الأسباب الخفية للتداعيات الأمنية وأمور أخرى

يرسم البعض صورة قاتمة عن المشهد العراقي وإحتمالاته المؤدية الى حرب أهلية أو سقوط حكومة المالكي والعودة الى المربع الأول، خاصة مع زيادة الإختراقات الأمنية في الأسابيع الماضية وتراجع الآمال في إستمرارية الإستقرار الأمني في العراق. وعلى أثر هذا التراجع، هناك من رسم سيناريوهات وتحليلات موزعا الإتهامات على أطراف عدة، بشكل يوحي بإشتراك الجميع بالتسبب في هذه العمليات الإرهابية وبالتالي خلط الأوراق السياسية بشكل يجعل من المواطن العراقي العيش في دوامة اليأس من المستقبل وتعميق الشعور بالإحباط العام لدى أفراد المجتمع. وبقدر التركيز على الوضع الأمني في العراق نجده يتأثر بعاملين أساسيين، الأول هو المحور السياسي ويتعلق المحور الآخر و(هو الأهم) بإدارة الأجهزة الأمنية وكيفية تبادل كلا المحورين التأثير في بعضهما البعض وإنعكاس كلًّ منهما على الآخــــــر.

أولاً: المحور السياسي- شركاء السلطة والمال والنفوذ:

تعد المشكلة السياسية المتمثلة بشركاء العملية السياسية، أم المشاكل في العراق منذ تأسيسه الحديث وإلى اليوم. وبنظرة سريعة لفريق السلطة العراقية الحالية يلمس المواطن العادي دون عناء، إن صراعاً سرياً وعلنياً يجري على مواقع النفوذ في داخل الكتل السياسية فضلاً عن صراع بعضها البعض. وبدءً من التحالف الكردستاني فالصراع المتجذر بين (جلال- مسعود) على زعامة الأكراد لازال قائما رغم العمليات التجميلية الهادفة لإخفائِـه والهادف الى إقامة دولة كرديــة مستقلة على حساب وحدة العراق، وقد طفت الى السطح مؤخراً الإنقسامات داخل كلا الجماعتين وهو في الحقيقة صراع على تقاسم السُحتْ والنفوذ في بغداد وأربيـل والسليمانية وأوربا وبريطانيا وأمريــكا. وكما هو الحال مع نيشروان مصطفى في قيادة الإنشقاق داخل الإتحاد الوطني، كذلك عبدالمصور بارازاني وإنشقاقه عن إمارة البارازاني بتشجيع إيراني. ورغم التفتت المعلن وغير المعلن في الجهة الكردية، إلا إنها مارست تآمرا واسع النطاق ضد الكيان العربي العراقي خاصة مابعد 9\4\2003 بالمشاركة الفعلية في نهب أسلحة وممتلكات الجيش العراقي وتخريب مؤسسات الدولة العراقية وفرض إرادتها على السلطة المشَكـَّلة في بغداد في مفاصل ومواقعٍ منتقاة ذات تأثيـر ستراتيجي في المؤسسة الأمنية والعسكرية والخارجية ورئاسة الجمهورية والملف الإقتصــادي!! كما لعب الزعماء الكرد دورا كبيرا في دق الأسافين بين عرب العراق (شيعة وسنة) وإشعال النار الطائفية رغم شعارهم الذي رفعوه منذ مؤتمر لندن 2002 والى اليوم على إن العراق مكون من << الكرد والشيعة والسنة>> بينما العراق الحقيقي مكون من العرب 79% والكرد والتركمان والكلدوآشوريين ومكونات أخرى. ولازال الرهان قائما من قبل زعماء الكرد على تمزيق الجسد العربي في العراق في سبيل تقسيم العراق وإقامة دولتهم الكردستانية المستقلة. ومن باب الدقة في التشخيص والموضوعية في الطرح، القول بأن جلال الطالباني كان الأبشع لؤماً وإيــلاماً، والأكثر إيغالاَ في إيذاء الجسد العربي في العراق، فقد إستغل منصب رئاسته لتأجيج الحرب الطائفية بين العرب ليخدم بذلك كل من الإتجاهين الإيراني والإسرائيلي على حَدّ سواء، فيما لعب مسعود البارازاني دورا آخر أقل إيذاءً من الأول رغم تصريحاته العلنية وتهديداته المتكررة بالإنفصال بغية الكسب السياسي والظهور بمظهر القائد الكردي الأوحد، رغم ذلك فلا زال الرجل يحمل من الخصال الحسنة مايفتقر إليها نظيــــــره في بغداد.

