هجينيــة التهـديدات والتدخلات التركيـــة

اعنـي هنا العدوان الأقليمي الذي اختزلته الجارة تركيا بتهديداتهـا وتدخلاتهـا العدوانية الآخيرة لأجتياح الحدود العراقية استهتاراً بالسيادة الوطنية للعراق فـي مناطق اقليم كردستان .
لا اعتقد ان المستهدف الرئيسي فـي التهديدات التركية وخرقهـا للحدود العراقية واساءتها للسيادة الوطنيـة هـو حزب العمال الكردي ’ او انـه قرار اتخذته تركيـا بمعزل عـن جنون التدخلات الأقليميـة فـي الشأن العراقـي ’ بقدر ما هـو استهداف للحالـة العراقيـة والمستقبل السياسي المؤمـل ان يصبـح العراق فيـه جديداً بحق مـن حيث نظـامـه التعددي الديمقراطي الفدرالي ’ وبشكل خاص التجربـة الفدراليـة المتطورة ايجاباً بين اقليم كردستان والأشقاء في العراق من المكونات الآخرى والتي مفروضاً ان تصبح نموذجاً رائداً تقتدي بهه علاقات جميع مكونات المجتمع العراقي’ وقد اصبحت فعلاً نهجـاً وثقافة شعبية ( على الأقل فـي وجدان ووعي بنات وابناء العراق ) تتحدى وتتجاوز بأطراد الثقافات البالية للنخب والكيانات والأحزاب بأتجاهاتهـا العنصريـة والطائفيــة .
ان المستهدف الرئيسي من التهديدات هو العراق بكامله وطناً وشعباً وانجازات ’ لهذا يجب ان تكون ردود الأفعال والمواجهة ان اضطرت الحالـة عراقيـة يستعـد لهـا ويمارسهـا وعياً وفعلاً جميع اهـل العراق ’ اهـل الصرة وميسان وبغداد وكذلك الرمادي والموصـل مثلمـا هـي السليمانـة واربيـل ’ اي يجب ان يكون منطق ردود الأفعال والأستنكار والرفض والتحدي عراقيـاً تشترك فيـه جميـع المدن العراقيـة في وقت واحد وفعاليـة مشتركـة واعتبار العدوان خنجـراً يهـدد خاصـرة العراق بكاملـه ’ وان اخطار العدوان المركب يستهدف وطـن العراقيين ومستقبلهم دون استثنـاء وابالذات تجربتهـم الرائـدة فـي انجاح وترسيخ نظامهـم المستقبلي في التعددية والفدرالية وعياً وثقافـة وطنيـة وتجربـة انسانيـة واحياءً لتقاليدهـم التاريخيـة فـي الآخاء والمحبـة والتسامح والبنــاء المشترك ..
بعـد المحاولات الدمويـة لدول الجوار لأجهاض وتدميـر التجربـة العراقيـة الجديدة التي راح ضحيتهـا اكثر مـن ثلاثـة ارباع المليون شهيـد والملايين من الأرامل والأيتام ’ والتدمير الشامل للبنى التحتية والبناء الأقتصادي’ وصـب الكثير من زيـوت حرائق الفتـن البغيضـة ’ والأستهداف الوحشي لأمن واستقرار اهـل العراق والتطاول على مقدساتهم وآثارهم التاريخية وانجازاتهم الحضارية ’ بعـد كل هـذا وجدت تلك الدول الباغية ’ ان جنون مشاريعهـا واطماعهـا قـد اصطدم بصبر وارادة ووعي بنات وابنا ء العراق ووحدتهم المصيرية ’ وادركت ايضاً ان هـوس اعلامها ومحاولة الغام العملية السياسية مـن داخلها بسماسرتها ووكلائها ومرتزقتها وعلاسيهـا ــ مع انهـم حققوا بعض النجاحات ـ غيـرانها لـم توقف العراقيين او تضعـف اصرارهم على نهظتهـم وتقدمهـم ’ وبعـد ان اقتنعت تلك القوى الشريرة ’ ان اهـل العراق بكل مكوناتهـم قـد تجاوزوا الى حـد بعيـد محنتهـم وعالجـوا الكثير من جراحهـم ’ وبصبرهـم ووعيهـم وارادتهـم حققوا الآن قـدراً مقبولاً مـن الأمن والأستقرار وبدايات فـي البناء والأزدهار والتقدم نحو اعادة بناء دولتهـم المدنية على الأسـس الناجعـة للتعدديـة والديموقراطيـة والفدراليـة وآخـذ الصـوت الآخـر للوعـي الجمعـي يفـرض صـداه علـى الواقـع العراقـي .
