دور احمد الجلبي في العراق وانسحاب القوات الأمريكية ـ مجلة نيوز ويك ـ لينوكس صاموئيل

يعتبر أحمد الجلبي من بين الأصوات البارزة من العراقيين الذين عاشوا في المنفى ممن كانوا يعارضون نظام صدام حسين، والذي كان حلقة وصل بين الهاربين العراقيين كما انه شجع الولايات المتحدة على غزو العراق من خلال أقناعها بامتلاك صدام لأسلحة الدمار الشامل وعلاقته مع القاعدة. ولكن وبعد فوات الأوان حينما تم الإطاحة بصدام في ذلك الوقت ظهر ان تلك الادعاءات مزيفة، ثم عاد الجلبي إلى وطنه للمساعدة في التخلص من الدكتاتورية باعتباره رئيسا للجنة اجتثاث البعث، وهو المنصب الذي لا يزال يشغله على الرغم من الانتقادات اللاذعة لفترة ولايته .
وعلى مدى ولايته شغل العديد من المناصب الحكومية من بينها وزير النفط ونائب رئيس الوزراء. وقد تحدث مؤخرا لمراسل مجلة نيوزويك لينوكس صامويل في مكتبه المحصن بالحراسة الشديدة حول ماضيه المثير للجدل ومستقبل العراق ما بعد الاحتلال :

نيوزويك : ما هو تقييمكم للوضع الراهن في العراق؟
الجلبي: الاحتقان الطائفي ولى إلى غير رجعة. والأسباب الرئيسة تكمن في سببين:
السبب الأول: الصحوة ( وهم المتمردين السنة السابقين الذين يساعدون الحكومة الآن في القتال ضد القاعدة). فالجنرال ديفيد بترايوس كان ناجحا في تشكيل مجالس الصحوات وقد توصل بترايوس إلى نتيجة مفادها ان الدفع لهؤلاء هو اقل كلفة من إطلاق النار عليهم أما السبب الثاني فهو توقيع اتفاق مع إيران تم بموجبه إيقاف القتال مع جيش المهدي والذي جاء نتيجة الجهود الإيرانية في التعاون مع الحكومة العراقية حيث تم إقناع مقتدى الصدر لإعلان وقف النار .
ما نريد أن نقوم به هو المحافظة على المكاسب الأمنية التي حصلنا عليها. لدينا في العراق الآن نحو مليون رجل مسلح من الجيش والشرطة. ويجب علينا تحسين مستوى القيادة والسيطرة ويجب علينا أيضا تحسين تسليحنا وأسلحتنا والتدريب، ويجب علينا تطوير مستوى تدريب الجنود والضباط. وبعد هذا كله يجب علينا تحسين قدرتنا الاستخباراتية . وحربنا ضد الإرهاب ليست فقط معركة عسكرية ولكن هي في المقام الأول معركة معلومات.
هناك مسألة الأداء والكفاءة والقدرة على إدارة الجانب غير الأمني، ونحن كنا في هذه أقل نجاحا. وتواجهنا في الواقع ثلاثة مشاكل، الأولى هي الكفاءة والثانية مسألة الفساد، والثالثة قضية الأحزاب والولاء للعشيرة.
لكل أسف كان للكفاءة دور اقل مما ينبغي أن يكون عليه في اختيار الموظفين الكبار من جميع الجهات. وقد خيم على وسائل الإعلام الأمريكية فكرة استبعاد البعثيين ولذلك كان هناك نقص في الكفاءة وهذا أمر غير منطقي بشكل واضح ، فمعظم أعضاء حزب البعث لم يتم طردهم . ومن بين البعثيين ذي الرتب العالية هنالك ما يقارب 90 % من الأشخاص الذين طلبوا استثناء وقد حصلوا عليه وعادوا الى مناصبهم .
وهذه أصبحت كالإشاعة الكاذبة التي انطلت على الكونغرس ومجلس الشيوخ وغيرهم من السياسيين .

نيوزويك : وماذا عن قضية الفساد ؟
الجلبي: استطيع إن أقول لكم بثقة بان الفساد في العراق قد وصل إلى عدة مستويات ضخمة أعلى من مرحلة سلطة الائتلاف المؤقتة CPA. الآن لدينا قضية الفساد في وزارة التجارة مع الوزير السابق المعتقل الذي أنكر اي اتهام وقد تم إطلاق سراحه بكفالة مالية . الحرب ضد الفساد لا ترتبط باعتقال مسؤولين كبار أو القيام بتحقيقات عالية المستوى وإنما نجاح الحرب ضد الفساد يتم إذا منعنا الفساد من الحدوث في مكانه الأول .