أما الطرف الآخر في العملية السياسية فهو جبهة التوافق العراقية وأطراف أخرى تدعي التمثيل العربي السني، وإذا ما إستوضحنا شخوص هذه الجهة التي يعود جُل قياداتها الى (عجم السنة) كما أوضحنا في مقالٍ سابق، لانجد بين هذه القيادات من له تأريخ سياسي واضح يستند على معارضة لنظام صدام، بل كان أغلبهم ضمن الموالين له.!.. الطائفية هي (الإمتياز) الأوحد لهؤلاء وما مشاركتهم بالإنتخابات إلا نتيجة قرار إجتثاث البعث، حينما أعلنوا عن برائتهم من البعث وإنهم ليسوا بعثيين وغير مشمولين بالإجتثاث.. والغريب إن لم يكونوا بعثيين ولا من الوحدويين الناصريين الذين تعرضوا لإضطهاد النظام السابق، ولم يكونوا إسلاميين مبدئيين من رفاق عبدالعزيز البدري.. فمن أي جهة سياسية وطنية يكون هؤلاء؟.. بالتأكيد إنهم طائفيون ممن أخلى له قانون إجتثاث البعث الساحة ليقوموا بتمثيل عرب العراق السنة، ورغم جميع الإمتيازات التي حصلوا عليها لازالوا يلعبون أدوارا سياسية مزدوجة " قدم مع الأكراد والآخر مع الإرهاب". وعلى رأسهم (بقايا المماليك – عجم السنة) في الحزب الإسلامي الذي يدعي تمثيل العرب السنة ويجمع الأموال في العواصم العربية تحت غطاء رفع (مظلومية) عرب العراق السنة.

أما جهة الإئتلاف الشيعي المشتت بتشكيلاته الرئيسية المجلس الأعلى، التيار الصدري، الدعوة، الفضيلة وفصائل أخرى، فهو الآخر يعاني من أزمات وتصدعات وبخاصة بعد الإنتخابات المحلية الأخيـــرة والتي فجّرت حساسيات خطيـرة وأظهرت مدى هشاشة وسطحية التحالفات البعيدة عن كل مايمت الى المبادئ بصلة، والغارقة في آتون الصراع على المصالح الشخصية والفئوية والحزبية بعيدا عن المصلحة الوطنية، والمجافية أصلا للشعارات الدينية المرفوعة من قبلهم، فمن الطبيعي للتفكك الجزئي الحاصل في الإئتلاف والإنشطارات المتتالية لحزب الدعوة والتي لم يكن آخرها حركة الإصلاح بقيادة الجعفري الذي يُعد وبإمتياز من (عجم الشيعة)، وكذلك إنتقال عدوى التفريخ الحزبي الى المجلس الأعلى والتلميحات الخجولة لقادة منظمة بدر بالإنشقاق، من الطبيعي لتصدع كهذا في إئتلاف رئيسي يقود البلاد أن يلقي بآثاره السلبية التي تفتح ثغرات واسعة في الجدار الأمني للبلد.

