اتهامات بين الأحزاب وبيانات شديدة اللهجة.. اغتيال (سردشت عثمان) يتفاعل سياسياً


سردشت عثمان

(السومرية نيوز) اربيل - اتخذت قضية اختطاف ومقتل الصحافي الكردي الشاب سردشت عثمان بعداً سياسياً في اقليم كردستان، وصل الى حد تبادل الاتهامات بين الحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة مسعود البارزاني، وحركة التغيير التي يقودها نوشيروان مصطفى.

فبعد الاهتمام الذي حظيت به قضية الصحافي القتيل في وسائل الاعلام التابعة لحركة التغيير، ومشاركة عدد من نواب الحركة في برلمان كردستان وعلى مدى الايام الماضية بأنشطة وفعاليات تشجب عملية الاغتيال، رد الديمقراطي الكردستاني وجهاز المخابرات التابع له ببيانين شديدي اللهجة متهمين حركة التغيير بتأليب الرأي العام في الاقليم ضد الحزب الديمقراطي والتعرض لقادته اثناء تناول قضية مقتل الصحافي الشاب.

حديث عن مؤامرات
وقال بيان للحزب الديمقراطي الكردستاني ان "الأمن والاستقرار السياسي والاقتصادي في اقليم كردستان هو محل حقد أعداء شعبنا الذين يخططون على الدوام لإرباك الأوضاع السياسية، ووضع العراقيل في درب التطور والنجاح، والاهم من ذلك أنهم يرومون ضرب الآمن القومي للإقليم".

وتابع الكردستاني في بيانه الصادر أمس الأحد بالقول، ان "معارضي شعبنا يدركون جيدا بأن الحزب الديمقراطي الكردستاني برئاسة البارزاني هو المحرك الفاعل لأي تقدم وإشعاع، لذلك يعملون على حبك المخططات والمؤامرات لإيذائه والإضرار به".

بالمقابل، تناولت وسائل الإعلام التابعة لحركة التغيير بالتحليل بيان الكردستاني، واعتبرته بمثابة إعلان حرب ودعوة لضرب الحركة.

وكان إعلاميون ونواب عن حركة التغيير قد شاركوا بأنشطة الاحتجاج ضد مقتل "عثمان" وطالبوا بمحاسبة المقصرين في الأجهزة الأمنية في أربيل، وبتقديم توضيحات للبرلمان عن مجريات التحقيق في القضية من قبل وزير الداخلية.

وعبر عضو برلمان كردستان عن حركة التغيير عبد الله نوري لـ"السومرية نيوز"، عن امله في "أن يعبر البيان عن وجهة نظر الحزب الديمقراطي الكردستاني وليس عن رأس رئيس الإقليم مسعود بارازاني"، مبيناً أن خلاف ذلك "سيعطي الحق لبعض السكان في أن لا يعتبروا رئيس الإقليم رئيساً لهم".

ووصف عضو حركة التغيير البيان بانه "شديد اللهجة ولا يخدم الأمن والاستقرار بالإقليم، ويعرضه للخطر إذا لم يجري احتوائه"، حسب قوله.

وأضاف نوري إن "التظاهرات التي خرجت في قضية مقتل الصحفي سردشت عثمان عبرت عن رأي الشارع لا الجهات السياسية حتى وان شارك أفراد من التغيير بها، فيما البيان يحمل "وبدون وجه حق وعدل حركة التغيير بالوقوف خلفها".

وشهدت مدينة اربيل تظاهرة احتجاجية على مقتل الصحفي والطالب سردشت عثمان في العاشر من ايار الحالي أمام برلمان إقليم كردستان، وتلتها تظاهرة كبيرة مماثلة بالسليمانية في الـ13 من الشهر نفسه.

وتوقع برلماني حركة التغيير "تأثيرات سلبية للبيان على صعيد العلاقات إذا كان يعبر عن رأي رئيس الإقليم أيضا، وليس رأي الحزب الديمقراطي الكردستاني فقط".

ولفت نوري الى أن الإشارات التي صدرت عن متظاهرين ونشطاء في الآونة الخيرة الى ان رئيس الاقليم والحزب الديمقراطي يتحملان مسؤولية في قضية الصحفي سردشت، "لاتعني توجيه الاتهام لهم، بل يأتي من حقيقة ان القوى الأمنية في اربيل ودهوك هي تابعة للديمقراطي الكردستاني وعليهم الحفاظ على أمن المواطنين هناك والتحقيق في الانتهاكات والجرائم التي تقع".

