البرلمان الكوردي الفيلي والتجمع الفيلي

والأهداف المشتركة

 

عبد الستار نورعلي

 

 

 

 

في مسيرة قضية ومعاناة الكرد الفيليين العراقيين وبخاصة في مهاجرهم الكثيرة حول العالم تشكلت جمعيات ومنظمات مدنية واجتماعية وأحزاب سياسية كثيرة باسمهم وعلى أيدي أبنائهم وبجهودهم الذاتية. حيث عملت وانصب جهدها على التعريف بقضية الكرد الفيليين وما عانوه من ظلم واضطهاد وتمييز في ظل النظام العراقي الدكتاتوري السابق ولحد اليوم، والتي توجت بحملة التهجير الكبرى الى ايران في ثمانينات القرن العشرين وفي أعقاب الحرب العراقية الايرانية المعروفة، والتي صاحبتها مصادرة أموالهم وممتلكاتهم المنقولة وغير المنقولة ووثائقهم العراقية بالاضافة الى حجز الألوف من شبابهم الذين غيبوا في السجون دون ذنب اقترفوه ليختفي أثرهم حتى اليوم.

كما جهدت هذه القوى الفيلية المشكلة على رفع أصواتها وتكثيف نشاطاتها في الدفاع عن حقوق الكرد الفيليين والاتصال بالقوى والمنظمات المدنية والحقوقية الدولية المختلفة والأحزاب والحكومات من أجل الحصول على دعمها ومساعدتها في احقاق هذه الحقوق من خلال الضغط على الدولة العراقية.

 

كانت اهداف القوى الفيلية هذه كلها تصب في خانة واحدة لصالح شريحتها التي اضطهدت وظلمت وواجهت الكثير من المآسي والمصاعب والمعاناة سواءاً في العراق أو في ايران. وبنظرة واحدة الى ماتطرحه هذه المنظمات والجمعيات والأحزاب نجد أنها جميعاً تقول بنفس الأهداف والتوجهات والطروحات والمشاريع:-

إعادة المهجرين الى وطنهم واستعادة الأموال والممتلكات والوثائق العراقية المصادرة منهم، معرفة مصير الشباب الكردي الفيلي المحجوزين والذين اختفى أثرهم والعمل على معرفة أماكن رفاتهم واعتبارهم شهداء ولذويهم كامل حقوق الشهيد، التعيين في كافة مرافق ووظائف الدولة المدنية والعسكرية والأمنية، تعويض المتضررين من الكرد الفيليين ومعاملتهم كمواطنين درجة أولى، تغيير قانون الجنسية بحيث ترفع مسألة التبعية، تمثيل الكرد الفيليين في مجلس النواب.

 

كل هذه الأهداف المطروحة ليل نهار هي هَم مشترك واحد لكل الفيليين على اختلاف ميولهم وتوجهاتهم الفكرية والسياسية وانتماءاتهم الحزبية ومواقعهم الاجتماعية. لكن الفارق الوحيد هو في صياغة وديباجة وترتيب هذه الأهداف والمهمات مع اضافة نقطة هنا أو تفصيل هناك. ويبقى السؤال الدائم والملح هو:

لماذا إذن هذا التشتت والتشرذم والصراعات؟

إذا كان الجميع في قافلة واحدة متوجهة صوب واحة واحدة فلماذا كل هذا التمزق والانزواء تحت خيام مختلفة متباعدة أبوابها متعاكسة مع ان الأرض واحدة والصحراء واحدة واللهيب واحد يحرق أجساد الجميع؟!

 

وكمثال حي ونحن نعيش هذه الأيام انبثاق منظمتين كرديتين فيليتين تحملان نفس الهموم المشتركة الواحدة ونفس التصورات والأهداف ونفس الصفة (الفيلي) لكن كل واحدة باسم مختلف، فلنمعن النظر في أهدافهما وأسباب تأسيسهما بقراءة في النظام الداخلي لكل منهما:

 

البرلمان الكوردي الفيلي ـ مقترح النظام الداخلي

 

الباب الثاني : التوجهات العامة
المادة الرابعة : الاهداف

 

1- الدفاع عن حقوق الكورد الفيلين داخل العراق وخارجه.
2- العمل عل استرداد حقوق ألكورد الفيليين المسلوبة والتعويض عن ألأضرار التي لحقت بهم.
3- البحث والتحري عن مصير المفقودين والمغيبين من قبل النظام البائد.
4- التعريف بقضية الكورد الفيليين ومآسيهم، كالتهجير القسري والارهاب واسقاط الجنسية والمواطنة وحجز ابنائهم ومصادرة كافة الاموال المنقولة وغير المنقولة. والعمل من اجل تعويضهم وارجاع كافة حقوقهم المشروعة في موطنهم الاصلي العراق.
5- العمل على أعادة المهجرين و المسفرين الى ايران والدول الاخرى وتسهيل عودة الراغبين منهم، وأعادة حقوقهم التي سلبت.
6- دعم وتطوير وتفعيل دورالمرأة الفيلية في النشاطات المختلفة للبرلمان.
7- رعاية واقامة النشاطات التنموية والابداعية للشباب والاطفال الفيليين.
8- العمل على توثيق علاقة الصداقة والتعاون مع المنظمات والاحزاب العراقية والكوردستانية والاقليمية والدولية التي تساند قضية الكورد الفيلية.
9- العمل على دعوة وتشجيع الجمعيات والمنظمات والمؤسسات المعنيه بالشأن الفيلي للانضمام الى البرلمان.
10- المساهمة في بناء و توطيد اسس العراق الديمقراطي الاتحادي وضمان حقوق الانسان وبناء دولة القانون والمساواة من اجل رفاه الشعب العراقي بقومياته واديانه وطوائفه المختلفة دون تمييز .