بعـد كـل ذلك كلفـت الجارة تركيـا على ان تلعب الـدور في المحاولـة الآخيـرة بغيـة ارباك الحالـة العراقيـة والعودة بالعراق الى الوراء حيث عودة النظام البعثي العروبي’ فكان التهديد ومحاولات العدوان المخطط لهـا والمدعومـة اصلاً مـن قبل جميع دول الجوار ’ حلقـة في مسلسل التخريب عبر تصدير المفخخات والمفجرين والأرهابيين والأنتحاريين المجهزين بألعبوات والأحزمـة الناسفـة ’ وارتكاب جرائم الأبادة اليومية علـى الهوية مدعومـة بالأموال والأعلام واختراقات الأجهزة المخابراتيـة وفـرق الأغتيالات السريـة .
انني على ثقة ’ ان تلك الحلقة العدوانيـة سوف لن تكون الأخطر والأكثر دماراً مما حدث قبلها فعلاً وشاهـده العراقيون وعاشـوه على امتداد اكثر مـن اربعـة اعوام داميـة تبقى وحـدة العراقيين وصبرهـم ومواصلتهـم تحقيق انجازاتهم وانتزاع حقوقهـم فـي الحريات الديموقراطية والفدرالية عروتهـم التي يجب ان يمسكوا بهـا موحدون متفاهمون على اساس الثقـة وفهـم الآخـر واحترام خصوصيتـه ودعـم اهـدافـه وتطلعاتـه المشروعـة على اساس الأخـوة والتعاضـد والبنـاء والقـدرة على المـواجهـة المشتركـة للأخطار المحتملـة .
بقـى شـيء آخـر يجب الأشارة اليـه .
على بنات وابناء كردستان المقسمة ظلماً وجوراً ’ بأحزابهـم الوطنيـة وحركاتهـم التحررية وعلى عموم كردستان ’ ان يتحلوا بالموضوعيـة والأبتعاد عـن الحماس والأرتجال ’ ويدركون ان الساحة الرئيسية المرحلية لمعركتهـم الوطنيـة والقومية هـي الآن كردستـان العراق ’ وان نجاح وترسيخ الفدرالية فـي عراق المستقبل الديموقراطي ستكون سلاحهـم السلمي لأستعادة حقوقهـم ’ وستخضـع حتمـاً اجلاً ام عاجلاً جميـع دول الجوار المغتصبـة لكردستان جغرافيـة وبشراً ’ وكذلك جميع دول المنطقـة الى الضغوط التي ستفرضهـا عليهـم الأنجازات الهامـة فـي الواقـع العراقي الجديد على جبهـات الحق والعدل والمساوات والمكاسب الحضاريـة علـى طريـق التحرر والديموقراطيـة والأنظمـة الفدراليـة وعلاقات حسن الجوار وتبادل المنافـع والأنجازات .. طريق نصـرة الشعوب والطوائف والأعراق الأصليـة التـي احتوتهـا ودمـرت هويتهـا الوطنيـة التاريخيـة موجات الفتوحات والغزوات الخارجيـة ’ ومثلمـا الأمـر نصـراً لشعب كردستان ’ فهـو ايضـاً نصراً للعراقيين ارضاً وشعب في جنوب ايـران والسوريين فـي تركيـا وشيعــة الخليـج واقباط مصـر وبرابـرة المغرب وامازيغيـة الجزائر وغيرهـا فـي السودان ولبنان وفلسطين .
ان ازمنـة ابادة الشعوب اصحاب الحق والأرض والغاء هويتهـا التاريخيـة والحاقهـا وابتلاعهـا عرقيـاً وطائفيـاً وعنصرياً تقف الآن على ابواب غروبهـا ورحيلهـا النهائي ’ وعلى الشعوب المعنية بأسترجاع حقوقهـا التاريخية والحضارية ’ وبدعـم شعوب ودول العالم التي تحترم حقوق الأنسان وكرامتـه وهويتـه وحريته علـى ارضـه ’ عليهـا ان تستعجـل فـي رمـي بقايـا قـوى التعصب والتطرف والهمجيـة الى مزبلـة تاريـخ المظالـم وموجات الأبادات الجماعيـة وفـرض الواقـع المرير للألحاقات والغـاء الهويـة الوطنيـة للأخرين .
علـى شعوب المنطقـة وبدعـم شعوب ودول العالم المتحضـر ان تتظافـر جهودهـا لأستعادة ذاتهـا واسترجاع جغرافياتهـا وثقافاتهـا وحضاراتهـا وهوياتهـا الوطنيـة مـن بين مخالب التعريب والتفريس والتتريك والتي اصبحت الآن عـار مقـزز غيـر مقبول فـي جبين الأنسانيـة .
النصـر للعـراق شعبـاً ووطنـاً ’ والهزيمـة للحصارات والعدوان والتهديدات والتدخلات المشينـة لدول الجوار العراقـي ’ وعلى تركيـا ان تحترم الشأن الداخلـي للعراق وتسحب تهديداتهـا وتكف عـن عدوانيتهـا وتعالـج قضاياهـا الداخليـة وطنيـاً انسانيـاً سلميـاً واحتراماً لحقوق الأنسان ورغبتـه فـي التحـرر والديمقراطيـة وتحقيـق الذات .

حسن حاتم المذكور
22 / 10 / 2007