الأبيض من السلاح في يوم الاقتراع!

في ختام الماضي من النص* كان السؤال : كيف يمكن إعلاميا، توظيف أتساع نطاق النقمة والتذمر بين صفوف الناخبين بهدف صياغة المناسب من نص الخطاب الانتخابي من قبل الشيوعيين وسائر دعاة أهل الديمقراطية، وبحيث تكون نتائج انتخابات آذار القادم، تختلف والى حد غير قليل عن الماضي من العمليات الانتخابية، وعلى طريق أن تكون الأساس والمنطلق، للعمل لاحقا، باتجاه يجعل العملية الانتخابية عراقيا، في موقع المختلف والى حد ما نوعيا في القادم من الانتخابات بعد أربعة أعوام من الزمن؟!

شخصيا أعتقد أن هناك بالفعل وعمليا، إمكانية واقعية، لتحقيق ما تقدم من الهدف، أو جانب كبير من هذا الهدف، في حال تطوير نص الخطاب الإعلامي للشيوعيين انتخابيا، باتجاه يفيد دعوة جميع أهل التذمر بين صفوف الناخبين، استخدام سلاح التصويت بالأبيض وبالتحديد أقصد الذين لا يملكون ما يكفي من الاستعداد فكريا وسياسيا راهنا، لدعم قائمة اتحاد الشعب، ويفكرون بمقاطعة عملية التصويت، تعبيرا عن الاحتجاج والنقمة من مزمن عجز المختلف من أهل النفوذ وسط الطبقة السياسية الحاكمة في عراق ما بعد حكم أنجاس العفالقة!

و....أعتقد أن النجاح على صعيد هذه المبادرة، وبما يكفل ضمان ارتفاع عدد من يستخدمون سلاح التصويت بالأبيض، يرتبط بمدى القدرة إعلاميا في البحث عن المناسب من الصياغات بهدف تبصير أكبر عدد ممكن وسط جميع أهل التذمر بين صفوف الناخبين ، بحقيقة أن اعتماد سبيل المقاطعة، لا يشكل الوحيد من الخيار، للتعبير عما يعتمل في نفوسهم من مشاعر النقمة والتذمر ضد عجز الطبقة السياسية الحاكمة، وعلى العكس من ذلك، اعتماد هذا الخيار تحديدا، يشكل وضمن واقع حال العراق راهنا، ضربا من سالب الفعل، ولا يفيد وقطعا في دعم الوليد من العملية الديمقراطية!

أقول ما تقدم بدليل أن هذا الغلط من السبيل، سبيل المقاطعة، لا يفيد إطلاقا في دعم من يمكن أن يكونوا في حال انتخابهم، في موقع المطلوب من البديل وسط القوائم الصغيرة، كما لا يمكن اعتباره وعمليا، بمثابة جرس إنذار لقوى الإسلام السياسي الفقير من ضواحي بغداد ومدن الوسط والجنوب، وبما يجسد وبالملموس مدى الخيبة والنقمة، من عدم الوفاء بما تردده من وردي الوعود، وعلى العكس من ذلك أن ارتفاع نسبة من يعتمدون خيار المقاطعة، لا يخدم سوى من هم أساس الخيبة والنقمة وسط القوائم الكبيرة، وذلك من خلال مساعدتهم على رفع حساب القاسم الانتخابي، وبشكل يلحق فادح الضرر بالقوائم الصغيرة، ومعلوم تماما، كيف جرى وعلنا، توظيف امتناع ما يقرب نصف من يحق لهم الاقتراع في انتخابات مجالس المحافظات الأخيرة، لسرقة أصوات ما لا يقل، أن لم يكن أكثر، من مليونين صوت، أختار أصحابها الاقتراع لحساب العديد من القوائم الصغيرة، ولكنها وبموجب الجائر من قانون الانتخاب باتت من نصيب قوائم الحيتان أن جاز القول، وبحيث حصلت على عدد كبير من مضاف المقاعد ومجانا، وعلى نحو لا يعكس أبدا حجم ثقلها الانتخابي على أرض الواقع....و...الأرقام موجودة!