يشكل المحور السياسي المشار إليه آنفاً، ضغوطا غير مباشرة وأحيانا مباشرة على الوضع الأمني الهش في العراق عموما وبغداد خاصة، لاسيما مع الإستقرار الأمني النسبي منذ 2007 والذي لم يتوطد بعد،! وكذلك مع تزايد إحتمالات إنسحاب القوات الأمريكية من العراق خلال عامي 2010-2011 وأثر ذلك في إضعاف المنظومة الأمنية الماسكة للعراق.

ثانيــاً: المحور الأمني- الأداء الفاشل للأجهزة الأمنية:

مع أهمية المحور السياسي، إلا إن التجربة العراقية فيما مضى قد أثبتت إن الأمن ينعكس على السياسة وليس العكس ولأسباب جمة لامجال لذكرها، ومن هنا فإن كفاءة الأجهزة الأمنية هي العامل الحاسم في الإستقرار الأمني ومن ثم السياسي في العراق, مما يستدعي المراجعة الجدية وإعادة التقييم لواقع هذه الأجهزة التي باتت تعاني من الترهل الفني والفساد الإداري، ومتأثرة بالوضع السياسي أكثر مما هي مؤثرة فيه ، وبما إن العراق مقبل في بداية عام 2010 على إنتخابات برلمانية سوف تفرز حكومة جديدة، فقد أصبح الجميع منشغلين بترتيب أوضاعهم الشخصية متناسين المصلحة العامة وأمن المواطن العراقي. وبإستعراض سريع لواقع المسؤولين الأمنيين نلاحظ الآتي:-

أولا : فطاحل وزارة الداخلية :-

أ- وزيــر الداخلـيــة :- إستثمر وجوده كوزير للداخلية في تشكيل حزب سياسي خاص به ، ونقلا عن المقربين منه والمكلفين من قبله، يطمح الرجل بقوة الى رئاسة الوزراء القادمة، حيث بدأ ولازال يتصرف كسياسي أكثر مما هو رجل أمن يغازل هذا الطرف ويغمز للآخــر، وقد جمع من الأموال الكثيرة التي تؤهله لخوض غمار المنافسة، فقد دفع مؤخرا خمسة ملايين دولار الى شركة علاقات عامة في الولايات المتحدة الأمريكية لبناء علاقات دولية تمهيدا للإستيزار الأول ورئاسة الحكومة العراقية المقبلة. فهل يتوقع من هذا الرجل إنشغالا جادا بموضوع أمن المواطن والتخلي عن تجارة جوازات (ج) المزورة، أو الكف عن العقود والصفقات المشبوهة وإستغلال النفوذ؟

ب- عدنان الأسدي (الوكيل الإداري في وزارة الداخلية):- مضمد صحي ومتخصص في ختان الأطفال، مُنح رتبة لواء، عمل بجد في بداية الأمــر وإمتلك خبرة جيدة وهيمنة على شؤون الأفراد في الوزارة.. لكنه اليوم شيئا آخر!، ملياديـــر، يبحث جاهداً عن موقع له في العملية السياسية والوزارة القادمــة.. لاأحد يعلم بما فيهم المقربين منه، هل بقي الرجل على ولائــه السابق، وماذا يريد بالضبط؟ فهل يعمل شخص كهذا من أجل أمن العراق؟

جـ - حسين كمال (وكيــل الإستخبارات):- معلم سابق، من حصة السيد مسعود البارازاني ويعمل لحساب سيده وليس للأمن في بغـداد.. وهل يحتاج ذلك الى برهان؟ أو تعليــــــــق؟

د- أحمد أبو رغيف (وكيل الشؤون العامة):- رائد سابق جُل إهتمامه وكما هو معروف عنه في الوزارة، جمع المال وشراء العقارات والرشاوي العلنية!. أي أمن يحققه الرجل؟

هـ - أحمد الخفاجي (وكيل المساندة):- رزوخون مُحسَّن لاأحد ينكر عليه ثقافته الدينية ونزاهته، كثير الكلام جدا (قليل الفعل جدا)، تواب سابق، مكانه الصحيح هو الوقف الشيعي وليس المؤسسة الأمنية!.