 

 

 

 التجمع الفيلي ـ مسودة النظام الداخلي

 

المهمات  الاساسية:

يسعى التجمع الفيلي في مهماته الاساسية إلى يلي:

1ـ العثور على رفآت الشهداء ومصير المغيبين.

2-  رد الاعتبار الرسمي للاكراد الفيليين.

3- العمل بأعادة المواطنين العراقيين المهجرين الى ديارهم.

4- تغيير قانون الجنسية العراقي المتخلف.

 5ـ  تعويض المتضررين مادياً ومعنوياً.

6ـ منح الفرص في التعلييم والتعيين في الوظائف المدنية والعسكرية

7ـ التعريف بالقضية الفيلية والتمثيل القانوني والسياسي.

8ـ  تكثيف جهود جميع قادة ووجهاء وخبراء وسياسي  ومثقفي ومبدعي الكورد الفيليين تحت مظلّة عمل واحدة. وخلق مجلس استشاري  موحد لمن توفر لدية الوقت والرغبة  لخدمة الشريحة الفيلية وتمثيلها في كافة الأصعدة الاجتماعية والقانونية والسياسية.

 

 

وبالاطلاع على هذه المهمات والأهداف في كلا التنظيمين وغيرهما من التنظيمات نستخلص مدى المشترك الواحد بينهما، مع اختلاف الصياغتين بتوسع في ديباجة البرلمان واختصار في التجمع، اضافة الى نقاط أخرى ليس فيها في اعتقادي مختلف بحجم الوصول الى صراع أو معاداة. فهل يعني هذا اختلافاً وتضاداً في الرأي والرؤى والتوجهات والأهداف والمعاناة وعليه يقتضي منهما التباعد والعمل من زاويتين مختلفتين متصارعتين، حالهما حال المنظمات الفيلية الأخرى؟

 

أعتقد جازماً أنه ليس هناك ما يستدعي من الفيليين كثرة التنظيمات والتمزقات، فإن في ذلك ضرراً على القضية التي يناضلون من أجلها ومن اجل حقوقهم المغتصبة والتي ناضل آباؤهم وعانوا الكثير الكثير لكي يحصلوا عليها، ودفعوا حياتهم في طريق الوصول اليها، وتركوا المهمة إرثاً متوارثاً جيلاً بعد جيل.

 

قد يقول قائل أن السبب في هذا التفرق والتمزق والصراع يعود الى اختلاف الآراء والمواقف والتوجهات الفكرية والسياسية والمنطلقات العقائدية دينية كانت أم مذهبية أم قومية. لكن مثلما قيل أن اختلاف الرأي لا يفسد للود قضية، فكيف إذا كانت القضية واحدة والهم واحد والمعاناة مشتركة؟

 

قد يكون الاختلاف إغناءاً في العمل إذا كان الهدف واحداً من أجل الصالح العام مثلما نرى في الدول المتقدمة الديمقراطية التي نعيش في كنفها.

 

فمثلاً استعادة الأموال والممتلكات المسلوبة والوثائق المصادرة وحقوق عوائل الشهداء من الشباب الذين حجزوا وقضية الجنسية العراقية واعادة المهجرين الى وطنهم ما علاقة كل ذلك بالاختلاف في الرأي والموقف السياسي والتوجه العقائدي وحتى الخلاف الشخصي داخل الشريحة الفيلية والكل يطالب بذلك؟

 

فهل من الحكمة والمنطق والعدل أن نضع خلافاتنا وصراعاتنا الشخصية فوق قضية شريحتنا ومعاناتها المستمرة والظلم المنصب على رأسها بلا سبب أو جرم اقترفته سوى أنها فيلية؟!

 

المتتبع لكل ما يحدث على ساحة تشكيل وانبثاق وتعدد المنظمات الفيلية وعملها وانشطارها لايستطيع أن يعزو خلافها وتفرقها إلا الى توتر وصِدام في العلاقات الشخصية والمواقف الذاتية والمصالح الأنانية للبعض مع الأسف الشديد.

 

و لايمكن لنا هنا إلا أن نشير بصراحة إلى أن البعض يبتغي من وراء تأسيس حزب أو جمعية او منظمة فيلية منفعة خاصة مادية أو محاولة للصعود سياسياً في الدولة العراقية الجديدة وتسلق منصب يحلم به وبالذات مقعد في مجلس النواب أو وزارة وعلى المبدأ المصري القائل (مفيش حد أحسن من حد!).

ليس في البحث عن موقع أو مكانة عيب أو سبة لكن أن يصبح ذلك هو الهدف الأول والأخير ومن خلال استغلال قضية ساخنة فهذا أمر مرفوض ومعيب ويجب أن يـلقى مواجهة وفضحاً. كما أن هذا لا يعني أن الكل في سلة واحدة فالغالبية الفيلية تعمل جادة من أجل حقوقها الضائعة المسلوبة. وعليه يجب أن تعمل على توحيد كل هذه الجهود المخلصة المشتتة والمتصارعة، وإن لم يكنْ بالامكان توحيدها تحت مظلة واحدة فعلى الأقل تنسيقها معاً وعملها سوية وبتجرد عن الهوى ولصالح الكرد الفيليين وقضيتهم.

 

 

عبد الستار نورعلي

السويد

الثلاثاء 22 نيسان 2008