و....فضلا عن كل ما تقدم، لابد من الإشارة إلى أن اعتماد سبيل الضار من المقاطعة، وبالتحديد وسط من يحق لهم الاقتراع في الفقير من ضواحي بغداد ومدن الوسط والجنوب، سوف يشكل أيضا كسبا سياسي مجانيا، لحساب أنجاس العفالقة، أقصد سوف يجري وبالتأكيد توظيف هذا السالب من الخيار عفلقيا، كما لو كان يشكل استجابة لدعواتهم بمقاطعة الانتخابات، باعتبارها تجري في ظل الاحتلال...الخ...الخ الكاذب من مزاعمهم وهم الذين يعملون كل ما في وسعهم في ذات الوقت وعلى المكشوف ، من أجل تعزيز فرص نجاح (قائمتهم العوراقجية سعوديا) بقيادة ( علاويهم الأمريكي) وغيره ممن يعملون راهنا بالروح.... بالدم على إعادة عار فرضهم وعلنا على العملية السياسية في العراق!**

انطلاقا من كل ما تقدم، بمقدوري القول ودون تردد، أن استخدام سلاح التصويت بالأبيض وأكرر بالذات وتحديدا من قبل جميع من يفكرون تكرار الضار من سبيل المقاطعة، سوف يعكس وبلغة الأرقام ساعة ظهور النتائج، حجم وثقل عدد من باتوا وعلى ضوء الخاص من تجاربهم، في موقع الاستعداد، لممارسة فعل الاحتجاج، باعتماد هذا السلاح الديمقراطي، للتعبير عن رفضهم، المساهمة في إدامة نفوذ من جيروا أصواتهم المرة بعد الأخرى، لتعزيز سطوتهم على مواقع القرار، وبما يخدم دوام التنافس على نهب المال العام، ودون تأمين الحد الأدنى من مطلوب وضروري الخدمات الأساسية، أو الحد من ارتفاع معدلات البطالة، أو اعتماد الحازم والمناسب من الوسائل، لحماية أرواح الناس، من بشع جرائم عصابات الإرهاب بقيادة أنجاس العفالقة ومطاياهم المجاهرين بالقتل....الخ معالم ومظاهر عجز من تركوا البلاد والعباد، وبالخصوص المحرومين والكادحين من الناس، للعيش تحت سطوة الإرهاب والفساد، ودون تحقيق الموعود، من متكرر الشعارات والوعود!

و....شخصيا أعتقد جازما، أن اعتماده هذه الدعوة في سياق نص خطاب الشيوعيين انتخابيا، وبالترافق مع استمرار الترويج لقائمة اتحاد الشعب، سوف يكفل وبتقديري الخاص، تحقيق قدرا واسعا من التأثير سياسيا وإعلاميا، وأكاد أن أقول فكريا، على اتجاهات ومواقف المحرومين والكادحين من الناس، ودون تقليل أهمية تأثير ذلك إيجابيا، حتى على مواقف وتوجهات الكثير ممن لا يزالون يخضعون لسطوة التعصب الطائفي ، ولا يمارسون الفعل الانتخابي، إلا من باب التعصب لحساب الطائفة أو العشيرة، وبغض النظر عن مدى مصداقية من يعتمدون انتخابهم وعمياوي المرة بعد الأخرى! ***

و...لا يقل أهمية عن كل ذلك، أن التصويت بالأبيض سوف لا يجسد فقط المشروع من الحق وحضاريا في ممارسة فعل الاحتجاج ورفض فساد وعجز الطبقة السياسية الحاكمة، وإنما سوف يعطل ويمنع كذلك وعمليا، اغتصاب أصوات الناقمين والمتذمرين،مرة أخرى ومن جديد، كما تكرر في الماضي من العمليات الانتخابية، وأخرها ما جرى في سياق انتخابات مجالس المحافظات قبل عام من الزمن، وذلك ما سوف يدفع أهل الراهن من النفوذ، لا أقصد قطعا فرسان الفساد، وإنما أهل الصادق من الحرص، على إعادة حساباتهم والتفكير بما يمكن أن يحدث، في حال جنوح المزيد من أتباعهم راهنا، اعتماد هذا السبيل من الرفض، وبحيث لا يفقدون وحسب، القدرة على نهب أصواتهم، وإنما يجعلهم وعمليا قوة انتخابية تستخدم السلاح الأبيض، لفرض وجودها وبقوة على عمل جميع القوى السياسية في العراق!

