ضحية المهنة

المهنة وسيلة للحصول على لقمة العيش والرقي في السلم الاجتماعي ، وهنا نقصد بالمهن الشريفة التي تخدم المجتمع بصورة وبأخرى ، فالمعلم والطبيب والمهندس والعامل والفلاح والشرطي والجندي والضابط والسياسي الشريف ، كل الذين يمتهنون هذه المهن يستفادون منه للحصول على لقمة العيش والرقي في السلم الاجتماعي وكذلك المجتمع يستفاد من اصحاب هذه المهن ، ولكن لنتصور ان طبيباً ما وفي بلد ما خيروه على ان ينشر فايروساً خطراً بين الناس وبين حياته وحياة اهله فماذا سيفعل الطبيب!! طبعاً سيجيب جميع القراء بأنه سوف يرفض ويتقبل الموت مع اهله اكراماً للقسم الذي اداه حين تخرجه ، ولكن الحقيقة ان الطبيب سيقوم بنشر الفيروس دون لحظة تردد فحياته وحياة اهله اهم بالنسبة له من الدنيا وما فيها .

وبعد هذه المقدمة المملة لنا ان ندخل في صلب الموضوع ، كلنا سمعنا بأقرار محكمة التمييز حكم الاعدام على علي حسن المجيد او علي كيمياوي وسلطان هاشم ، والفرق بين الاثنين واضح مجرم صعلوك لفظته الارض من نذالته وخساسته وعنصراً فعالاً في ايذاء العراقيين وبين عسكري منفذ للأوامر ، وهنا انا لاابريء سلطان هاشم من اي عمل قام به ، ولكن علينا ان نفرق بين شخص مجبر ينفذ الاوامر وبين شخص كان ركن من اركان الجريمة ، ولا اعتقد ان هناك من يحاكم السكين مع القاتل ، لم اتابع جميع مجريات المحاكمة ولكن مهما كانت سير المحاكمة علينا ان نفرق بين السياسيين المجرمين وبين المهنيين .

قد ينفذ حكم الاعدام بسلطان هاشم ولكن التاريخ سوف يذكره كضحية لمهنته ، نحن تركنا المجرمين الحقيقين الذين مازالوا يذبحون الشعب ونريد اعدام شخص مهني واني لأعجب ان يكون وفيق السامرائي الذي كان مديراً لأكبر مؤسسة للبطش والتنكيل في العراق طليقاً ونحاكم عسكرياً مهنياً .

قد يسأل السائل ويقول ان سلطان هاشم امر ونفذ اوامر الطاغية فعلينا بأعدامه ، ونحن نقول بدورنا اين ضباط الحرس الجمهوري الصدامي واين مدراء اجهزته القمعية ، واين شيوخ الجحوش ، لابد انهم مشاركين الان في العملية السياسية ، او ان الحكومة تريد ان تشركهم في العملية السياسية حفاظاً على الوحدة الوطنية .

لابد ان الوحدة الوطنية لها مدلولات خاصة ، فعند كل فريق الوحدة الوطنية تعني شيء مخالف عن الفريق المخالف ، وحتى قد تختلف بين الفريق الواحد ، ولذلك يرى الشعب نفسه في حالة انسلاخ من وطنيته.

لو ان سلطان هاشم كان عميلاً للولايات المتحدة وكان هو قد قام بكل الجرائم التي نسب له برغبة منه هل كانت الولايات المتحدة تتخلى عنه ؟؟

قد يكون هناك من يريد اطلاق سراحة من الطائفيين لأستخدامه واستخدام اسمه في معاركهم السياسية ، وهذه مسألة اخرى ليس نطاق حديثنا اليوم ، ولكن على الحكومة التفكير جيداً قبل تنفيذ الحكم فيه ، لأن قد يأتي يوم ويخشى كبار الضباط الانصياع للأوامر خشية من الانجرار الى محاكم مخزية كما نشاهدها هذه الايام ، يرى الكثيرون ان العمليات العسكرية التي قام بها قوات العقرب في الزركة هي عمليات ضد مجموعات ارهابية ، ولكننا لا نعلم ماذا يقول عنه من وقف ضد العمل العسكري او استهجن العمل العسكري ، فهل سيأتي يوماً ونرى امر قوات العقرب في قفص الاتهام ، او اي مسؤول عسكري اخر.

المهندس بهاء صبيح الفيلي
baha_amoriza@hotmail.com
4/9/2007