كـي لاننسى شهدائنا ... "2 "

تقدمت الى المسرح كل من الرفيقتين ( أمل و كَلاويش ) وندبتا شهدائنا المحتفى بهم باللغتين العربية والكوردية وطلبتا من الحضور الوقوف دقيقة صمت حدادا على أرواح من أزهقت أرواحهم دون رحمة رحيم وسط أنين وعويل وغيث وما من مجيب !!!! ثم تليت آيات ٍمن كتاب الله ، وتوالت فقرات الحفل التأبيني لشهداء المقابر الجماعية في قاعة ( همر كلن ) التي زُينت جدران مداخلها بصور الشهداء وملابسهم ، وتدلت لافتة من أعلى المسرح عبارة ( كـي لاننسى شهدائنا ) في حين غطى منصة الإلقاء برقع أسود كدليل حزن على ما جرى ، وكان المسرح قد اُعد سلفا ً لعمل مسرحي للصديق الفنان ( علي ريسان ومنال الطائي ) و سنكتب عنه لاحقا ً حيث دلل القبرُ على ماهية الحدث ،،
إغرورقت دموع عريفة الحفل (أمل ـ أُم بشرو ـ ) والتي تغلبت بالكاد علـى نشيجها الذي خنق جُملتها ،ومع هذا تمكنت من دعوة اللجنة التنظيمية لألقاء كلمة بالمناسبة نقتطف منها التالي :
نقف اليوم مجددا لنتطلع الى شهدائنا مـن كافة مكونات الشعب العراقي والذين أضحوا أوسمة ونياشين نفخر بها لنبلها وصدق مقاصدها في طريق النضال ضد الظلم والقهر، الذي إبتلى به وطننا طيلة أكثر من ثلاثة عقود إرتهنت فيه موارد البلاد من شماله الى جنوبه ومن شرقه الى غربه لحزب فاشي لم يحقق إلا الدمار والفساد والخراب السياسي والإجتماعي والإقتصادي ، ولقد أفصحت المقابر الجماعية عن خسة ودناءة الإدعاءات القومية والدينية التي مابرح أيتام النظام المقبور ومروجوا الأفكار الشوفينية يترحموا عليها بين الأونة والأخرى .
ولعل البديل الحالي يحمل بين طياته الكثير من السيئات والتي شكلت وستشكل عامل إحباط وإمتعاض لمفهوم الديمقراطية ودولة القانون من جهة وما سعى اليه شهداؤنا لبديل يتسم بحلم العدالة الإجتماعية من جهة أخرى ،
إن الواقع الحالي لجمهرة ذوي الشهداء من العرب والكورد والتركمان والكلدو ـ اشوريين والكورد الفيلية ولبقية شرائح المجتمع العراقي لاتبشر بالخير إذ انها تعاني من المماطلة والروتين والوعود ولابد من إصدار قانون واضح وصريح وفعال يؤمن حقوقهم التي صادرها النظام البائد ولا يعقل ان تهمش في ظل وضع يقال عنه انه جاء لنصرة المظلوم ،، ان المحاصصة وتفشي روح الإثراء والنفعية الحزبية تعطل مسار العملية الديمقراطية وهي بالتالي تضر بعمل المخلصين من أبناء الوطن الذين قارعوا الدكتاتورية البعثية وتحملوا وزر أعباءها ولا زالوا يغذوا السير من أجل رفد الوطن بأفكار تنويرية تتماشى مع الركب المتحضر من أجل الأنسان ومن هنا ومن هذا المنبر، منبر إحياء ذكرى شهدائنا نطالب بتأمين حقوق جميع المناضلين من العسكريين والمدنيين وممن تركوا الوطن هربا بكرامتهم من جور وعسف الحزب الواحد أو من الذين هجرهم البعثيون الى دول الشتات ،
" ألقيت كلمة اللجنة التنظيمية باللغتين العربية والكوردية "
