موسم الثعالب

جملة مفيدة / زاوية يومية
يكتبها / عبد المنعم الاعسم

موسم الانتخابات كما كان يقول الرئيس الفرنسي الاسبق فرانسوا ميتران هو “موسم الثعالب” وكان يعلق على تقرير مدسوس عن ادائه في مناضرة تلفزيونية العام 1977 بمواجهة منافسه ريمون بار، والحق بسمعته ضررا كبيرا.. انذاك كان ميتران يشير ايضا الى سلسلة من حوادث غامضة يقف وراءها سياسيون “ينطبق عليهم دهاء الثعالب”.
ولا تُعرف الثعالب بصفة الدهاء فقط، بل وايضا بصفة الخبث، ففي حكاية صينية تعود الى القرن الثالث قبل الميلاد ثمة رجل اضاع فأسه، فاستدل بواسطة ثعلب (مارس الخديعة) الى ابن جار له ليشك ان يكون قد سرق تلك الفأس وشرع في مراقبته، وبدت له هيئة الصبي وسلوكه انه سارق نموذجي ومحترف، وان الفأس لا محالة عنده، حتى ان العبارات التي كان ينطق بها لا يمكن ان تصدر إلا عن سارق فأس، وبدا للرجل، وبمرور الايام التي احكم فيها مراقبته للصبي ان الاخير يخفي الفأس في مكان ما. لكن ما حدث على نحو غير متوقع هو ان الرجل، إذ كان يستدل بالثعلب، عثر فجأة على فأسه عندما كان يحرث ارضه. وفي اليوم التالي، عاد الرجل الى مراقبة الصبي، فلم يلحظ عليه أي سلوك يوحي، حقيقة، انه سارق فؤوس.
وقديما قال طرفة بن العبد:
وصاحب كنت قد صاحبته
لا تــــرك الله له واضـــــحة
كلهــــم اروغ مــــن ثعلـــب
ما اشـــبه الليلـــة بالبارحة
ويقول اللغويون “تثعلب الرجل” اذا ما جَبُن وراوغ. ويقول الجاحظ في الثعلب: “إذا طارده الصيادون، تماوت، وزكر بطنه ونفخه، حتى يتوهم من يراه انه قد مات من يوم او يومين، حتى إذا تعداه، وشمّ رائحة الكلاب، وثب وثبة ونجا.”
وفي مدونات الظرفاء ثمة الكثير من الروايات عن دونية الثعلب حتى يخجل الناس من قول “عضني ثعلب” ومرة، عضّ ثعلبٌ شيخا، فاتى راقيا (صيدلي ذلك الزمان) فقال له الراقي: ما عضّك؟ قال الشيخ: كلب (واستحى ان يقول ثعلب) فلما ابتدأ الراقي الرقية (تحضير الدواء) همس الشيخ الى الراقي: واخلط بها شيئا من رقية الثعالب.
فحذار ان يعضّ احدكم ثعلب، وقد تزايدت اعداد الثعالب، هذه الايام، في سوق الانتخابات وكواليس طبخ المقامات، وايضا (حذار) على الشاشات الملونة.. عابرة الفضاء.

ـــــــــــــــــــــ
.. وكلام مفيد
ـــــــــــــــــــــ

“ينام عميقا من لا يملك ما يخاف من فقدانه”.
حكمة مترجمة

المصدر: جريدة الاتحاد، 18/11/2009