نتشارك أم نتقاسم

لاشك بأن الموقف السياسي الحالي في العراق يقف عند مفترق الطريق... فأما تقاسم السلطة أو تقاسم الوطن ... وعلى الجميع أن يتأكد أنه لاتوجد حكومة أو حزب يستطيع لوحده بناء المستقبل ... وشعبية أي حركة أو حزب لاتعني ذكاؤه فقد يمتلك حزب ما الذكاء ولكنه يفتقد للشعبية

والحاصل أننا في حيرة من أمرنا !.. فهذه الديمقراطية ستكون نتيجتها دوما" أقصاء أحد المكونات المهمة في الوطن بسبب مشكلة العدد فالأغلبية أمتيازها الوحيد هو العدد وليس شئ آخر... وبما أننا في وطن متنوع فأن هذا العدد سيكون بناء على تمثيل الهوية وليس على أساس رؤيا معينة للمنفعة العامة .... مماسيخلق لنا حتما" أقصاء موجع لمكون كامل كل جريرته هو العدد .... وبناء ديمقراطية في بلد متنوع بناء على قوانين الرياضيات ودلالاتها الجامدة أكبر وأصغر هو اللامعقول بعينه ... فهذه الدلالات تنفع و لاتضر عند أستخدامها داخل علم الحساب ولكن عندما يتعلق أستخدامها لبناء وطن فيه مجتمع متنوع ستولد لنا هوية غالبة أكبر عددا" وهوية أو هويات مغلوبة أقل عددا" ... وبأستمرار سطوة الهوية الأكبر ستطرح الأخرى على نفسها السؤال المحتم ماهو جدوى الأستمرار بهذه الديمقراطية الخاسرة؟

فالجو الأخوي الذي كان من الممكن أن تنجز به الأمور تحول الى جو فاسد ... فالكثير من المشاكل التي نعاني منها لاتوجد قوة خارجية فرضتها علينا بل هي من صنعنا وهذه المشاكل ستصيبنا جميعا

مع ذلك بالمشاركة السياسية سنخرج من خلافاتنا ونشتري مستقبل العراق ... فعندما نتشارك سنربح سوية" وسنحافظ على الوطن جميعنا بنفس الحرص والأهتمام ... وستكون الشراكة السياسية قاعدة أنطلاق بناء العراق وأعادته... وألا كيف سنمتلك القدرة على الوصول اذا لم نكن نعرف أساسا" نقطة أنطلاقنا

وبينما يعيش الشعب العراقي حالة من الغليان الأجتماعي بسبب القلق على مصيره والخوف من أن تنفتح الجروح المندملة يستمر السياسيين باللامبالاة والعناد الشخصي فيما بينهم... وقتل الوقت المهم بألاعيب ومناوراة سياسية مكشوفة وخالية من أي براعة

ليس بأمكان أي طرف سياسي حتى لو أمتلك بعض مفاتيح القوة أن يدفع البلاد الى الخلف... لتعود الى حالة الخيار السياسي الواحد كما كان البعث أيام النظام البائد ... فالوضع العراقي بمحصلته لايتحمل مثل هكذا أطماع واسعة والذين سيحاولون فعل هذا الأمر سيكونون قد كتبوا نهاية الوطن الواحد بأيديهم

أن ماأقوله هنا هو أن محاولة أعطاء وجه العراق ملامح رئيسية لهوية أحادية تهيمن على صورة الوطن وعنوانه ... سيجرد العملية السياسية من مضمونها الوطني وبالتالي ستولد مشاعر من اليأس في نفوس الآخرين وسيعيشون حالة من القهرالسياسي التي ستدفعهم تدريجيا" للأنصهار في بودقة الثقافة الطائفية مما سيهدد وحدة الوطن

فحالة تقاسم السلطة قد تكون أفضل المتاح على أرض الواقع حاليا" للحفاظ على وحدة العراق بدلا" عن تقاسمه والخوض في المجهول

لتضع الكيانات السياسية العراقية جميعا" نفسها أمام مرآة الضمير عسى أن تتبين الأخطاء وينصلح مابينهم بدلا" من الحقد والعداوة المتبادلة التي تشوب العلاقة ...وأن يظهروا دلالات أعتدال في لحظات المنافسة السياسية والأزمات

المهندس مسعود جاسم
29/5/2010