مجلة فيلي: مابعد القصاص ..

المحاكمات الجارية في المحكمة الجنائية العليا التي تخص ملفات جرائم النظام المباد في هذا العام أصبحت أكثر نشاطاً وازداد الاهتمام بها اعلامياً وهذا في نفس الوقت اضاف المزيد الى معلومات المواطن عن نوعية الجرائم وضحايا مرتكبيها، ان الاجراءات القانونية التي تسير عليها المحاكمة تشير الى ان اغلب تلك الملفات سوف تغلق هذا العام فالكثير من هؤلاء المجرمين مصيرهم محسوم أساساً حيث حكم عليهم مسبقاً في قضايا سابقة وينتظرون التنفيذ، لذا ليس لديهم المزيد كي يخسروه، اما بالنسبة لنا فهذه بداية لمرحلة جديدة من التواصل والعمل في جميع نواحي الحياة وعلى جميع المستويات والانخراط والاندماج مع عجلة الحياة، ان عقد جلسات هذه المحاكمات وبثها على شاشات التلفاز هو انجاز نحن بأمس الحاجة اليه فالانسان لا يمكنه ان يسير بإستمرار على شفا الهاوية، واولئك المجرمون اصبحت حياتهم اصعب عليهم من الموت نفسه، اما نحن فنريد ان نصنع الحياة مع باقي ابناء شعبنا.
ليس من الحكمة ان نبقى اسيري اجواء الحزن واليأس ونستمر بالطرق على وتر المظلومية البحتة، هذا يوم جديد وفي احضان كل فجر تولد ارادة من الممكن بل من الضروري ان تتغلب على اليأس. العراق بلد العراقيين برغم كل الظلم والاجحاف، هذا البلد موطن لاهله ولمن يريد ان يزرع فيه المحبة كما كان يفعل قائدنا البارزاني الخالد على الرغم من كل الدسائس والغدر الذي احاط به من قبل الحكومات المتعاقبة، فقد استمر في نهجه ومسيرته المشروعة لذا اسمه لازال باقياً ولامعاً كالنجوم ونضاله اصبح اساساً لتحقيق التعايش الاخوي، اما خصومه وخصوم الشعب العراقي لم يعد يذكرهم التاريخ مثلما خططوا له، لقد تحول تاريخهم الى صفحات سوداء مطوية في تاريخ هذا البلد. ارض مابين النهرين لاتزال خصبة ومستعدة لإستقبال المزيد من الكوارث العظيمة ومستعدة أيضاً لولادة ارادات قوية وعظماء من نوع يمكنه ان يستوعب تعدد الاطياف والقوميات.
مادامت مظلومية الشعب الكوردي وجرائم الانفال والقصف الكيمياوي لمدينة حلبجة الشهيدة والتهجيرالقسري وتغييب شباب الكورد الفيليين تمثل مظلومية الشعب العراقي وولادة مثل ولادة القائد البارزاني الخالد بعد قرن وستة اعوام تمثل ولادة ذلك الفجر الجديد، نحن قادرون ان ندق ابواب القلوب من جديد ونستأذن من مظلومي شعبنا في اي محكمة لكي ندافع عنهم وعن حقوقهم. ان ما عانيناه يعد شرفاً عظيماً لنا حيث لم نتجاوز اي من القيم الوطنية والانسانية ومشهد محاكمة المجرمين ودفاع اصحاب الحق من الضحايا اثبت للجميع اننا نريد بلد آمن خال من العنف والطائفية والتفرقة العنصرية.

علي حسين فيلي
رئيس التحرير
مجلة فيلي العدد 40 آذار 2009

المصدر: صوت العراق، 20/3/2009