و- عقيــل الطريحي ( المفتش العام لوزارة الداخلية):- يمتلك الكثير من الشهادات في إختصاصات متنوعة (بعد الفحص والتدقيق تبين بطلانها جميعا: أي مزورة)، عملَ بجد بادئ الأمر ولكن سرعان ما تغير وحتى شكله العام ملتحقا بإمبراطورية المال والأعمال والعلاقات العامة والخاصة التي قيدت عمله كمسؤول أمني ليصبح أسير العلاقات والولائم المعروفة للجميــــع!. شغله الشاغل اليوم أمنه الشخصي وليس أمن المواطن العراقي!.

ثانيــا- فطاحـل وزارة الدفاع:

أ- عبدالقادر محمد جاسم (وزير الدفاع):- من باب التندر منه كان يسمى من قبل زملاءه في الجيش (قدوري الأعمى)، والمقصود هو إنه أعمى عن كل شئ عدا مصالحه الخاصة. فهو خبيــر ولمدة عشر سنوات على الأقل في تقديم الخدمات الخاصة جدا لسيده (عدنان خيرالله آل طلفاح التكريتي)، وسيادة محمد عبدالله الشهواني مدير جهاز المخابرات يعلم ذلك، فقد كان الإثنان يتنافسون في هذا الموقع: أي الأكثر جدارة في تنظيم وترتيب (ليالي الأُنْس) الخاصة بسليل العائلة الطلفاحية. يحفظ قدوري الأعمى مثلاً كان يردده صدام هو (الشجرة الماتفيَيَ على أهلها كَـصها): أي (لاداع لبقاء شجرة لاتفيئ بظلالها على الأقربين)، لذلك فقد أنجز ترتيب وضعه العام ووضع إخوانه ومقربيه، فقد عيَنَ شقيقه عبدالعزيز مديرا للعمليات، وشقيقه الآخر وليد ملحقا عسكريا في بولونيا، وإبنه محمد موظف مرموق في الملحقية العسكرية في واشنطن، ووالد زوجته مديرا عاماً، زوجته وصهره إقامة دائمة في واشنطن على نفقة وزارة الدفاع، وبقية العائلة من الذكور والأناث موزعون على دوائر الدفاع والوزارات والملحقيات. أما ثروة قدوري الأعمى فتقدر ب 350 مليون دولار، ففي ألمانيا وحدها مايقارب مائتي مليون دولار، قدم منها الى المشهداني(رئيس البرلمان العراقي السابق) مقابل شراء صمته وعدم فتح ملفات وزارة الدفاع في البرلمان العراقي، قام الأعمى بتخصيص سيارات مدرعة لاتقل قيمة إحداها عن سبعين ألف دولار لبعض أعضاء البرلمان (علي الدباغ) مثلا، وبعض رؤساء الأحزاب على سبيل المثال( الدكتور أحمد الجلبي) ناهيك دفع مخصصات شهرية (مليون دينار عراقي لكل فرد) منهم 500 شخص كحمايات وهمية للدكتور أحمد الجلبي يستلمها مخول من مكتب الدكتور، وعدد مماثل، 500 شخص حماية وهمية للسيد خلف العليان, وقد إستمرت هذه المخصصات لغاية العام الماضي 2008 وقد كانت من ميزانية وزارة الدفاع. وتمكن الأعمى من إقناع شريكه (موحان حافظ) ببضعة ملايين من الدولارات لإطلاق يده في الوزارة في النقل وتعيين الضباط والآمرين وبما يشبع غريزته في النيل من المعترضين، هذا جزء مما يعمله (قدوري الأعمى)، ناهيك عن شبقه الجنسي ومضايقاته لمنتسبات وزارة الدفاع والذي لانريد أن نبحر به إحتراما لذوق القراء.. السؤال هل كان زملاؤه محقين في إطلاق لقب (قدوري الأعمى) على هكذا رجل؟.. وهل يتوقع منه أن يلتفت بشكل جدي الى أمن المواطن العراقي.