استغلال "دماء الشهيد" لاغراض سياسية
من جانبه، اصدر جهاز المخابرات التابع للديمقراطي الكردستاني "وكالة حماية أمن كردستان" بياناً هو الآخر، اتهم فيه حركة التغيير المعارضة بـ"خلق جو معقد مستخدمة دماء الشهيد الزكية لغايات سياسية وتحريضية ضد السلطات في إقليم كردستان وقياداته وشخصياته".

واتهم بيان الاستخبارات الكردية حركة "التغيير" ومجلة "لفين" - التي اتهمها بالتبعئة للحركة- ببث أنباء "مضللة"، لافتاً إلى ان ما نشرته المجلة "يدخل ضمن خانة التشهير وعدم احترام مجرى التحقيق القانوني في حادث الاغتيال"، مضيفاً أن "وكالة حماية امن إقليم كردستان لن تسكت عن حقها المنتهك قانونياً، ويجب بالمقابل على حركة التغيير ومجلتها "لفين" الاجابة أمام القانون على هذه الاعمال والتصرفات غير اللائقة وغير الحضارية" على حد قول البيان.

وتؤكد إدارة مجلة "لفين" من جهتها استقلاليتها عن أي من الاحزاب والجهات السياسية الكردية.

الإقليم آمن ولا يمكن إخفاء ذلك
وإزاء الانتقادات التي توجه للأجهزة الأمنية وسلطات حكومة إقليم كردستان، من قبل النشطاء ومنظمات المجتمع المدني، في قضية مقتل الصحافي "سردشت عثمان" قال رئيس وزراء الإقليم برهم صالح إن "الإقليم آمن ولا يمكن لأحد أن ينكر ذلك".

وأضاف صالح في تصريحات لوسائل الإعلام، الاثنين، من بينها "السومرية نيوز"، "اعتقد ان شعبنا وفيّ ومنصف ولن تؤثر فيه الدعايات المغرضة التي تنتقص من الإعمار والبناء الحاصل في الاقليم والذي تحقق في ظل الأمن والاستقرار الموجود فيه".

ووصف صالح النقد الموجه لسلطات الإقليم على أدائها بسبب قضية مقتل الصحافي بأنه "نوع من اللامبالاة ازاء الاستقرار والتطور الموجود"، مضيفاً أن "وحدة الشعب الكردي لن تدع مجالاً للمغرضين والإرهابيين للإضرار بأمن الإقليم" على حد قوله.

وكان 81 صحافيا من جنسيات مختلفة ومن بينهم صحافيون أجانب سبق أن عملوا في كردستان العراق، قد وجهوا رسالة مفتوحة، نشرتها صحيفة أوينه الكردية، إلى الزعيمين الكرديين مسعود بارزاني وجلال طالباني، تحثهما على التحرك لمواجهة الظروف الصعبة التي تحيط بعمل الصحافيين الأكراد.

وجاء في الرسالة الموجهة إلى الزعيمين "باعتبارنا أصدقاء للأكراد ومتضامنين مع زملائنا من الصحافيين الأكراد نحثكما على عدم الاقتداء بالممارسات القمعية لنظام حاربه الشعب الكردي لفترة طويلة"، مشيرة إلى أن الموقعين يعربون "عن قلقهم إزاء إشارات تدل على تدهور حرية التعبير لدى الصحافيين الأكراد وخصوصاً بعد مقتل الصحافي الشاب سرادشت عثمان".

ومن بين الموقعين على الرسالة مراسل محطة بي بي سي جيم ميور، المراسل السابق للغارديان ديفيد هيرست، والصحافيون الأميركيون جيم هوغلاند، وجوناثان راندل، وتشارلز غلاس، إضافة إلى الصحافيين الفرنسيين جيرار شاليان، وكريس كوتشيرا، ومارك كرافتز.

يذكر ان الطالب في جامعة صلاح الدين بأربيل عثمان شردست، كان يتولى كتابة مقالات في بعض الصحف والمواقع على الانترنت لا تخلو من انتقاد أداء مسؤولين سياسيين بارزين، وهو اختطف في الثاني من أيار الجاري من قبل مجهولين من أمام مبنى الجامعة، ليعثر بعد 48 ساعة على جثته ملقاة في أحد شوارع مدينة الموصل وعليها آثار تعذيب وإطلاق رصاص في الرأس.

وأثارت عملية الخطف والاغتيال، ردود فعل واسعة، وموجة رفض واستنكار على الصعيد الشعبي، فيما قررت الحكومة ورئاسة الإقليم تشكيل لجنتي تحقيق حول الموضوع.

المصدر: السومرية، 17/5/2010