لقاءات غير منشورة لصدام حسين مع الـ ( FBI )

كشفت الصحيفة الأمريكية الشهيرة " واشنطن بوست " في عددها الصادر، الخميس 2 حزيران، عن حدوث لقاءات رسمية وحوارات غير رسمية بين الرئيس العراقي السابق صدام حسين وعميل مكتب التحقيقات الفيدرالي الأمريكي جورج بيرو، أوضح فيه صدام عدة أمور مهمة تتعلق بسياسته التي اتبعها أبّان فترة حكمه وموقفه من إيران وكيفية نظره لها ومسألة احتلال الكويت وقمع الانتفاضة الشيعية في الجنوب بالإضافة إلى رأيه في الاتهام حول حيازته لأسلحة الدمار الشامل وعلاقته بتنظيم القاعدة وزعيمها الإرهابي أسامة بن لادن.
وقد قمنا بتبويب ماجاء في الحوارات واللقاءات المنشورة الى عدة ابواب وفقرات لتسهيل فهمها وتبسيطها وقد تضمنت المحاور التالية:

ماهية اللقاءات
كانت هذه اللقاءات، كما تحدث عن ذلك تقرير مختصر لمكتب التحقيقات الفدرالي، عبارة عن 20 استجواب رسمي وخمسة محادثات اعتيادية غير رسمية في سنة 2004 حصل عليها مركز أبحاث مستقل غير حكومي من أرشيفِ الأمن القومي بموجب قانون حرية المعلوماتِ مع قيام المشرفين عليها بحذف بعض العبارات وتنقيح أخر لقاء رسمي مع صدام في 1 مايس 2004 .

زمن اللقاءات
وقد تمت الحوارات واللقاءات في أوقات معينة حيث كانت المقابلات الرسمية الـ 20 قد تمت بين الفترة 7 شباطِ الى 1 مايسِ ، ثم تلتها حوارات غير رسمية في الفترة مابين 10 مايسِ الى 28 حزيران.

موضوعات اللقاءات
تطرقت الحوارات بين بيرو وصدام في المقابلات الرسمية الى صعود صدام للسلطة وقضية احتلال الكويت، وقمع الإنتفاضة الشيعيةِ في جنوب العراق بصورة تفصيلة ، بينما كان موضوع أسلحة الدمار الشاملِ والعلاقة مع القاعدةِ محور المحادثاتِ غير الرسمية ِ.

أظهار اللقاءات للإعلام
بّين مدير أرشيف الأمن القومي توماس بلانتون أنّه لا يمكن أن يتخيل أي سببِ يتعلق بالأمن القومي يرغمنا على أبقاء الحوارات مع صدام سرية بل ان الناطق باسم مكتب التحقيقات الفدرالي بول بريسون قالَ بأنّه لا يَستطيعُ أَنْ يعرف سبب قيامهم ببعض التعديلات في الحوار.

وصف اللقاء
كان اللقاء يجري باللغة العربية وكان صدام يبدو فيها متحدّيَا ومغرورا في أغلب الأحيان على حد وصف بيرو الذي عارض تفسير صدام للأحداث التي جرت مستشهدا بالحقائق التي تتناقض مع ما يقوله صدام .بل ان بيرو يذكر بانه اجبر صدام على رؤية فيلم وثائقي بريطاني يوضح قسوته ضد الشيعة والتي أظهر صدام إزائها لامبالاة تامة مع ان بيرو قد شدد على ان الاستجوابات كانت تجري بصورة طبيعية من غير ضغوط و لَمْ يُستعملْ فيها أساليب الاستجواب القسريّة ِ، لأن هذه الأساليب ضد سياسات الFBI .