نيوزويك : ما هو تقيمك لحكومة رئيس الوزراء نوري المالكي؟
الجلبي : بالنسبة للوضع الأمني فهو جيد جدا ، أما بالنسبة لجمع لمعلومات فهو متوسط، الوضع الخدمي متوسط الى واطئ، وبالنسبة إلى تحسين مستوى الحياة متوسط الى واطئ أيضا .

نيوزويك : هل تفاجئت بأداء حكومة نوري المالكي ؟
الجلبي: أنا اعرف المالكي منذ فترة طويلة، وقد شغل منصب نائب لجنة اجتثاث البعث لثلاث سنوات أنا اعرفه أنه حاسم وشجاع ، لذلك لم أتفاجئ بأدائه في القضايا الأمنية . والوضع كله قد تم بوجود رجل مثل الجنرال بترايوس، الذي فهم مقومات الوضع السياسي وساعد المالكي في مواجهة التهديد الأمني .أنا غير راضي على الأداء الخدمي والاقتصادي . وللتعامل مع الملف الاقتصادي والخدمي في بلد مثل العراق فهذا يتطلب سلطة مخولة واختيار أشخاص كفؤيين. وأعتقد إن إحدى المشاكل الرئيسية هي إيجاد وظائف لشباب لديهم ولاء معين على حساب الكفاءات.

نيوزويك : ما هو رأيك بالرئيس اوباما ؟
الجلبي: دعني أقول لك شيئا : نحن ممتنون للرئيس بوش لمساعدته لنا في تحرير بلادنا من صدام . لكن كانت هناك عدة أخطاء ارتكبت فيما بعد أدت الى تعكير المياه ! ونحن رأينا الرئيس بوش يترك مكتبه مع تقدير قليل. ومع ذلك جاء الرئيس اوباما ببداية جديدة . في البداية قال العراق للعراقيين وهم من يقرر مستقبلهم ، ثم عمل على أزالة التوتر بين الولايات المتحدة والإسلام ،فاقتباسه من القران كانت أمرا رائعا . رسالته الى المسلمين وصراحته في موقف الولايات المتحدة كانت مهمة أيضا ، حيث أداها بطريقة لم تسيء إلى المسلمين أو العرب ، بدون ان يغير من الموقف الأساسي للولايات المتحدة . انه خطاب رجل ذو فطنة سياسية عالية .

نيوزويك :ما هي اكبر الأخطاء التي ارتكبتها إدارة بوش في العراق ؟
الجلبي : أولا: الاحتلال ، وهذه كانت أم الشرور والثانية : كانت الفشل في تحسين مستوى حياة العراقيين ، وثالثا: استخدام العراق كقاعدة لحرب أمريكا في المنطقة . والرابعة لم يقوموا بمساعدتنا في محاربة الفساد، أنهم كانوا يحمون أصدقائهم في العراق .

نيوزويك:هناك الكثير من يقول بأنك أخذت الكثير من الأموال ،كيف تجيب ؟
الجلبي: أنها أكاذيب ، لا يوجد شي من هذا القبيل ولا توجد أدلة يمكن أن تثبت ذلك ولا تهمة محددة ولا توجد صفقة تجارية معينة قد استفدت منها . نحن ( المؤتمر الوطني العراق ) الحزب السياسي الوحيد في العراق الذي لم يستفد من أموال الحكومة.

نيوزويك : يقول البعض بأنك حصلت على ملايين الدولارات من خلال دورك كوسيط ؟
الجلبي :من ؟ أي شركة أمريكية ؟ دعهم يثبتون شئ واحد ؟ انا انفي هذا تماما ، واود أن اقول لا احد يستطيع ان يعرض لي مثال واحد على أدعاءاتهم . كما تعلم انا كنت رئيس لجنة فرز العقود الحكومية وكل العقود تمر من خلال هذه اللجنة ولا يستطيع احد أن يشير الى وجود مشكلة في أي عقد . هنا في العراق اكتشفت مشاكل كبيرة ، فمن السهل أن توجه اتهام لكن لا احد يستطيع ان يثبت ذلك .

