في هذه الايام نعلن الحداد على انفسنا

من اهم ما يتطلب منا التحدث عنه اكثر من اي شيء آخر هو ان ننسى تلك الكلمات التي تبعث على التباعد والبرود بين المكونات الكوردية وهي بمجملها معزوفات سياسية مدعاة للتجافي ...

بين المكونات والشرائح الكوردية المقسمة ونحن كورد كَرمسير (المنطقة الحارة) منشغلون اليوم بالتنقيب عن اوراق ذكرياتنا ورقة ورقة من اجل اخراجها من تحت التراب لعل علامات معارفنا و اخوتنا تخضر من جديد و في مناسبة و ذكرى فلذات أكبادنا المغيبين ننشد معا وبصوت واحد (هورة) الاحزان وتندبنا الامهات و نذرف دموع العزاء والاحزان من عيوننا و نثير شجوننا و آلامنا من جديد و نتساءل لم يصمت الجميع ، بعد مرور ثلاثين سنة ، عن قتل الالاف من شباب الكورد وليس هناك ما يسعفنا من قرار او قانون كي نستدل على عناوين وشواهد قبورهم ! وتاتي مرارة هذا الالم بعد مرارة الم ما اثير عن مسالة الانتخابات واصوات الكورد خارج اقليم كوردستان و القول أن الكورد الفيليين أضاعوا أنفسهم ولهذا لم يحصد الكورد ما طمح اليه من الاصوات ! انه لأمر صعب الاّ يستطيع الانسان الدفاع عن نفسه ، ولكن دعونا لا ننس بان النجاح او الفشل في أي مشروع او عملية له اسبابه ومسبباته ، ومسألة الانتخابات واحدة من المسائل التي يطول التوقف عندها و الحديث عنها ! ان الامر يبدو وكأننا لا نعرف بان الكورد الفيليين مضيعون ومغيبون منذ سنوات عديدة و لكن لماذا يكثر الحديث عنهم في هذه الاوقات ؟ وهذا سؤال حديثنا ! نحن لا نملك إحصاء لعدد شهدائنا ، مثلما ليس هناك إحصاء حقيقي لعدد الكورد خارج الاقليم وكم منهم يمتلك الوعي القومي ! كم منهم منشغل بمستقبله و مستقبل ابنائه؟! هل كان برنامجنا الانتخابي يختلف عن برامج القوائم الفائزة؟! و الأهم من ذلك كله كم تقدمت الستراتيجية الكوردية وماهي مشكلاتها و أين وصلت الجهود و المساعي لوضع الحلول لها ؟ نحن نتحدث عن شعب وليس فقط عن حزب او جهة سياسية تجعل من نجاحها او فشلها دليلا على وجود او عدم وجود الكورد خارج اقليم كوردستان ! حسب اعتقادي ان الالاف المعدودة من الناس الذين صوتوا للكورد في بغداد جديرون ان يمنحوا اوسمة الشجاعة ، لأن هذا كان هو الدرس الكبير للانتخابات ، فقد كان الفقراء اخلص من اولئك الذين نسمع اصواتهم في المناسبات فقط ، اذ تراهم يكيلون المدائح لكبرائنا وقادتنا ويطرون عليهم ! حتى لا نفهم الأوضاع في عراق اليوم وماهي أوضاع الكورد خارج اقليم كوردستان ، لا يجب ان ننتقم من أناس عدوا أمواتا وهم منشغلون هذه الايام باقامة مآتم موتهم ! كنت أعتقد ان كبراءنا سيرفعون أصوات تعاطفهم اليوم أو غدا مع أصحاب القلوب الكسيرة في موسم الحزن هذا ! من المؤسف ان كبار المسؤولين العراقيين والكوردستانيين أيضا غضبوا منا هذه المرة ايضا ولم تكن لديهم في الذكرى الثلاثين لطرد مئات الالاف من المواطنين و تغييب الآلاف من شباب الكورد الفيليين الأبرياء أية كلمة أو بلاغ يعزون به قلوب ذويهم الجريحة ! من المؤسف أن من كثرة ما إسود الدم في عروق السياسيين صاروا لا يضعون الناس نصب أعينهم ! دعونا لا ننسى بأن المناسبات كثيرة والجهات السياسية وأصحاب السلطة أكثر من يحتاج الناس اليهم ، بل هم بحاجة للناس ولا يستطيع أحد يدفن حيا شعبا ومسألة استذكار مآسي جزء من هذا الشعب ، على الرغم من هؤلاء كورد يتكلمون بلهجة فيلية، عندما كانت أمهاتهم يمشطن شعورهن يترنمن بهذ البيت الشعري :

(هه "مسته فا" بمينى ... هه ق كورده يل بسينى) أي : ليعش مصطفى ... ويأخذ حق الكورد .

سارة علي

المصدر: مؤسسة شفق، 8/4/2010