شخصيا أعتقد أن استخدام هذا السلاح الحضاري، سلاح التصويت بالأبيض من الورقة، حتى من قبل ما لا يزيد عن مليون مقترع، ذلك سوف يشكل بتقديري انتصارا نوعيا للشيوعيين وسائر أهل الديمقراطية في العراق، ...و....أقول ما تقدم، انطلاقا من حقيقة أن هذا الرقم، ومهما كان يبدو محدودا للغاية، بالمقارنة مع عدد من يحق لهم المشاركة في التصويت، سوف يجسد وبكل المقاييس، وجود خميرة نوعية ديمقراطيا، قادرة على أن تمارس المغاير من الفعل، على الرغم مما يسود اتجاهات الرأي العام من مظاهر وتجليات الخضوع وعلى نطاق واسع، لسالب مفاعيل سطوة التعصب الطائفي والعشائري، كما أن ذلك سوف يضفي وبالتأكيد المزيد من المصداقية على موقف الشيوعيين من هذا السيرك الانتخابي، بعد أن تجري وكما هو متوقع وبحكم الجائر من القانون، فرهدة أصوات القوائم الصغيرة، لحساب تعزيز مواقع قوائم الحيتان الكبيرة، وعلى نحو سيجعل الكثير من الناخبين، يكتشفون وبالملموس صواب توقعات الشيوعيين، وتأكيدهم على أن هذا المشوه من العملية الانتخابية، لا يمكن أن تحقق حاسم التغيير كما يتمنى الكثير ممن يمارسون المرة بعد الأخرى فعل الاقتراع!

و....من المهم أيضا باعتقادي، أن مبادرة الحزب اعتماد هذا السبيل، وفي إطار الترويج لقائمة اتحاد الشعب، سوف يقود الكثير من دعاة المقاطعة وسط صفوف الشيوعيين وأصدقاءهم، إعادة النظر بموقفهم السالب من قرار الحزب بالمشاركة في الانتخابات، هذا إذا كانوا على كامل القناعة، من أن الصراع الفكري والسياسي، سيكون في النهاية ومما طال الزمن، لحساب وصالح قوى التيار الديمقراطي في العراق ...و....هذا التأكيد وبلغة الجزم، لا يندرج وقطعا في باب مجرد الاعتقاد، ولا ينطلق أبدا من الأوهام، ولا من جميل الأماني، وإنما هو تحصيل حاصل، لفعل قوانين التطور الاجتماعي، والتي ترتبط وثيقا بحقوق ومصالح الناس، وعلى نحو لابد وأن يقود لحتمية هزيمة كل القوى والأطراف، العاجزة عن تحقيق ما ينسجم ويتوافق مع هذه المصالح والحقوق، ومهما كانت هذه القوى تملك من القدرة في الحاضر من الزمن، على توظيف المشاعر الدينية والطائفية والعشائرية، لحرف الصراع في المجتمع عن مجراه الطبيعي!

و...أقول ما تقدم، بدليل أتساع نطاق التذمر والنقمة حتى في أوساط من يخضعون لسطوة التعصب الطائفي والعشائري، وبعد هذه الفترة الوجيزة للغاية من الزمن في حسابات التاريخ، وذلك نتيجة تزايد وتراكم الوقائع والمعطيات التي تكشف وعلى نحو صارخ، مدى وحدود التناقض في المصالح، بين أقلية من اللصوص الذين يوظفون وجودهم في العديد من مواقع النفوذ لنهب المال العام، ، وبين أكثرية كانت ولا تزال، تفتقر للكثير من مشروع الحقوق، وتعاني من كل أشكال الحرمان والاستلاب، وتدفع يوميا تبعات الفادح من نقص الخدمات العامة، وكل ما يتعارض مع متطلبات العيش الكريم، وفي بلد يعوم على بحور من النفط وسواها من كثير الثروات الطبيعية الأخرى!

و إذا كان الوجود البغيض للاحتلال، وتصاعد الإرهاب، والسافل من تدخل دول الجوار، ساعد على تسهيل توظيف المشاعر والمواقف باتجاهات طائفية همجية، من قبل جميع من عملوا على تحويل مجرى الصراع في العراق بعيدا عن مساره التاريخي، وبشكل يغطي على أتساع الفجوة بين كالح واقع الحال على أرض الواقع، والموعود من جميل الشعارات، ولكن كل ذلك وغيره من طارئ العقبات، وعمليات النصب والاحتيال، لا يمكن ومن المستحيل بتقديري ( اللهم إلا في حال تفجر حرب الطوائف) أن تديم إشاعة الأوهام، أو تمنع تنامي وتصاعد الحتمي من صراع المصالح والحقوق، وهو صراع لابد وحتما، أكرر لابد وحتما، أن يقود وتدريجيا على تحرر المزيد والمزيد من المحرومين والكادحين من سطوة الخضوع وعمياوي للتعصب الطائفي، وذلك بفعل وحكم تأثيرات كل هذا الذي يجري من واضح وصارخ التناقض، ما بين المرفوع من مزيف الشعارات، وما يحدث أمام أبصارهم وعلنا من مخزي توزيع المغانم ومواقع السطوة ونهب المال العام، وبالذات وتحديدا من قبل من يرتدون أمام عدسات التصوير، ثياب الشرف والفضيلة وحد الحديث بلسان رب العباد ، وهم الذين والله سيكون مثواهم حتما وبالتأكيد جهنم وبئس المصير!

