الزنگين يأكل، والفقير جوعان وبالضيم حاله ... ملينه يا ناس والله ملينه... !!!

انطلق صوت مثقل بالهم والعذاب، صوت امرأة عراقية، أم عراقية، ترتدي الفوطة والعباءة وتمسك بيدها ملفاً أحمر بهت لونه من كثرة الإمساك به ومراجعة دوائر الدولة دون فائدة، أنطلق صوتها عبر قناة الفيحاء العراقية لتقول لحكام العراق، كل العراق، قبل المستمعين أينما كانوا " الزنگين (الغني) يأكل والفقير جوعان وبالضيم حاله .. ملينه يا ناس والله ملينه.. ما عدت خائفة، ليفعلوا ما يشاءون، بعنا كل شيء ولم يبق شيء لنبيعه.. ". بهذه الكلمات المليئة بالحياة والمليئة بقهر السنين والحرمان وعذابات مراجعة الدوائر الحكومية دون فائدة رغم التغيرات المتعددة والمتنوعة التي طرأت على العراق، ولكن الشيء الوحيد الثابت لهؤلاء الناس الطيبين هو استمر حالة الفقراء والكادحين والمعوزين على حاله، لم يتغير! لم يرحمهم أحد غير الزعيم الركن عبد الكريم قاسم حين، لأنه كان يحس بحالهم فهو منهم، من وسط الكادحين الفقراء، لم يدخل جيبه فلساً واحداً غير نظيف، حتى هذا الفلس النظيف تبرع به لعائلات كان يعرف أنها بحاجة له، مات ولم يستفد حتى من قطعة الأرض الصغيرة التي منحت له وفق القانون. بنى لكادحي وفقراء مدينة الثورة وفي غيرها دورأ وأوجد لهم عملاً وتبنى قضيتهم لأنه كان منهم ... في حين عاش العراق في ظل النهب والسلب والاغتناء الفاحش من السحت الحرام في فترات حكم أغلب حكام العراق الذين أتوا من بعده، منهم ومن غيرهم حتى يومنا هذا. الكل حين يكونوا في المعارضة يستخدموا أوضاع الفقراء والمعوزين والكادحين أداة لنضالهم ويرفعوا شعارات تعزف على حالة الفقر والبطالة والحرمان والتجاوز على حقوق الإنسان، وحين يصلوا إلى السلطة ينسى الكثير والكثير جداً من هذا الكل كل ذلك ولم يبق في ذهنه سوى الغرف بأقصى ما يمكن ليملأ جيوبه المتضخمة بالمزيد من مال السحت الحرام وليتحول إلى مليونير مرئي أو غير مرئي، ثم يحتفل البعض بوجود كثرة من المليونيرية في العراق الذين لا يريدون إخبارنا كيف أصبح هؤلاء بفترة وجيزة ضمن مليونيرية العراق، بل مليارديريته! إن فقراء العراق والكادحين لا يجدون من يساعدهم ولا يجدون حتى وظيفة أو عملاً لهم، أو يحصلون على دخل محدود لا يسد الرمق. فالتعيين لا يتم عبر مجلس للخدمة ليعامل الجميع بالتساوي ووفق المؤهلات، كما كان يجري في العهد الملكية أو في فترة حكم عبد الكريم قاسم، بل حتى في فترة صدام حسين كان هناك مجلس للخدمة رغم استخدامه بشكل غير سليم في فتر الدكتاتور الأهوج صدام حسين، فالوزير والمدير العام التابع لهذه الطائفة أو تلك أو لهذا الحزب أو ذاك هو الذي يعين اليوم من يشاء ومتى يشاء ممن يحمل معه بطاقة عضوية هذه الطائفة أو تلك أو هذا الحزب أو ذاك، ومن يأتي ويحمل يسده "كارتاً" موقعاً من إمام أو شيخ هذه الطائفة أو هذا الحزب أو ذاك. المرأة العراقية، التي نفتخر بها، فهي أمنا وأختنا وزوجتنا وبنتنا، ووهي التي تتحمل الكثير بصبر ودأب ونضال فعلي ضد مجرى التيار، كانت على حق وتتحدث باسم الغالبية العظمى من سكان العراق.. لقد ملَّ الناس كل ذلك، لقد تعبوا من الجوع وأنهكوا من المراجعات لدى دوائر دولة فاسدة ومرتشية ولا تمارس عملاً إلا بالرشوة، وهم لا يملكون لما يسد الرمق فكيف بدفع الرشوة! أيها الحكام جميعاً .. اسمعوا صوت المرأة . اسمعوا صراخها فقد وصل عنان السماء ولم تسمعوه حتى الآن ، فكيف ومتى ستسمعوه؟ لقد امتلأ الكأس وفاض، فهل من سميع من حكام العراق، كل العراق؟

كاظم حبيب
23/7/2009

المصدر: صوت العراق، 23/7/2009