من رحم الثورات الكوردية اندلعت ثورة تموز

بعد ان توقفت اخر انطلاقة في الحرب العالمية الاولى انتعشت امال الكورد واصبح لهم اخيرا نور في هذا النفق المظلم تنفس الكورد الصعداء بعد التوقيع على معاهدة سيفر في العاشر من شهر اب عام 1920 التي تضمنت تشكيل دولة كوردية مستقلة الا ان هذه المعاهدة لم ترى النور بسبب معارضة تركيا الكمالية لها بعد ان تمكن مصطفى كمال من قيادة تركيا وتحقيق انتصارات مهمة لصالح تركيا في حربها على يونان فضلا عن مصالح بريطانيا في المنطقة اذ ابرمت معاهدة لوزان في 24-7-1923 وهي معاهدة لم تاتي على ذكر حقوق الكورد فاصبحت كوردستان مقسمة بين تركيا وسوريا والعراق وايران ومفتقرة الى الحدود السياسية ومنذ تاسيس الدولة العراقية تعرض كورد العراق الى ظلم وقهر وابادة من قبل الحكومات العراقية النتعاقبة في تاريخنا الحديث لمسنا سياسة ديموغرافية وشوفينية منذ مايقارب ثمانية عقود من الزمن كل ذلك بسبب اختلافنا معهم لغويا وثقافيا وعرقيا وليس دينيا او مذهبيا

كانت هذه الحكومات كثيرا ماتلجا الى الحل العسكري للقضاء على ثورات وحركات الكورد ومما يؤسف له انه كان شعارهم (لتكن كوردستان ارضا بلا شعب لشعب بلا ارض) كانت هذه الحكومات تاجا الى الحوار بين الفينتي والفينة هدفهم ليس الحوار واحلال الوئام ونشر السلام بل كان مجرد تكتيك كي تستعد القوات المسلحة وتتهيا ثانيتا لمواجهة اخرى كما حدث في اتفاقية اذار عام 1970 التي ابرمتها الحكومة العراقية مع القيادة الكوردستانية توالت الحركات والثورات الكوردية في القرن السابق ومن هذه الحركات
انتفاضة الشيخ محمود الحفيد الاولى عام 1919 والثانية عام 1922 والثالثة عام 1930 والرابعة عام 1941 وكانت هذه الانتفاضات بين مد وجزر مما حدى بالشيخ محمود الحفيد الى تنصيب نفسه ملكا وحكم سليمانية حتى عام 1924 وتمكنت القوات البريطانية والعراقية من السيطرة على المناطق الحامية في كوردستان واستمر نضال الكورد واحتجاجاتهم على المعاهدات التي كانت تعقد بين العراق وبريطانية

وتتطور الوضع الى مظاهرات وصدامات شعبية دموية في ايلول من عام 1930 عندما تسلم الشيخ احمد البرزاني الزعامة الدينية لبرزان وكان من القادة المدافعين عن حقوق شعبه استعد بريطانية والحكومة العراقية للهجوم على هذه المناطق المشتعلة للقضاء على الزعيم الجديد
وباشرت القوة الجوية البريطانية الهجوم في اذار من عام 1932 وللحفاظ على ارواح الكورد وللحد من الخسائر البشرية والمادية ولعدم تكافئ القوتين ترك الشيخ احمد ورفاقه العراق الى تركيا في حزيران من عام 1932

اصبحت حركة برزان والحركات التحررية الاخرى تحضى بتايد عموم الكورد حيث انها اختلفت عن سابقاتها من الحركات لم تعد تختصر على عشيرة او منطقة لانها تبلورت الى حركة سياسية قومية تحررية واصبح لها تنظيم حزبي لاول مرة في اربعينيات القرن الماضي

بعد ثورة القائد الراحل برزاني عام 1943 وبعد معارك دامية تكبد الطرفان خسائر فادحة في الارواح مما جعل القيادة الكوردية تنسحب الى داخل ايران عام 1945 واستمرت تنظيمات الحزب العمل في مدن وقصبات الى جانب بقية الاحزاب الاخرى لاسقاط الحكم الملكي فقد شارك الكورد في وثبة كانون 1948 وتشرين 1952 وفي عام 1956 ونتيجة لهذه الاحداث تشكلت جبهة الاتحاد الوطني المتمثلة بالاحزاب( الحزب الشيوعي العراقي والحزب الوطني الديمقراطي وحزب الاستقلال وحزب البعث ) واقام الحزب الشيوعي العراقي المناصر للقضية الكوردية جبهة ثنائية مع الحزب الديمقراطي الكوردستاني

ونتيجة لهذه التفاعلات السريعة استطاع لواء العشرين بزعامة الشهيد عبد الكريم قاسم ومجموعة من الضباط الاحرار من قيام ثورة تموز المجيدة وقد قوبلت الثورة بترحاب كبير من لدن غالبية الشعب العراقي وخاصة الشعب الكوردي الذي طالما ناظل لنيل حقوقه المشروعة مقدما تضحيات جسام على مذبح الحرية

من رحم نضال الكورد الذي استمر اكثر من اربع عقود ونيف تمكنت الثورة الانتصار على الباطل واخيرا سمح بعودة الراحل البرزاني ورفاقه الى ارض الوطن من منافي الاتحاد السوفيتي ومن رحم تموز تمخضت ولادة ثورة ايلول في الحادي عشر من عام 1961 ومن رحم ثورة ايلول قطف شعبنا الثمار في انتفاضته المباركة عام 1991 معلنا اقليما كوردستانيا.

واليوم وبعد مرور ثمانية عشر عاما على انتفاضة نرى ونلمس التقدم الذي حصل في اقليم كوردستان الامر الذي يعترف بيه الاعداء قبل الاصدقاء بمجرد الدخول في اجواء واراضي كوردستان سنرى دولة حضارية بكل معنى الكلمة

واليوم يكفينا فخرا ان اقليم كوردستان احتضن مبارات ودية في كرة القدم لاول مرة على ملعب فرونسوا حريري بين منتخبي العراق وفلسطين كسرا للحضر الدولي المفروض على الرياضة العراقية

واخيرا سؤال الى من يهمه الامر اليس الكورد في عموم العراق هم جزء فاعل ومهم من الحل .................؟؟؟؟؟؟؟

ليلى هاشم حسن مراد

المصدر: صوت العراق، 13/7/2009