بعد إهدائه جميع أعماله الخالدة و أرشيفه النادر للمتحف العراقي العراق يحتفي بفنانه التشكيلي الكبير نوري الراوي

نوري الراوي ، فناناً تشكيلياً يمثل انعطافة كبيرة في مسيرة الحركة التشكيلية في العراق ولعب دوراً مهماً في رسم ملامح مرحلة حديثة إلى جانب نخبة ضمت جواد سليم وفائق حسن ومحمد غني حكمت وآخرين .. الراوي الذي يعد احد رواد الفن التشكيلي في العراق يمثل تاريخاً مثمراً من العطاء يزيد على النصف قرن .. مخلفاً أعمالاً عظيمة من لوحات و منحوتات و مؤلفات معنية بالفن التشكيلي .. فضلاً عن احتفاظه بوثائق تاريخية وأرشيف مفصل و مراسلات مع فنانين عالميين ، الراوي المولود في مدينة راوة غرب العراق عام 1925 يعد من مطوري الفن التشكيلي العراقي ، فمنذ خمسينيات القرن الماضي وهو منطلق بمسيرة فنية غزيرة العطاء .. فهو عضو مؤسس لجمعية التشكيليين العراقيين عام 1956 و معد ومقدم برامج الفنون التشكيلية في تلفزيون العراق منذ العام 1957 إلى العام 1987، وقد حصل على دبلوم معهد الفنون الجميلة – فرع الرسم في بغداد عام 1959 ، ثم نال زمالة دراسية في التصميم الطباعي (مونتاج المطبوعات وديكور البرامج التلفزيونية) من بلغراد عام 1962-1963.
نوري الراوي مؤسس ( المتحف الوطني للفن الحديث) ومديره الأول/ 1962-1974.. و زميل في ( جماعة الرواد )الفنية برئاسة الفنان فائق حسن/ 1964-1979.. و عضو اللجنة الوطنية العراقية للفنون ( إياب ) التابعة لمنظمة اليونسكو/ 1969-1967. . و رئيس جمعية التشكيليين العراقيين/ 1982-1983.. وعضو اللجنة العليا لمهرجان بغداد العالمي للفن التشكيلي/ 1986-1994، وعضو المجلس المركزي لنقابة الفنانين العراقيين/ 1989-1993.و عضو الهيئة المؤسسة لملتقى الرواد ( بيت العلماء ) 1993.
نوري الراوي حصل على عدة تكريمات رسمية و شعبية لمجهوداته في تطور الفن التشكيلي العراق فقد نال وسام الاستحقاق العالي بمرسوم جمهوري عام 1993.. و نال لقب ( رائد تشكيلي ) في نفس العام .. و أصبح رئيس رابطة نقاد الفن التشكيلي في العراق/ 1998 .. و حالياً هو رئيس لجمعية الفنانين التشكيليين العراقيين .
الراوي قدم عشرات المعارض في عواصم العالم المختلفة منطلقاً من معارض بغداد إلى معارض دابست و دابرستن في هنغاريا إلى الارماتا في باريس ، ومعارض في لندن و الولايات المتحدة و دول عربية و أجنبية مختلفة .
كما قدم نوري الراوي مجموعة نفيسة من الكتب و الدراسات حول الفن التشكيلي و التراث ، تعد مرجع أساسياً لتفهم الفن التشكيلي المعاصر في العراق .
أعمال النهب والسرقة وحرق المئات من مقتنيات المتحف العراقي للفن الحديث في بغداد العام 2003 بعيد الدخول الأمريكي لبغداد ، دفعت بالفنان التشكيلي نوري الراوي إلى الطلب من منظمة اليونسكو العالمية حفظ لوحاته ووثائقه الفنية الأخرى التي لا زال يحتفظ بها خشية عليها من الضياع و السرقة و خاصة بعد سرقة لوحات نفيسة له من المتحف العراقي للفن الحديث ، الراوي نجح في استعادة إحدى لوحاته المسروقة .. في حين أعاد رسم لوحته الشهيرة موناليزا العراق .. و كان الراوي قد طالب بالاهتمام بالأعمال الفنية النفيسة لرواد الفن التشكيلي في العراق من خلال إقامة متاحف خاصة لاحتواء أعمالهم الكبيرة .. وقد تأخرت وزارة الثقافة العراقية بالتعاطي مع هذا الملف .. إلا إن رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي بادر و دعا إلى إقامة متحف للمبدعين والمفكرين والعلماء العراقيين ليرى العالم من خلاله وجه التاريخ والإبداع العراقي ، ومع انطلاق المبادرة و الشروع بتنفيذها قدم الفنان الكبير نوري الراوي جميع أعماله الفنية و مقتنياته الفنية وأرشيفه الخاص ، ألأرشيف الذي يهم الثقافة العراقية عموماً والحركة التشكيلية خصوصاً، حيث يضم آلاف الدراسات والأدلة عن المعارض والملصقات والمقالات المتخصصة وهي تهم أي دارس للفن العراقي ، ومصدر مهم للأجيال المقبلة .. وخاصة وهو يعاصر ما يزيد عن ستين عاماً مضى .
رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي استقبل في مكتبه الرسمي ببغداد الفنان نوري الراوي ، و بحضور وزير الدولة لشؤون السياحة والآثار الدكتور قحطان الجبوري ووكيل وزير الثقافة العراقي السيد طاهر ناصر محمود.. وثمن المالكي الجهود الكبيرة التي قدمها الفنان نوري الراوي طوال مشواره الفني والخدمات التي قدمها للفن والتراث العراقيان ، كما وجه المالكي كتاب شكر وتقدير للفنان الراوي لتقديمه أعماله الفنية إلى المتحف العراقي لتكون إرثا وملكا لجميع العراقيين ، الراوي شكر رئيس الوزراء على رعايته للفنانين العراقيين وقال : ما تقديم أعمالي الفنية إلى المتحف العراقي إلا شعوراً مني بأن كل ما أملك هو من حق العراقيين جميعاً ولتتوارثها وتستفيد منها الأجيال في المستقبل .
ويذكر إن الراوي البالغ من العمر 84 عاماً ، و بعد مبادرته بإهداء جميع أعماله و مقتنياته الفنية و مراسلاته و آثاره المطبوعة و وبحوثه وأرشيفه الذي يعد أهم وأكبر أرشيف للفن العراقي منذ بداية الخمسينات وحتى اليوم ، للمتحف العراقي .. أقيمت له عدة حفلات للتكريم و الاحتفاء من خلال المؤسسات الحكومية الرسمية و المنضمات المعنية بالثقافة و الفنون و التشكيل .

مازن الياسري
www.alyasery.com
4/6/2009