كما تضمنت كلمة ذوي الشهداء معاناة الكورد الفيلية وما تعرضوا له من بطش وأرهاب ومصادرة ، وكان ( سعد رضا ) ممثل الحزب الكوردي الفيلي قد بدء كلمته بشعر للجواهري مُمَجدا ً الشهيد العراقي ، متطرقا ً إلى مصادرة حقوق الإنسان إبان العهد الصدامي مطالبا الحكومة البديلة بإنصاف هـذه الشريحة التي تتمسك بعراقيتها ، ونقتطف بعضا مما جاء في الكلمة :
أن حملاتِ التهجير القسري المأساويةِ المرتبطةِ بسياسة التطهير العرقي التى قام بها النظامُ البعثيُ الفاشي المقبور، بدأتْ في شهر نيسانَ العام 1980، لا سيما وأن الأمهاتِ الفيلياتِ المفجوعاتِ بأبنائهنَ، والزوجاتِ الفيلياتِ المنكوباتِ بأزواجهن، والأخواتِ المنكسراتِ الفاقداتِ لأخوانهن، والآباءَ المحطمين بخسارةِ الأبناءِ، كلُ هؤلاء كانوا يأملون رغمَ التهجيرِ والترحالِ في مناكبِ الأرض، أن يلتقوا أبناءَهم أحرارا بعد سقوطِ الدكتاتور المقبور ونظامهِ، لكنهم، كبقيةِ أبناءِ الشعب العراقي، لم يكنْ عليهم البحثُ في أقبية السجونِ وسجلاتِ المعدومين وحسبْ، وإنما عليهم البحثُ في المقابر الجماعيةِ الممتدةِ من أقصى العراق الى أقصاه، بل أن فجيعةَ الفيليين اصبحتْ الأكبرَ من حيث أنهم لا يعرفون حتى القبور الجماعية لأبنائهم، بل وهناك العديدُ من القصصِ التي تقشعرُ لها الأبدانُ لكنها رغمَ أهوالِها تجسدُ بطولاتِ الشبابِ الكورد الفيليين في مواجهة الدكتاتورية المقيتة، وتسجلُ للشهيد الفيلي صفحاتٍ خالدةً مدونةً بدمائِهِ الزكيةِ والطاهرة . فتحيةً للشهيدِ في يومهِ الاغر. لكنْ ما الذي يمكنُ أنْ نستمدَهُ من ذكرى شهدائِنا الفيليين لاسيما وأن عشراتِ الآلافِ مـن الكوردِ الفيليين لازالوا مهجَرين؟؟؟؟؟ وأن أضعافَ هذا العددِ توزعوا على مشارقِ الأرضِ ومغاربها، ومَن رجع منهم إلى أرضِ الوطن لم يجدْ وطناً يرحبُ به، ولا حكومةً تعيدُ له حقَه المنهوبَ ودارَهُ المغتصبة أو أموالََهُ المصادرة، ولا هويتَهُ الوطنيةَ المشكوك فيها دائما، بل ولم تعيدَ له ولشهداءِ هذه الشريحةِ الاعتبارَ اللائقَ بهم وبحجمِ تضحياتِهم ! ما الذي يمكن أن نستمدَهُ من ذكرى شهدائنا، لاسيما وأن الوضعَ السياسيَ المعقدَ في العراق اليوم، دفعَ بقضية الكورد الفيليين إلى الهوامشِ الأخيرةِ والمهملةِ في ملفاتِ الحكوماتِ العراقية المتعاقبة منذُ سقوط الصنم والى يومنا هذا! ؟!؟ ما الذي يمكنُ أن نستمده من ذكرى شهدائنا بعد ستةَ اعوامٍ من التغيير و ملفُ المصالحةِ مع الجلادين والقتلةِ البعثيين هو الملفُ الأهمُ للحكومة الوطنية، وإنْ كان على حسابِ ضحاياهم ؟؟

إنها أسئلةٌ مباشرةٌ وواضحةٌ، والإجابةُ عنها لابدَ مِنْ أنْ تكونَ مباشرةً وواضحةً أيضا، ولا تستدعي البحثَ عن التبريراتِ غيرِ المجدية، ولا التحليلاتِ الفارغة، فليس أمامَ الكورد الفيليين سوى أنْ يتحدوا، وانْ يرتبوا بيتَهم الفيلي، أي أن الحلَ في رأينا يكمنُ في تشكيلِ جبهةٍ فيليةٍ وطنية تأخذُ المبادرةَ بيدِها للتوجهِ بمطاليبها إلى الحكومة العراقية و مجلس النواب. المجدوالخلود لشهدائنا الأبرار .. المجد والخلود لشهداء الحركة الوطنية العراقية

رشيد كَرمـة ـ السويد
18 أيار 2009

المصدر: صوت العراق، 18/5/2009