الشهيد الكوردي الفيلي ... شهيد الكورد وكوردستان .. شهيد العراق

في مثل هذا الشهر وقبل ثلاثين عاما ارتكب النظام الصدامي اكبر جريمة انسانية تمثلت بحملته الهمجية على ابناء العراق الاصلاء الكورد الفيليين فاعتقل الالاف من شبابنا ورمى على الحدود الايرانية الالاف من الشيوخ والاطفال والنساء واجبرهم تحت تهديد السلاح بالسير بين حقول الالغام نحو ايران بعد ان سلب منهم اموالهم وبيوتهم ووثائقهم التي تثبت عراقيتهم ، اي جردهم من كل العناصر المادية التي تكفل لهم العيش الكريم في المستقبل ، وظلوا يعانون من هذا السلب اللئيم طوال عقود امتدت نحو ثلاثين عاما ، ولم يكتف بهذا الحقد وانما غيب الشباب الذين اعتقلهم في سجون نقرة السلمان وابي غريب وكان مصير الالاف منهم الموت تحت ظروف غامضة تراوحت بين التجارب الكيمياوية والبايولوجية ودفنوا في مقابر جماعية مجهولة ولازالت امهاتهم تنوح من اجل معرفة مصيرهم الفاجع .
ان الحقد الصدامي الذي صب جام غضبه على الكورد الفيليين كان فريدا من نوعه ، فلم يتعرض اي شعب واي مجموعة بشرية لما تعرض له الكورد الفيليون ، ربما تعرضت شرائح وقوميات وطوائف في العراق الى الابادة الجسدية بالاسلحة التقليدية او بالاسلحة الكيماوية ، ولكن لم تسلب هويتها واوراقها التي تثبت عراقيتها مثلما حدث مع الكورد الفيليين الذين حاول النظام الصدامي الغاء هويتهم العراقية ، فجردهم من كافة وثائقهم ومستمساكتهم التي تثبت انتماءهم الى ارض الاباء والاجداد ، بلاد الرافدين التي كانت مهد حضارتهم منذ الاف السنين، والتي تشهد عليها اسماء المدن والشخصيات الكوردية في العراق مثل شهريار وشهرزاد وكهرمانة وطاق كسرى وخانقين وجلولاء وشهربان وزرباطية وبغداد .... الخ
ان الانتقام من الكوردالفيليين لم يكن بمعزل عن مقاومتهم لانقلاب 8 شباط الذي اغتال ثورة الرابع عشر من تموز المجيدة ، اذ كان الكورد الفيليون من ابطال الدفاع عن الجمهورية في بغداد والكاظمية وبقية المدن العراقية ، وشهدت ازقة شارع الكفاح و (عكد الاكراد ) اكبر مقاومة باسلة ضد الانقلابيين الذين نكلوا بابطال الثورة ، ورغم انكسار الثوار وكسر شوكة المقاومة الا ان الكورد الفيليين لم يستسلموا وظلوا يقارعون الجلادين بصلابة عرفها جميع من عايش نضالاتهم البطولية .
ان تاريخ نضال الكورد الفيليين في العراق وعلى الاخص في جبال كوردستان و بغداد ووسط وجنوب العراق سجله التاريخ باحرف وضاءة ، وما سجل شهدائهم الا صفحة بيضاء في تاريخ العراق الدامي ، العراق الذي سعى على مر السنوات العجاف من اجل مستقبل زاهر لابنائه ، لشعبه سواء من الكورد اوالعرب اوالتركمان اوالكلدو اشور وغيرهم من الطوائف والمذاهب والاديان.
حقق الكورد الفيليون في نضالهم اهم مكسب للشعب وللوطن من خلال توحدهم مع نضالات ابناء الشعب العراقي جميعا ، كوردا وعربا وتركمانا فكانوا يرزحون في اغلال الاستبداد ويرسفون في قيود سجون الجلادين مع جميع فئات وابناء الشعب العراقي لذلك اصطبغت دماءهم بالوان الرايات السياسية العراقية فكان من بين شهدائهم من كان ينتمي الى الحزب الشيوعي العراقي والى الحزب الديمقراطي الكوردستاني والى الاتحاد الوطني الكوردستاني والى حزب الدعوة والى المجلس الاسلامي الاعلى وغيرها من الاحزاب والقوى السياسية العراقية ، ونادرا ما التقيت مع سياسي عراقي سواء اكان عربيا اوكورديا او تركمانيا ، علمانيا او متدينا الا واخبرني عن قائمة من اسماء الكورد الفيليين الذين ناضلوا ضد النظام جنبا الى جنب معهم .
وليس دون سبب اصرار الزعيم الخالد مصطفى البرزاني على ترشيح السيد حبيب محمد كريم الكوردي الفيلي نائبا لرئيس الجمهورية اثناء مفاوضات الحكم الذاتي عام 1971م .
ان التاريخ لن يعود ، ونتمنى ان لايعود الى الحكم امثال الجلاد صدام وزمرته ، ولكن التاريخ لن ينسى الابطال الذين ساهموا برسم خارطة العراق الجديد بدمائهم وتضحياتهم العظيمة ، اما ان يغمط البعض من الحاكمين اليوم حقوق الكورد الفيليين ويحاول اسدال الستار على تضحياتنا ويحاول تهميش شريحتنا وعدم ذكر اسمنا في اعلامه وادبياته ويحاول مسخ هويتنا عن عمد وقصد فتلك جريمة سيتحمل جريرتها امام الشعب والوطن ولن يغفر له التاريخ جريمته مثلما لم يغفر التاريخ جرائم صدام حسين وامثاله .
المجد والخلود لشهداء الكورد الفيليين شهداء الكورد وكوردستان .... شهداء العراق
المجد والخلود لضحايا الانفال والتهجير والاسلحة البايلوجية والجرثومية والكيمياوية
المجد والخلود لابناء شعبنا العراقي الذين قدموا دماءهم رخيصة من اجل حريتنا وحرية الوطن والشعب

د. مؤيد عبد الستار
رئيس الهيئة التنفيذية
للبرلمان الكوردي الفيلي العراقي
السويد

5/4/2010