كأن على رؤوسهم الطير

لا شك ان وسائل الاعلام المرئية و المسموعة و المقروءة تحمل رسالة تعبر عن افكار و تطلعات جماعة ذات افكار و مشاعر مشتركة سواء أَكانت تلك الجماعة شعبا او أمة او جماعة تعيش في محيط جغرافي معين، و من المفترض ان تشارك تلك الوسائل الاعلامية في افراح و اتراح تلك الجماعة التي تعبر عن ارادتها و افكارها و مصالحها وتجعلها في متناول الرأي العام المحلي و الخارجي.

ان من يشاهد القنوات التلفزيونية الكوردية او يستمع للاذاعات و يقرأ الصحف و المجلات و المطبوعات بصورة عامة يرى و يسمع و يقرأ العديد من الموضوعات فيها الغث و السمين فليس لذلك أهمية في نظر القائمين عليها فالمهم هو ملء المساحات الفارغة كيفما اتفق.

على سبيل المثال لا الحصر تعرض جميع القنوات التلفزيونية الكوردية برنامجا يوميا قصيرا تحت عنوان "الصور تتكلم" تشتريه من شركات التلفزة العالمية باثمان باهظة تعرض فيه احداثا صغيرة و عادية تجري في مكان ما في هذا العالم الفسيح كاصطدام سيارتين في الدولة الفلانية و غرق زورق صيد في النقطة العلانية من البحر او شخص يقوم بعمل غريب كسحب سيارة بالاسنان او برنامج قصير عن الفنان العالمي الفلاني او الشخصية الاجنبية الفلانية.

ان هذه القنوات تنسى في الوقت نفسه أحداثا جساما و كوارث عظيمة يتعرض لها شعبها وتخلف مئات الارامل و الايتام و كأن شيئا لم يحدث وليس لديهم ادنى علم بها.

ومن مصاديق كلامنا هذا ان الشعب العراقي بعربه و كورده و طوائفه و اطيافه المتعددة يعلم أن في بداية شهر نيسان عام 1980 اقدم النظام البعثي على اصدار قرار غيرإنساني جائر، جرّد فيه نصف مليون انسان كوردي فيلي من جنسيته العراقية وقام بتسفيره عبر حقول الالغام الى ايران و استولى على اموالهم و عقاراتهم وسجن قرابة 15 الفا من شبابهم ليجعلم طعما لتجاربه على اسلحة الدمار الشامل و الاسلحة الكيمياوية بلا ذنب اقترفوه عدا كونهم كوردا ولهم بصماتهم الواضحة في النضال التحرري لشعبهم الكوردي و حمل المئات منهم سلاح الشرف على اكتافهم كبيشمركة ليشاركوا في ملاحم تحرير شعبهم؛ و لكن و للاسف ان تلك القنوات الاعلامية بمختلف صنوفها لم تنوه و لم تشر الى كارثة الترحيل القسري لنصف مليون مواطن و القتل الجماعي لاكثر من 15 الف شاب فيلي في سجون (نقرة السلمان) و (أبو غريب) ويظهر أساسا بانهم لا يعدونهم جزءا من شعبهم و كأن على رؤوسهم الطير.

اختتم كلامي بطرح هذه التساؤلات على مسؤولي هذه القنوات و وكتابها و محرريها وكل كوردي يحمل القلم و أتمنى ان يجيبوا عنها للتاريخ فقط.

· ألم يسمع الاعلام الكوردي بخبر المأساة و التطهير العرقي الذي تعرض له نصف مليون كوردي فيلي؟

· ألا ينظر الاعلام الكوردي الى مأساة الكورد الفيليين ليس ككارثة قومية فقط بل ككارثة انسانية؟

· أليس لخبر تشرد نصف مليون كوردي واستشهاد 15 الف شاب كوردي فيلي قيمة تضاهي قيمة لقاء مع احد الفنانين؟

· أصلا، ألا يعدون كفاح و معاناة الكورد الفيليين جزءا من كفاح و معاناة الشعب الكوردي؟

· أيبغون بهذا الصمت المطبق ان يمحوا اسم الكورد الفيليين من تاريخ الشعب الكوردي؟

· أم ان مأساة الكورد الفيليين لا تستحق منهم ان يخصصوا عدة دقائق من أوقات برامجهم او ان يملأوا به عمودا صغيرا في صحفهم؟

هذه تساؤلات نطرحها و نرى ان من الواجب القومي و الاخلاقي للاعلام الكوردي ان يجيب عنها كي يريح ضميره تجاه هذه المسألة على الاقل.

جواد كاظم

ترجمة : ماجد السوره ميري

4/4/2010