي تمشي فيه أعداد لابأس بها من الحركات الفيلية وتحديد الاهداف التي نرجوا منها حتى لا نضل الطريق الصحيح ولا نبتعد عن الام شريحتنا وطموحاتها وحتى تؤتي تلك الجهود التي تبذل أكلها . ونحن في هذه الاوراق وان نكون قد نبشنا كثيرا في جراحاتنا لكن غايتنا لم تكن صياغة ورقة عمل بل من اجل اثارة العقول الفيلية المتنورة لدراسة كل مايتعلق بالشريحة دراسة اكاديمية وبالتالي بلورة افكار ورؤى لاغناء مسيرة النضال والوقوف على عوامل الضعف فنطلق مشاريع عمل لترميمها وتحديد عوامل القوة فنبارك فيها ونشيد بها وحتى نكون قد بلغنا الامانة فأننا نشير الى نقطة جوهرية تشكل الاطار العام لخطوات في الطريق..

المرجعية الفيلية

مؤسسة منظّمة مستقلة تهندس لعملية النضال الحركي ، وتنظر للعقل السياسي الفيلي وترسم له الخطوات الاستراتيجية المناسبة ، وقد تدخل احيانا في الجزئيات الحركية لالكي تنظر للتكتيك بقدر ما هي خطوة لخدمة الاستراتيجية . وتسعى لانتزاع الحقوق الكورديه الفيلية بالاساليب السياسية في ابعادها الوطنيه والدوليه والاقتصاديه والاعلاميه ، وتعمل على تحصين الشريحه من المخاطر الداخليه والخارجية ، وتمثيل الشريحه سياسيا وقضائيا امام المحافل الدولية والانسانية والسياسية . وهي ليست جبهة تضم الحركات الفيلية ولا مجلسا اعلى للقيادة بل تتلخص بمؤسسة سياسية منظّمه صغيرة العدد كبيرة الامكانات تقودها نخبة من الكفاءات والنخب السياسيه والاعلاميه والاقتصاديه تعتمد العمل المؤسساتي بدلا من العمل الحزبي وسقفا يحمي تلك الوجودات فكريا ومعنويا وماديا لا من منطلق الوصاية بل من منظار الابوة الروحية والتوجيه السياسي . وقد سعى بعض وجهاء الفيلية في هذا المشوار الا انها للاسف صارت رقما تضاف الى الارقام الموجودة وبعد فترة من نضالها بدأت تبحث سبل التعاون المشترك مع أقرانها ، وبالرغم من انها خطوة في الاتجاه الصحيح لكننا نحب أن نذكر بأن هدفها لم يكن تأسيس تجمعا جديد فما ينقصنا ليس تجمعات جديدية بل هي الوقوف مع ماهو موجود من الاحزاب والمنظمات الفيلية من اجل التناغم معها و تقديم الدعم المعنوي والقيمي لها وترشيدها وممارسة الدور التوجيهي لها . وبهذه المرجعية نضمن أمورا كثيرة أهمها :

• أولا .. أنضواء أكبر قدر ممكن من الكفاءات مهما اختلفت أتجاهاتهم الفكريه تربطهم المؤسسة عمليا دون المساس بالخلفيه السياسيه أوالفكريه ، فلا نكتوي بعدئذ بنار الانشقاقات والانشطارات التي تتعرض لها الاحزاب دائما .

• ثانيا .. لا تكون المرجعية منافسا للاحزاب الفيلية القائمة ، ولا ندا للاحزاب الكوردستانيه الصديقه ولا رقما في سوق الارقام بل مظلة يستظل بظلالها الجميع .

• ثالثا .. يتسنى لها تمثيل الشريحة سياسيا لاعتبارها جهة جامعة لاتتطلع الى مصالح حزبيه ضيقه بقدر تطلعها الى الفيلية كطائفه من طوائف الامة الكورديه .

• رابعا .. يتسنى لهذه المؤسسة أن تأخذ دور ألاب الروحي والمنظّر الفكري وخازنا لبيت المال لكل التجمعات الفيلية القائمة والقيادة الجماعية المخلصة والحكيمة لشريحتنا المظلومة .

• خامسا .. المرجعية المنشودة تغلق الباب امام المزايدات التي تثيرها بعض الاطراف السياسيه العراقيه وبدعم ومباركة من بعض دول الجوار بتاسيس احزاب صغيره بأسماء وأطر مؤسساتية كبيرة مستغلة الفراغ القائم بعدم وجود مؤسسه قياديه تقود ركب الفيلية بأمانة وأخلاص وتقطع الطريق أمام المتصيدين في الماء العكر ..

يوسف الحاج غضبان

المصدر: مؤسسة شفق، 1/6/2010