ب- الفريق بابكر زيباري (رئيس أركان الجيش):- مرشح السيد مسعود البارازاني الحريص (جدا جدا) على أمن عرب العراق، حسنته الوحيدة بالمقارنة مع جلال طالباني هي الرشاقة فقط.
زُج به في هذا المنصب لتفريغه من أية قيمة أمنيه. يقدر موظفو الحسابات في رئاسة أركان الجيش، الوارد الشهري للسيد بابكر زيباري بثلاثة ملايين دولار. فهل يهمه أمن بغـداد، خاصة مع أزمة الإقليم الراهنة مع الحكومة المركزية؟

جـ - الفريق جمال سليمان (مير الأمن والإستخبارات):- تم تعيينه من قبل جلال الطالباني وبرتبط إرتباط مباشر به، وقد أشرت آنفــاً الى دور الطالباني في إثارة الطائفية وتمزيق الجسد العربي في العراق، والفريق سليمان الذراع الأمني للطالباني في بغداد، والقارئ لايحتاج الى توضيـــح.

د- الفريق الركن عثمان علي صالح الباجلاني ( معاون رئيس الأركان للشؤون الإدارية):- عضو قيادة فرقة سابق يرتبط إرتباط مباشر بالفريق جمال سليمان ليشكلوا معا اللوبي العسكري للطالباني في بغداد.

هـ - الفريق رياض جلال (رئاسة أركان الجيش):- في سنوات الحرب مع إيران حصل على إحد عشر نوط شجاعة فقط ودون معارك فقط لأنه مرافق للقيادة، تسلم رشاوى مقابل إطلاق سراح إرهابيين موقوفين بتهم إرهابية، مهمته الأساسية اليوم هي التنسيق بين الأكراد والإرهاب في الموصل.

و- الفريق (التواب) أشرف عبدالسادة (المفتش العام لوزارة الدفاع):- لايهشُّ ولاينش، وآخر من يعلم بما يدور في وزارة الدفاع، وكلمة مرحبا مع إستكان شاي مع الوزير (أبو محمد) كافية لجعله في عالم آخــر!. ولو سألناه سؤالاَ بسيطاً رغم قربه من الوزيــر.. لماذا الوزير (قدوري الأعمى) دار سكناه في الوزيرية خلال الأشهر الأخيــرة؟ لكان جوابه.. (الله أعلم)، وهل يشكّ أحدا بعلم الله (تبارك وتعالى) ياسيادة المفتش: نحن نسألك عن معمعة كنت جزءاً منها: فيعود ليقول لك الجواب نفسه!. سوف أجيب المفتش العام ليرى كم هو مغفل! بشرط أن لايفغر فاهه منذهلا وتتدلى شفته السفلى كعادته عند الإصغاء!.. إن العملية التي أستغفلك بها قدوري الأعمى ياسيادة المفتش كانت لتسوية مشكلة ما. وهي إن مالك الدار الأصلي فـُقِدَ داخل العراق آنذاك (لأسبابٍ مجهولة)، فتحولت ملكية الدار وبأمرٍ من وزير الدفاع الأسبق عدنان خيرالله آل طلفاح التكريتي الى أحد ندمائــه وهو (قدوري الأعمى) وزيــر الدفاع الحالي، ولأن الأوليات بدأت تنكشف تباعاً، بادر قدوري الى تصفية أملاكــه وعقاراته داخل العراق قبل أن يطالها الحجز، لأنه يعلم علم اليقين بإحالته الى القضــاء العراقي عاجــلا أم آجــلاً وعلى وجه الخصوص عام 2010 طبعا!.

