( بغداديات )

( البستان _ الحلقة الثالثة )

( طيور الجنـّة )

بالوقت الذي يعيقني فيه المرض الذي تعوّدت عليه وأشياء اخرى عن الكتابة في غربتي القاتلة هذه ، لا يسعني في هذا الوقت الاّ واجهد نفسي قاطعاً توقـّفي القسري عن الكتابة لأدين ممارساتنا نحن الكتـّاب والادباء والاعلاميين اولاً ، اضافة لرؤساء عشائر و علماء دين و وجهاء البلد و أصحاب القرار الرسمي ثانياً .

منتفضاً لادين انفسنا قبل ان ادين ( النغولة ) أولاد الحرام الذين امتدّت ايديهم النجسة لقتل ابنائنا الرياضيين ( ابطال فريق التكواندو العراقي ) .

نعم ، فادانة عمل ( النغولة ) اولاد الحرام أمر مفروغ منه .

و لكن الغريب أن نجد انفسنا نقيم الدنيا و لا نقعدها ( اعلاميا ) لهدم قبة و منارتي العسكريين عليهما السلام ،

وهي ( عملية هدم القبة و المنارتين ) مدانة من قبلنا طبعاً ، فهي من اكبر الكبائر ، و هي اعتداء سافر على حرماتنا و تاريخنا و حضارتنا و مقدساتنا ، و ما قمنا به من ادانات لهدمها لهي اضعف الايمان اذ لا ترتقي الى مستوى الحدث الجلل .

ولكن الاعتداء الاكبر من هدم القبة و المنارتين كان في قتل هؤلاء الصبية ( فريق التكواندو ) ، وهم في عمر الزهور هذا ولا ينتمون الى طائفة واحدة بقدر ما ينتمون الى العراق ، كل العراق بكل طوائفه و أعراقه ،

ثُم هم في هذا العمر الذي لا يتجاوز فيه اكبرهم سناً الخمسة عشر ربيعاً ولا ينتمون الى أي فريق سياسي ، و حتّى انهم ليسوا بمكلفين شرعاً باتباع مذهب معيّن لعدم بلوغهم سن الرشد الشرعية و القانونية .

عملية اختطافهم هذه التي دامت لأكثر من سنة ، و بعد ان قبض ( ألأرهابيون ) مبلغ مائة الف دولار فدية لهم ولم يطلق هؤلاء الارهابيون سراحهم رغم قبضهم للفدية ثم اودت بعدها باختطاف احمد الحجية و لا يزال مصيره مجهولا لحد ألآن .

ثم الاخبار التي سربوها ( الارهابيون حتماً ) بأنّ القوات الامريكية تحتجزهم في سجن بوكا ، وتارة اخرى قالوا في سجن بادوش ( ولا ادري كيف اختطفوا في الطريق العام الواقع ضمن محافضة الرمادي الحدودية مع الاردن في الغرب من العراق وسجن بوكا يقع في البصرة عند الانكليز في جنوب العراق ثم سجن بادوش يقع في شمال العراق .

كم كان بودي أن ابحث أو اشارك في البحث عن غموضها وحل الغازها و اسرار احجياتها ، وخصوصا حينما بدأت بكتابة بعض التساؤلات و التلميحات حينها اتتني الايميلات من جهات احترمها تترجّاني بأن لا اكتب في هذا الموضوع حفاضا على ارواح ابنائنا ( فريق التكواندوا ) .

وأخيراً بعد كل هذا الصبر و هذا اللف و الدوران و الانتضار لأكثر من سنة اتّضح انهم استشهدوا منذ اليوم الاول لأختطافهم وكانوا طيلة هذه المدة التي دامت لأكثر من سنة و جثامينهم مرمية في الصحراء ، فانّا لله و انّا اليه راجعون .

