شُغفْتُ بما تقولُ هوىً مُراقا

مهداة الى الشاعر الجميل سامي العامري معارضةً لقصيدته القافيَّة:
"شُغفتُ بها فكانتْ لي وثاقا".
والمعارضة هنا بمعناها الشعري الفني لا بمعناها السياسي والعياذُ بالله !

شُغفْتُ بما تقولُ هوىً مُراقا
صبـابةَ عاشـقٍ غنّى وتـاقـا

شُغِفتُ أنا القتيلَ بكلِّ حرفٍ
بجمرِ الشـعرِ يأتلقُ ائتلاقـا

فما مثلُ القـوافي غانياتٌ
نشدُّ بدربـها عيناً وساقا

تبـارزُنا التـوهُّـجَ والمعـاني
تقاسمُنا المواجعَ أنْ تُطاقا

تفـكُّ أناملاً، وتسـوقُ ريشـاً
يخطُّ صدى القلوبِ دماً مُراقا

تغـازلُنـا ، فننظمُهـا حُليّـاً
تُطوِّقُ جيدَ محبوبٍ عِناقا

تضمُّ مصارعَ العشاقِ تروي
مَلاعبَهـمْ لهيبـاً مُستذاقـا

وهل مثـلُ القوافي أغنياتٌ
عزفْنَ شرائعَ الحبِّ اعتناقا؟

تُظللنـا بظـلٍّ مـن جناحٍ
رقيقِ الرَفِّ بالأرواحِ حاقا

فهـذا عبقـرٌ ، لـَمَّ الرفاقـا
بواديـهِ ، وأطلقـهم رِقاقـا

شياطينٌ تصبُّ لنا كؤوساً
لتروي ظامئاً عشقاً زُهاقا

وتمـلأَ سـمعَ نادينـا رويـّاً
شجيّاً يعلقُ النفسَ اعتلاقا

* * *

لذيذاً كم نذوقُ لكَ المَذاقا
بنارِ الشعرِ تُشعلُنا احتراقا

فكلُّ قصيدة تُشـجيكَ لحناً
وحباً شدَّ في الصدرِ الوثاقا

نزيفُكَ نزفُنا وصـداهُ صوتٌ
يدورُ بجَمعِنا كأساً دهاقا

هـوانا ، واحدٌ ، فردٌ ، نزيلٌ
بلُبِّ القلبِ يعصرُنا اشتياقا

وهلْ بعدَ العراقِ لنا خليلٌ
يضمُّ ضلوعَنا طوقـاً وطاقا؟

أبغـدادَ المغانـي و المراثـي ،
لكِ الصَبَواتُ تُمتشَقُ امتشاقا

شربْتُ بكفـكِ الماءَ الفراتا
عتقْتُ بروضـكِ الحلمَ انعتاقا

وإذْ ضاقتْ بـيَ الآفاقُ أهلاً
وشدّوا حـولَ وادينا الخِناقا

حملتُ مواجعي ورميْتُ حلمي
فعـاشـرْتُ المهاجـرَ ، والفِراقـا

ودُرْتُ مشارقاً وحللْتُ غرباً
بحاراً، أم سهولاً ، أم زُقاقا

فلمْ أشـهدْ لحضنكِ منْ مثيـلٍ
يُخفِّـفُ لاعجاً ، ويُريـحُ سـاقـا

* * * *

أياخمرَ القوافي أنْ تُسـاقَى،
لذيـذَ الشـدوِ تسكبُها غُداقا

طربْتُ، وقد سكرْتُ بفنِ قولٍ
نُعـِدُّ لهُ السَـوابقَ والنياقـا

صريعَ النَظْمِ، ماجاشَتْ بصدري
أحاسيسي ، رياءاً ، أو نفـاقـا

ولكنْ هزَّهـا قـولٌ بليـغٌ
جمالاً واصطياداً واختراقا

عبد الستار نورعلي
الخميس 26 آذار/مارس 2009