تعويضات الكويت الأسباب والنتائج

في البدء لابد من استعراض لموقف الكويت الداعم لنظام صدام المقبور خلال الحرب العراقية - الإيرانية (حرب الخليج الأولى) حيث دعمت الكويت العراق اقتصاديا ووصلت حجم المساعدات الكويتية للعراق أثناء الحرب إلى ما يقارب 14 مليار دولار، ليشتري القنابل والصواريخ ليسقطها على الأطفال العزل والأبرياء في إيران ، وان المسؤولين الكويتيين وضعوا جزيرة بوبيان تحت تصرف الطاغية صدام خلال الحرب .واجبر الشعب العراقي بدفع ثمن تلك الحرب من الأرواح التي قدمت قربانا لعنجهية صدام المقبور ، وزعمه حماية البوابة الشرقية وعبر الإعلام العربي الذي ضخم من خطر الثورة الإسلامية في إيران !!. وانتهت الحرب التي دامت ثمان سنوات لا رابح فيها سواء أمريكا وإسرائيل التي استطاعت إن تبسط نفوذها وقوتها على منطقة الخليج بعد إنهاك البلدين المسلّمين بحرب سببها عميلهم صدام المقبور .

وفي عام 1990 اتهم العراق الكويت بسرقة النفط عبر الحفر بطريقة مائلة، طيلة فترة الخرب العراقية الإيرانية . وتطور النزاع بين النظام العراقي والكويتي مما أدى إلى غزو الجيش العراقي للكويت ، وبعدها نشبت حرب الخليج الثانية، ( عاصفة الصحراء ) أو حرب تحرير الكويت (2 أغسطس 1990 إلى 28 فبراير 1991)، وهذه الحرب شنتها قوات التحالف المكونة من 34 دولة بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية ضد العراق بعد أخذ الإذن من الأمم المتحدة لتحرير الكويت من الاحتلال العراقي ، فُرضت عقوبات اقتصادية على العراق وتم فرض عزله شديدة على العراق إثر قرار هيئة الأمم المتحدة فرض عقوبات اقتصادية خانقة عليها استمرت ثلاثة عشر عاماً عانى منها العراقيين البسطاء ولم يتأثر بهذا الحصار صدام وزبانيته الذين كانوا يسكنون القصور ويتنعمون بالمال العام وهو حق الشعب العراقي المظلوم .

فالأضرار التي لحقت بالبنية التحتية للعراق من مصافي النفط ومولدات الطاقة الكهربائية ومحطات تصفية المياه أدت إلى تدني هائل في جميع المرافق الاقتصادية والصحية والاجتماعية في العراق. نتج عن الحرب الجوية تدمير 96% من مولدات الطاقة الكهربائية لتعيد مستويات إنتاج الكهرباء في العراق لما قبل عام 1920.

وتعرضت بعض البنى التحتية لقصف متكرر كمحطة كهرباء الحارثة قرب البصرة ومحطة تكرير النفط في بيجي. ويرى بعض الخبراء أن لا يوجد مبرر واضح لهذا القصف المتكرر وخاصة أن البنى التحتية التي قصفت من الصعب أن يتم إصلاحها خلال الحرب. وكان للحصار تأثير كبير شمل جميع جوانب الحياة الاجتماعية والاقتصادية.

فقد أدى الحصار إلى ارتفاع نسبة التضخم ليصل إلى 2400% في عام 1994. كما أدى الحصار إلى هجرة أكثر من 23 ألف باحث وطبيب ومهندس عراقي إثر انخفاض معدلات أجر الفرد إلى أكثر من النصف. وقد صاحب الحصار ارتفاع معدلات وفيات الأطفال وسوء التغذية وانخفاض معدلات التحصيل العلمي. فقد تعرض أكثر من 4،500 طفل شهرياً للوفاة نتيجة سوء التغذية والأمراض وهذا حسب تقديرات اليونيسيف .