أما الثلاثي الإعلامي محمد العسكري، قاسم عطا الموسوي وعبدالكريم خلف فقد تحولوا مؤخراً الى نجوم سينمائيين أجادوا التمثيل والضحك على ذقون المشاهدين والقراء والمستمعين وقد دخلوا خانة الفساد المالي : أي فسدوا كغيرهم ولم يعودوا صالحين لمهمات أمنية.

فطحــل جهاز المخابرات الوطنـي

محمد عبدالله الشهواني (إنتهى عقده مع بريمر 1 آيار 2009): يعمل جهاز المخابــرات الوطني بعيداً عن أهداف أو سيطرة الحكومة ويدار هذا الجهاز وإلى اليوم من قبل أشخــاص مجهولين لاعلم للحكومة بهم، وأمـا رئيس الجهاز محمد عبدالله الشهواني فيقضي معظم أوقاته يلعب ألعاب الصغار والمراهقين (بلي ستيشن) على أنغام الموسيقى الهادئــة وأقداح الويســكي المعتـّق، فالرجل في منتصف العقد السابع من عمره المديـــد ودورة الحياة الطبيعيــة ونشوة الخمر المزمنــة قد أعادتــه الى أيـام الصــبا ( ومن لايصدّق ذلك فليسأل موظفي مكتبه الخاص لكي لاأتهم بالمبالغة). وإشــارة مهمة جداّ فلا يــزال أفراد جهاز المخابرات الوطني يجردوا بين الحين والآخــر (عناصر حزب الدعوة العميــل) وكم أصبحوا وبماذا يفكروُن؟

فطحل مستشارية الأمن القومي

موفق الربيعي (كريم شاهبوري ينتهي عقده حزيران 2009): الرجل غني عن التعريف فقد أصبح شغله الشاغل مؤخرا إعادة الإرهابيين الى دولهم وترحيل منظمة مجاهدي خلق . كذلك فإن شاهبوري مُعرََّض للمساءلة القانونية حول ميزانية المستشارية وقانون سلطة الإئتلاف نتيجة لشروعه بتعيين 400 موظف من مقربيه (وبرواتب خيالية) زيادة على الملاك القانوني للمستشارية الذي نص عليه قانون سلطة الإئتلاف عند توقيعه العقد مع الحاكم المدني بول بريمر، ومن جانب آخر، متهم بالتخطيط لإغتيال زعيم التيار الصدري في فترات متلاحقة وقد عرض خطته على أكثر من جهة (مصدر من مكتبه الشخصي) وكذلك تحريض عائلة السيد الخوئي على إتهام زعيم التيار الصدري السيد مقتدى الصدر رسميا بقضية المرحوم السيد عبدالمجيد الخوئي، مع ذلك رفضت كافة الجهات مخططاته للإغتيال، كما رفضت أيضا ًعائلة السيد عبدالمجيد تحريضه رفضا قاطعاً خشية شق الصف الشيعي ودعته مرارا الى عدم تكرار ذلك. يعاني شاهبوري اليوم من أزمة نفسية حادة فإنه مطلوب للمثول أمام المحاكم الأوربية كـ (مجرم حرب) أثر دعوة قضائية أقامتها منظمة مجاهدي خلق مؤخرا ضده، بدعوى إنتهاكات موثقة لحقوق الإنسان في مدينة أشرف. لذلك فهو اليوم يلهث جاهدا لدخول البرلمان العراقي القادم بأي ثمن للإحتفاظ بحصانة ديبلوماسية تبعد شبح الملاحقة الدولية له والتي قد تحرمه من التمتع بالأموال السحت في مدينة الضباب (لندن). كما يسعى بعض شركائه في الجرائم المذكورة أعلاه الى تأهيله لرئاسة جهاز المخابرات خلفا للشهواني. مع كل هذه المشاكل التي يعانيها شاهبوري هل يتوقع منه أن يفكر جديا بأمن العراق؟

