نحن والاخرين والمصالحة

لابد لنا ان نفكر ونحدد من نحن ، ولا اعتقد تجرأ شخص وسأل من يكون هو ، قد لايعجب البعض ان يسأل نفسه عن ماهيته ، قد تضحكون وتقولون ماهذه التخاريف ايعقل ان لايعرف المرء نفسه ! واقول نعم يعقل ذلك.

كان معي في العمل في السويد شخص اسمه يان وهذا الشخص كان ثرثاراً ويناقش كثيراً ويحاول ان يثبت ان الاخرين على خطأ وهو الصحيح دائماً وفي الوقت نفسه كان مهملاً كسولاً يعتمد على الاخرين لكي ينجزوا عمله وبالنسبة له لم يساعد احداً قط في العمل ، وعندما كان يأتي احد المسؤولين يحاول ان يظهر نفسه انه الاذكى والاكفأ .

لابد انكم تستغربون ماعلاقة هذا الشخص بنحن والاخرين وانا اقول كم شخص في العالم كشخص يان السويدي الاتكالي لابد ان هناك المئات او حتى الالاف ، فهل يعترف مثل هؤلاء الاشخاص بانهم على خطأ ! ولكن ماهو الصح والخطأ نحن كلنا نعتقد اننا الصح والاخرين المختلفين معنا دائماً على خطأ ، ولذلك يختلف تفكيرنا الواحد عن الاخر نحن قد نكتشف اخطاء غيرنا ولكننا لدينا اخطاء وساعطي امثلة اكثر للتوضح الصورة عن ماذا اريد ان اتحدث .

في اوربا هناك نسبة كبيرة من العراقيين يعيشون كمقيمين ، تصوروا ان البعض قد تطلق من زوجته عند السلطات لكي يحصل فقط على بعض الاموال الزائدة من المعونة الاجتماعية وبالرغم من انه قد طلق زوجته امام القضاء الا انه يظل يعيش معها ويبرر ذلك بأن القضاء الاوربي باطل ، وينسى او يتناسى ان الزواج اشهار واعلان ، وقد نرى البعض من هؤلاء قد سافروا الى العراق ليشغلوا مناصب سياسية وادارية ، وهناك المحالين للتقاعد بسبب حالتهم النفسية اي انهم مصابين بامراض عصبية اي بما معناه انهم غير قادرين على العمل لحالتهم النفسية الصعبة ، فما بالكم اني سمعت ان البعض من هؤلاء يمارسون مهام حكومية في العراق وهنا قلت سمعت والسمع غير مثلما نرى .... وعلى كل حال ماذا يفكر الذي يطلق زوجته من اجل بعض المال لابد انه يظن ان ذلك شطارة ولكن ماذا نفكر نحن ان سمعنا بمثل هؤلاء قد تختلف نظرتنا عنهم وقد نستهجنها ، والسؤال الصعب ماذا لو نحن قمنا بذلك لابد اننا سنقول انه شطارة ، انا شخصياً اتقزز من هؤلاء واعتبرهم اناس محتالين والاحتيال شيء سهل عليهم فما بالك ان شغل شخص من هذا الصنف منصباً سياسياً او ادارياً لا بد انه سيكون شاطراً في منصبه كما كان شاطراً في اوربا .

والمصيبة اكبر عندما نرى ان شخصاً محالاً للتقاعد في اوربا لمرضه النفسي يمسك منصباً حكومياً سياسياً كان او ادارياً كيف سيتصرف !! هذا ... اتركه لكم ان تحكموا .

لابد ان لكل فرد شخصية معينة وعلماء النفس والاجتماع يقرون بان الشخصية تتأثر بالعامل الوراثي والاكتساب ( اكتساب الصفات) والشخصية كما ذكره الدكتور علي الوردي في كتابه شخصية الفرد العراقي هي المجموعة المنظمة من الافكار والسجايا والميول والعادات التي يتميز بها شخص ما عن غيره ( وانا لا اود ان اعلق على موضوع تداخل البداوة في المدنية في معرض رأي الدكتور علي الوردي عن شخصية الفرد العراقي ) .

اننا نعرف الان ما هي الشخصية ولذلك يمكننا ان نفهم كيفية تكوين ونمو شخصياتنا على اقل تقدير ، فالبيئة والظروف التي تحيط بنا لها دور كبير في نمو وتطوير افكارنا وبالتالي تكوين شخصيتنا .

فالشخص الذي يسلك سلوكاً غير سوي كالذي يسرق او الذي يحتال او يغش في بضاعة او الذي يأخذ رشوة قد تربى في بيئة تسمح بذلك او تغض الطرف ، والحاجة ام الاختراع فصاحبنا طلق زوجتة لكي يكسب بعض القروش الاضافية من المعونة الاجتماعية والاخر احيل للتقاعد لادعائه بانه مريض نفسياً ، وانا اعتقد ان الظروف وحدها ليست المحددة لسلوكنا ولكن هناك شيئاً اخراً لنسميه الانانية او الطمع او اي شيء اخر.

الذين يحملون افكاراً اجرامية يكونون خطرين على المجتمع بغض النظر عن انهم ابرياء امام القانون ، فالبعثي يحمل فكراً شوفينياً عنصرياً ومستعد للقتل والتدمير للوصول لغاياته ، فحزب البعث والناس الذين يحملون هذه الافكار خطرين على المجتمع وهذا لايعني ان نلغيهم في الوقت نفسه ، ولكن لكي تعود الامور الى الوضع السليم علينا عزل كل من يحمل هذا الفكر عن الدوائر العسكرية والمدنية الحساسة ، واما محاولة البعض لاعادة هؤلاء للحياة السياسية فيجب ان تتوقف ، واعتقد ان جروح الشعب مازال ينزف بسبب هؤلاء.

ولكن في الوقت نفسه على الحكومة ان تقوم بعملية تطهير واسعة للمفسدين والفاسدين في الدوائر العسكرية والمدنية وتتحقق من كل من جاء ليلهف ما يستطيع من اموال الشعب . فالكثيرون من يدّعون بالنزاهة ليسم سوى مدّعين فرائحة الفساد الاداري والمالي مع الاسف تفوح من اغلب الدوائر واما لجنة النزاهة فهي الاخرى تحتاج الى لجنة تتقصى حولها ومنها ، ولذلك اعتقد ان المصالحة يجب ان تكون بين السياسيين انفسهم من جهة وبين ابناء الشعب العراقي من جهة اخرى ، فلا مصالحة مع القتلة والمجرمين ولا مصالحة مع المفسدين والفاسدين .

واقول كلمة

نحن كلنا بشر ، وكل شخص يحاول ان يبني مستقبله ومستقبل اولاده ، ولكن يجب ان يتم ذلك في اطار القانون ، وعلينا ان نتعاقد على هذا القانون ، لا ان يفرض كل حزب علينا قانونه الخاص.

المهندس بهاء صبيح الفيلي
baha_amoriza@hotmail.com

المصدر: صوت العراق، 11/7/209