الشعب العراقي لا ذنب له بالغزو على الكويت ، وما حصل عام 1990 كان يقف خلفه نظام صدام حسين ، ولم يكن احد يعرف بنشوب تلك الحرب سوى صدام المقبور ، وأربعة مقربين من زبانيته ، إن قرار الغزو كان صداميا فلماذا يعاقب الشعب العراقي الذي هو غير مسؤول عن تلك التعويضات وفي تلك الفترة أفتى المرجع الديني في النجف الاشرف السيد أبو القاسم الخوئي بحرمة الدخول إلى ارض الكويت أو الصلاة على أرضها المغصوبة ، وشتان بين مرجعية النجف ورجال الدين الكويتيين الذين لم يفتوا بحرمة هذه التعويضات .

والكل يعلم بعد الحرب العالمية الثانية لم تفرض أميركا تعويضات على ألمانيا، وذلك لأن الحرب انتهت بسقوط النظام النازي وانتحار هتلر.

مع الأسف إن الدول العربية غير مستعدة لتخفيض ديون العراق ، أو الاكتفاء بما أعطاه العراق لها طيلة ( 19 ) عاما من التعويضات الخرافية والفلكية ، عكس دول أجنبية كثيرة خفضت ديونها اتجاه العراق ، أو ألغت هذه الديون نهائيا .

يجب على الكويتيين إن يتفهموا وضع العراق الحالي حيث تغير عن السابق فهو اليوم بلد ديمقراطي ولا يهدد السلم العالمي ولديه عملية سياسية ناجحة رغم المعوقات التي ترافقها.

إن العراق يعيش أزمات وحتى لو حصلت له أزمة مع الكويت فهو لن يتأثر والخاسر الأكبر في القضية الكويت .

الكويتيين للأسف ما زالوا متشنجون ، ليكن الكويت عونا للعراقيين حتى لا يخرج صدام آخر ويندمون الكويتيين على أفعالهم . لو كان صدام مازال في الحكم هل يتجرأ الكويت وسوريا وغيرها من الدول العربية على هذه الأفعال التي لا تدل على العروبة أو الإسلام .

أين الدور الايجابي العربي اتجاه العراق، أين مواقفهم السلمية ، أو الحكيمة ، التي تمثل الإخوة العربية ، إن كل أدوارهم سلبية بل سوداء...

إن الدول العربية تسعى لتدمير العراق ( بدون رحمة ) فهذه الدول العربية سوريا والسعودية وغيرها تصدر ألاف الانتحاريين ،والبعثيين ،والمجرمين ، وإرهابي القاعدة ، إلى العراق لقيامهم بقتل شعب العراق شيعة وسنة ، وان كان المدنيين الشيعة هم ضحايا الانفجاريات الأكبر وخاصة المناطق والأسواق الشعبية للشيعة ، ناهيك عن الاعتداء المستمر على الصيادين العراقيين من قبل الكويتين ! ولا ننسى دورهم في تأجيج الحرب الطائفية فيقسمون الشعب العراقي الى ( هلال شيعي ) و( مثلث سني )....الخ .

إن الدول العربية لا تكتفي بتصدير الارهابيين للعراق فقط ، بل أنها تقوم بادوار تخريبية أخرى تتمثل في مشروع سوري لسحب المياه من نهر دجلة وبدعم كويتي ! ولو بيديهم الهواء لقطعوه عن الشعب العراقي ، الذي هو اليوم ينعم ببلد ديمقراطي يشارك في حكمه جميع أطيافه ، وهو لا يحكم من ملك أو أمير او رئيس دكتاتور ، مثل أشقائه العرب الذين يعانون من شكل وطبيعة الحكم الجاثم على حياتهم . إن تسلم الكويت تعويضات من العراق ، لا تقدم ، ولا تؤخر فالكويت لا تعاني عجزا ماليا ، فلماذا يطالبون بتعويضات ؟ ولماذا لم يطالبوا بالتعويضات في زمن الطاغية وطالبوا بها الان ولم يكتفوا 5% التي تستقطع من واردات النفط ؟

الجواب هو ان حكومات الدول العربية تخاف على عروشها بعد ان شعرت ان شعوبهم قد تطالب بالتغيير والحرية واختيارها لمن يحكمها عبر صناديق الاقتراع ، مستفيدة من التجربة الديمقراطية العراقية الجديدة .

د. زهراء ألبياتي

المصدر: صوت العراق، 15/5/2010