عن اهتزاز الأمن في العراق..

نشاهد تعاقب التفجيرات الدموية في أنحاء مختلفة وخصوصا في بغداد والموصل، وآخر حدث في الموصل قتل خمسة جنود أميركيين في مركز شرطة الموصل. أصابع الاتهام تتوجه دوما لعناصر البعث الصدامي وفلول القاعدة، و هذا اتهام مبرر تماما لأن هذه القوى تقف في مقدمة أعداء الأمن والاستقرار في العراق.

إذا كان ما مر صحيحا، وهو صحيح بالتأكيد، فلا يمكن تجاهل اتهامات أخرى وجهت منذ أسبوعين إلى منظمة بدر على خلفية انتخابات المجالس ومحاولة إرباك رئيس الوزراء ووضع الصعوبات في طريقه. هذه الاتهامات قد أهمل التحقيق فيها، وهو ما كان منتظرا. إن مقتل أربعة جنود أميركيين في الموصل قبل مدة، وتفجير خمسة آخرين منذ يومين في مقر للشرطة، يثيران الكثير من علامات الاستفهام عن الجهة المسئولة. إننا نعرف أن مليشيا بدر والصدريين، لا القاعدة والصداميون، هم الذين يشكلون عماد سلك الشرطة منذ سنوات، وأن هؤلاء يتلقون التعليمات من جهاتهم الحزبية كما برهنت أحداث الصدامات في البصرة بين جيش المهدي والجيش العراقي، وتمرد مئات من الشرطة عن القتال ضد جيش المهدي.

إن اهتزاز الأمن اليوم يبرهن من جديد على مدى الحاجة لاستمرار دعم القوات الأميركية ومخاطر خروجها كما يريد أوباما، أي في آب المقبل، وهذا الوضع يتطلب من الحكومة منتهى اليقظة، والتقدير الواقعي للوضع، وأقصى الحيادية في تشخيص مواطن الخطر ومواقدها. إن هذا يعني، فيما يعني، الحذر التام من الانطلاق من حالة بعض أعضاء الصحوات المتهمين بالاختراق لتتحول لظاهرة مطاردة منظمة للصحوات التي كان لها دور استثنائي في لجم وقهر القاعدة وتطهير المناطق الغربية من شرورهم، ولم يكن صدفة أن الرئيس بوش قد التقى بعبد الستار أبو ريشة وحده خلال زيارته للعراق، وهو ما أعقبه اغتال أبو ريشة كما نعرف. أما مسئولية الاغتيال فنسبت للقاعدة والله أعلم! نقول "الله أعلم" لأن الأحزاب الشيعية الحاكمة ومليشياتها لم تكن مرتاحة أبدا للصحوات التي كان للجانب الأميركي فضل المبادرة لتشجيع قيامها. إن أية عناصر من الصحوات يتأكد اختراقها من القاعدة يجب اتخاذ الإجراءات القانونية نحوها، مع تجنب الوقوع في فخاخ دسائس قاعديين معتقلين يريدون الانتقام الشخصي من هذا أو ذاك. إن ما هو خطر جدا على الأمن العراقي تعميم الحالات اعتباطا، وخلق جو معاد للصحوات بتشجيع حكومي كما يبدو، مع أن أعداء الصحوات كثيرون، كالقاعدة والصداميين والصدريين، وليس غريبا أن تكون لزيارة لاريجاني للعراق علاقة ما بهذه المطاردة. وكان لاريجاني قد طالب المالكي بلم شمل أطراف الإتلاف الذي كان يتمزق في الانتخابات الأخيرة.

إنه ليس من مصلحة العراق وأمنه اتخاذ إجراءات ومواقف متحيزة غير مبررة أمنيا تعيد لأحضان القاعدة عناصر انقلبت عليها بعد أن كانت معها وشاركت في عملياتها الإرهابية، ولكن صارت تدعم الحكومة وتتعاون مع قواتها. على المالكي أن لا يصغي لأمثال جلال الصغير الذي قال في أيام قيام الصحوات بأن لا مكان لها في العراق!

لا نريد الانسياق مع من يتهمون بأن النية هي تصفية الصحوات لصالح مجالس الإسناد، علما بأننا نعتبر وجود هذه التشكيلات العشائرية كلها حالة استثنائية لوضع استثنائي ومؤقت وذلك لحين قيام نظام مدني مستقر، تحكمه سيادة القانون.

عزيز الحاج
13/4/2009