صدام والخوف من طهران
شدد بيرو على ان صدام كان مقتنعا بان ايران كانت تريد ان تضم اليها جنوب العراق ذو الغالبية الشيعية المطلقة ولهذا فبلاده عرضة للتهديدِ الفعلي من قادة طهران لهذا فانه بدأ بالتفكير جديا بطرح فكرة عقد اتفاقية أمنية مع الولايات المتّحدةِ لحِماية العراق مِن التهديداتِ في المنطقةِ خصوصا وان العراق والبلدان الاخرى في الشرق الاوسط التي وصمها بالضعف لا تستطيع الدفاع عن نفسها ازاء قوة ايران .
وقد استشعر صدام بهذا الخوف حينما لاحظ بأنّ قابلية أسلحةِ إيران العسكرية قد زادت بشكل مدهش بينما تم التخلص من أسلحةَ العراق بواسطة العقوبات التي فرضتها الأمم المتّحدةِ، ولهذا على العراق في نهاية المطاف أَن يُعيدَ تسليح جيشه للتَعَامُل مع ذلك التهديدِ إذا لم يَستطيعُ ان يعقد إتفاقية أمنية مع الولايات المتّحدةِ.

الامم المتحدة والعالم
إعترفَ صدام وهو يعلوه الحزن في بعض الحوارات بأنّه كان يَجِبُ عليه أنْ يَسْمحَ للأُمم المتّحدةِ لمشَهادَة تدمير أسلحةِ العراق بعد حرب 1991. بل انه أخبرَ بيروا بانه أوهم العالمِ بالاعتقاد بان لديه أسلحة دمار شامل لأنه كَانَ لا يرغب ان يظهر بشكل واهن أمام إيران، بل ان صدام قد ربط بين رفضه عودة مفتشي الامم المتحدة وايران حيث ذكر لبيرو ان سبب عدم سماحة لعودة مفتشي الامم المتحدة للعراق كان يكمن في انه كان قلقا بشان ضعف العراق وسهولة مهاجمته عسكريا من قبل أيران أكثر مما يمكن ان يكون عليه رد فعل أمريكا حول رفضه السماح لمفتشي الأمم المتحدة بالعودة للعراق اسامة بن لادن والقاعدة في حديث صدام مع بيرو حول اسامة بن لادن في 28 حزيران 2004 لاحظ بيروا ان ما قاله صدام يتقاطع بشكل كبير مع ما زعمته أدارة بوش حول علاقة العراق بالمجاميع الإرهابية وقد اجاب صدام بيروا قائلا " من يستقرا التاريخ يرى انه في كل مراحله كَانَ هناك نزاع بين الأصولي والسياسي ... انني مؤمن بالله لكنني لست متطرّفا لا ينبغي الخلط بين الدين والدول " واوضح بانه لم يلتقي بن لادن ابدا وانه يشجب افعاله لأن" أفكاره مختلفة تماما عنه". وعندما حاول بيرو أن يقنع صدام بان هنالك أسبابا وجيهة لتعاون صدام مع القاعدة كونهما يكنان نفس العداء لأمريكا أجابه صدام " لم تكن الولايات المتّحدةَ عدواً للعراق" وهو ببساطه يعارض سياستها فقط ! وعلى فرض أن هذه الحوارات واللقاءات صحيحة وموثقة على نحو يقطع الشك بمصداقيتها فإنها تكشف عن الكثير من المعلومات السرية التي كانت في جعبة صدام حسين والتي ربما لم يرغب البعض أن تظهر أو لم يرغب هو نفسه بإظهارها للرأي العام كما رآه الجميع على الشكل الذي ظهر عليه في محاكمته التي نقلتها وسائل الأعلام . المطلوب أثبات مصداقية هذه الحوارات من حيث أنها كانت تخلو من الكذب أو الاعترافات القسرية تمهيدا لترجمتها إلى اللغة العربية من أجل كشف حقيقة المعطيات التي ذكرها صدام خصوصا فيما يتعلق برغبته بعقد اتفاقية أمنية مع الولايات المتحدة الأمريكية والتي قد تكون صادمة للكثير ممن يعتقد بوجود عداء بنيوي بين صدام والولايات المتحدة الأمريكية . مهند حبيب السماوي alsemawee@gmail.com 2/7/2009