نيوزويك :ماذا سيحدث بعد انسحاب الأمريكان من المدن العراقية بنهاية حزيران ؟
الجلبي : ستكون هناك مشاكل ولكن من السهل لنا أن نرتكب أخطاء من الكمال التي تزعمه أمريكا. يمكن أن تكون هناك مشاكل في بعض النواحي التي ، من الممكن أن تتمكن القاعدة فيها ان تستغل هذه الفرصة لمحاولة التحريض على العنف الطائفي من خلال التفجير في أماكن مختلفة وقد تحدث بعض الانتهاكات ضد القانون والنظام من قبل العصابات .

نيوزويك :هل انت واثق من قدرة قوات الامن العراقية ؟
الجلبي : نعم انا واثق حيال ذلك... ولكن في الوقت نفسه اشعر بحاجتنا المطلقة الى تحسين قدرات القيادة والسيطرة.

نيوزويك : من وراء الموجة الأخيرة من الهجمات، ولماذا ؟
الجلبي : انه تنظيم القاعدة ، أنهم يأملون في إشعال الصراع الطائفي في العراق ، هذا هو السبب الرئيسي . لقد اقترفوا أعمال شنيعة ضد الشيعة على أمل أن يقوم الشيعة برد فعل ضد السنة، واستطيع أن أخمّن ان عدد مقاتلي القاعدة في العراق الان اقل من 600 مقاتل ولكنهم لا يزالون يشكلون خطرا كما شهدنا ذلك في الأسابيع الأخيرة حيث قاموا بالعديد من التفجيرات والاغتيالات .

نيوزويك : في أعقاب الصراع الطائفي ما هي النظرة العامة للحل السياسي بين السنة والشيعة والاكراد؟
الجلبي :في البداية خسر السنة معركة بغداد ، وهم خسروا هذه المعركة ليس بسبب القدرة التنظيمية الشيعية لكن بواسطة الغالبية الشيعية . وهذا لا يعني باي حال من الأحوال ان السنة تم استبعادهم من بغداد، أنهم جزء لا يتجزأ من الوضع في بغداد .من المعروف ان الشيعة فازوا بالسلطة السياسية لكن الكثير منهم خاب أملهم ، لأنهم توقعوا اكثر من ذلك في الاستفادة من الفوز الذي حدث . بعض السنة يرون الوضع على نحو آخر أدى الى حدوث توتر . ولكن... نعم الأكراد والشيعة والسنة يمكن أن يعيشون في العراق وان يتوحدوا.

نيوزويك : مالذي يحتاجه العراق من الولايات المتحدة الأمريكية لكي يتقدم ؟
الجلبي : قبل كل شي نحن بحاجة للدعم، فنحن نريد من الولايات المتحدة تنفيذ الاتفاق الأمني والانسحاب من العراق عسكريا ،وكلما كان مبكرا كان أفضل ، فبسبب وجودهم في العراق تضررت العلاقة بين الشعبين ، وهذا ما يحدث لأي احتلال . وكان هذا الخطاء الأكبر لإدارة بوش عندما قرر احتلال بدلا دعم الحكومة المؤقتة، نحن لم نتفق معهم على ذلك نحن بحاجة إلى استمرار الدعم الأمريكي ونحن نمضي قدما في تطوير البرنامج الاقتصادي والخدماتي .

نيوزويك :يعتقد الكثيرون انك أنت من دفع أمريكا إلى الحرب، ما هو موقفكم ؟
الجلبي :هذا أمر غريب ، وإجابتي هي انه شرف لي وأنا لا استحق ذلك او أروج له وانا لا انكر ذلك انه من الرائع ان يعتقد الشعب ذلك باني استطيع إقناع الولايات المتحدة بنشر قواتها في العراق من 7000 آلاف ميل وتنفق مليارات الدولارات للقيام بذلك .

هذه الإشاعة التي تعتبرني محرضا على احتلال العراق كان ورائها الحكومة الأمريكية لدرجة أصبحت كالحقيقة في العراق بحيث يعتقد الكثيرون هنا بذلك ..

ترجمة: حسين خاني الجاف
مترجم عراقي حر
25-حزيران

للتواصل وإبداء الملاحظات
Husseinaljaf4@gmail.com