إن أجهزة أمنية بهذه الضحالة والإنحلال لايتوقع منها سوى المزيد من التدهور الأمني في العراق لذلك فإن الحل الأساسي يكمن في خطة شاملة تتضمن التخلص من العناصر الفاسدة والمرتخية وذوي الطموحات الشخصية فضلا عن تطويــر مهارات العمل الأمني ووضع أسس مؤسساتية ترفض قطعيــا (نظام المحاصصة)، فلتكن المحاصصة في البرلمان وليس في المؤسسات الأمنية لأنها مخالفة صريحة للمواد الدستورية التي تحرم إقحام السياسة في المؤسسة العسكرية والأمنية. والتأكيد على أهمية السرعة والدقة والحسم الفوري في المعالجات الأمنية الميدانية مع الإبتعاد عن الإنتهاكات لحقوق الإنسان لتجنيب القيادة السياسية والبلد مواضع الإحراج والحفاظ على أرواح المواطنين، والأهم أن تعقب أية معالجة أمنية البحث عن الرؤوس المدبرة والداعمة للعمليات الإرهابية في الداخل والخارج، ومن المؤكد إنها رؤوس سياسية متحزبة تستغل الوضع الطائفي لتحقيق كسب سياسي فئوي أو شخصي وهؤلاء قد نجدهم داخل العملية السياسية من المشاركين فيها ولهم عناصر داخل الأجهزة الأمنية ممن إعتادوا على النظرية الأمنية (الصلفيجية) في الحكم. فإن أي أمن حقيقي يتطلب تشعّب العمل الإستخباري في المؤسسة السياسية أولاً، والحاكمة على وجه الخصوص ليستأصل النوايا الإرهابية قبل إنطلاقها وذلك يتطلب درجة من المركزية والقوة والخبرات العملية المتراكمـــة.

وللنظرية الصلفيجية هذه قصة نختم بها المقال نتمنى أن لايعود لها العراق يوما رغم إن بعض ساسة العراق المساندين للإرهاب لايفقهون سوى اللغة الصلفيجيــة التي تربوا عليها لعشرات السنين. والقصة هي في عام 1979 عندما إستلم صدام الحكم قام سبعاوي ابراهيم الحسن الأخ غير الشقيق لصدام بزيارة الى السفارة العراقية في واشنطن عقد حينها إجتماعا شبه رسمي ضم عشرة أشخاص، قال سبعاوي الآمر الناهي حينذاك (أريـد إجابة سريعة ومختصرة على سؤالي التالي ).. كيف يستطيع صدام قيادة العراق.. هذا الشعب (والقول لسبعاوي) التافه المتآمــر الذي لايستقر على رأي وفيه خونة كثيرون ( وكان يشير الى عبدالخالق السامرائي ومحمد عايش)..؟ وماهي إلآ لحظات حتى خلع (فاضل صلفيــج) حذاءه، وكان القائم بالأعمال آنذاك وإبن خالة صدام، خلع حذاءه ورفعها الى الأعلى قائــلاً .. بالقندرة يقودهم صدام.. فرد سبعاوي.. نعم القندرة دواء (بعض) العراقيين..!!! رغم إن ناقل الكفر ليس بكافر لكنني إستخدمت التبعيض تخفيفا للهجة ففي الحقيقة إن (الدكتور) سبعاوي قد شمل جميع العراقيين بدوائـِه ولم يستثني منهم أحدا!

من يريــد تفاصيل أكثر عن هذا اللقاء عليه الإتصــال بمحيي الخطيب أول أمين عام لمجلس الحكم فقد كان أحد الحضور في إجتماع واشنطن. كما عمم سبعاوي فيما بعد تسجيلا صوتيا على دوائر الأمن العام بعد الإنتفاضة الشعبانية 1991 وعندما كان يشغل منصب مديــر الأمن العام.. قائــلا لهم (يقول صدام يجب أن يكون في بيت كل عراقي وكيــلا مخبــراً سرياً أميــناً (واحداً) على الأقل)..!!

بُراقْ حَيدَرْ
6/5/2009