سمير سالم داود شباط 2010
alsualnow@hotmail.com

* طالع الماضي من النص في العنوان التالي: www.alhakeka.org/711.html

** هل توجد هناك ضرورة تستدعي التأكيد على أن المختلف من أجنحة حزب أنجاس العفالقة يعملون كل ما في وسعهم دعائيا من أجل دفع أهل التذمر وسط أهل الأكثرية لمقاطعة الانتخابات، في حين يعملون العكس تماما، من خلال تحشيد قواهم في معاقلهم التقليدية، فضلا عن مناطق تواجد جحوشهم في المناطق الأخرى من العراق، باتجاه دعم قائمة واجهتهم الانتخابية راهنا، أقصد قائمة العراقية بقيادة علاوي البعث وسواه من فرسان الكفاح بالروح بالدم من أجل إعادة فرض العفالقة على العملية السياسية غصبا على اللي يريد أو ما يريد، بما في ذلك اعتماد سبيل الانقلاب، بقيادة منقذ أمريكي الولاء ومدعوم عروبجيا سلفا...و...الوارد من قليل المعلومات عما يجري ( طبخه) من الصفقات، وخصوصا في دمشق وعمان، باتت تتجاوز بتقديري الخاص حدود التكهنات، وقد يكون هذا الذي يجري راهنا في معقل تحالف أهل الشر في الموصل بقيادة عصابة النجيفي، خطوة على طريق انقلاب (شوافي) جديد بهدف اغتيال الوليد من العملية الديمقراطية في العراق، وهذه المرة ليس بدعم فقط من المخابرات المصرية وإنما مخابرات جميع حكام بني القعقوعة وسيدهم جميعا.... سلطان الاحتلال !

*** من باب الرد على ملاحظات بعض الأصدقاء، أعيد التأكيد على أن استخدام توصيف (الخضوع لسطوة التعصب الطائفي والعشائري) لا ينطوي على الإساءة إطلاقا، وإنما يندرج عندي في تصوير واقع حال ومواقف جميع من لا يملكون على المستوى الفردي، ما يكفي من القدرة، على استخدام ملكة المستقل من التفكير، وبحيث يتركون أمر قياد مواقفهم لحساب مجاراة مشاعر الجموع وعمياوي، وعلى النحو المعروف تماما مضاره ،والفادح من سالب مردوده، وخصوصا في بعض الحاسم من محطات تصاعد الهمجي من الصراع الطائفي وعلى النحو الذي جرى ولا يزال يجري في الواقع على أرض العراق ومنذ سقوط حكم أنجاس العفالقة...و...بالعراقي الفصيح : أن ينحاز المرء لقومه أو دينه أو مذهبه...الخ، ذلك شيء مألوف، يعكس مستوى الوعي ويندرج في إطار الخاص من حق القناعة، ولكن أن يتحول هذا الانحياز، منطلقا للشرير من مشاعر التعصب، وبالاستناد على عار حكم ( أنصر أخاك طالما كان أو مظلوما) ذلك من منظور دليل جهل وتخلف وانحطاط على صعيد الوعي، ما قاد ولا يمكن أن يقود وعلى مر العصور، لغير إشاعة الهمجي من الصراع، بين أتباع المختلف من الأعراق والأديان والطوائف، وصولا إلى حد إشاعة البغضاء والكراهية بين الشعوب، جراء الهمجي من التعصب كرويا، وما حدث بين مصر والجزائر مجرد مثال أخر سوف لا يكون الأخير، في ظل تحكم وعي القطيع، بمواقف واتجاهات شرائح واسعة من الناس، في المتخلف كما المتقدم من المجتمعات في الحاضر من الزمن!

طالع وتحت عنوان...هوامش أخيرة المزيد من الملاحظات عن نص الخطاب الإعلامي للشيوعيين ...انتخابيا وذلك في العنوان أدناه: www.alhakeka.org/713.html