فيا ترى من هم القتلة ؟

و يا ترى من هم المشاركون في الجريمة ؟

و يا ترى ما هي مصلحة الصامتون عليها ؟

نعم انا ادين الصامتين عليها أكثر مما ادين القائمين بها ، وذلك لأن من ارتكبها هو أوحش من الوحوش و اشرس من الذئآب الضارية و انجس من خنازير البرية ، أما الساكت عنها أو المتسامح بها فهو من يتسبب بشيوعها و تعميمها و الاكثار منها لا سمح الله .

الطفل الفلسطيني الشهيد محمد الدرة اقام الاعلام العروبي الدنيا عليه و لم يقعدها ليس حبا بفلسطين او بمحمد الدرة رحمه الله بقدر ما هو للاستهلاك الاعلامي و المتاجرة السياسية .

و لكنه ( محمد الدرة ) لا يتجاوز طفلاً واحدا سقط برصاص متعمد صوّر كرصاص طائش في مواجهة قتالية كانت قائمة في الموقع الذي استشهد فيه ،

اما ابنائنا فهم ثلاثة عشر صبياً مسالماً كانوا ذاهبين لرفع اسم العراق و علم العراق عاليا لصالح كل العراق فتربص لهم في الطريق العام ( النغولة ) اعداء العراق .

يشهد الله لو كان الامر بيدي لأقمت لهم الفاتحة في المنطقة الخضراء ( على اعتبار انها رمز السيادة العراقية ) و لجعلت ممثلاً لرئيس الجمهورية و لرئيس الوزراء و لرئيس مجلس النواب يقفون ليأخذوا العزاء من المواطنين في هذه الفاتحة تكفيراً عن العجز بأخذ ثأرهم .

انني لأستغرب عدم كفاية الادانات ( نعم الادانات فقط ليس اكثر من ذلك ) من العلماء الاعلام و المراجع العظام ضد اهدار دماء ابنائنا الرياضيين ، وانا اجزم ان طفولة وبرائة هؤلاء الصبيان لهي اطهر و انظف من كثير من علماء دين و شيوخ عشائر و زعماء تنظيمات و وجهاء .

ختاما أعتذر من القراء الكرام فقد قطعت فترة استراحتي المرضية ، عسى الاّ ازعجتهم ، و بعد ان صمت دهراً عساني الاّ اكون قد نطقت كفرا.

و دمتم لأخيكم : بهلول الكظماوي
امستردام في 22-6-2007
bhlool2@gmail.com

بشرى خير و فرحة كبيرة :

بعد فراغي من كتابة بغداديتي اعلاه ليلة امس املا بارسالها صباح هذا اليوم ، خلدت الى النوم لأرى في عالم الرؤيا : أن القصر الجمهوري قد انتقل الى مدينة الصدر وقد تخلصت حكومتنا الوطنية من قذارة القصر القديم الملوث بآثار حكامه السابقين من حزب البعث العفن ثم دنس الاحتلال الانكلو امريكي القذر .

و رأيت ان حكومتنا قد عملت مجلسا فخما للفاتحة على ارواح شهدائنا ( ابطال فريق التكواندو ) و قد و قف مسؤولوا الرآسات الثلاث لأخذ العزاء فيهم بمناسبة مرور اربعين يوما على دفن جثامينهم الطاهرة.

حينها سألتهم مستغرباً عن سر هذا التأخير في انعقاد مجلس الفاتحة ؟

فاتاني الجواب : ان عاداتنا و تقاليدنا نحن ابناء الرافدين تنص ان لا نقيم مجلساً للفاتحة على ارواح شهدائنا الا بعد أن نأخذ بثأرهم !

وقد كان يوم امس هو يوم اعدام القتلة الذين كنا قد القينا القبض عليهم سابقا ، لذا اقمنا اليوم مجلس الفاتحة هذا بعد ان فرغنا من ابراء ذمتنا في الاقتصاص من القتلة المجرمين ، حينها افقت من حلمي وانا اردد : الهم صل على محمد و آل محمد ، الهم صل على محمد وآل محمد لقد تحقق الحلم بالاقتصاص من القتلة واخذ حق الشهداء .

انهم يرونه بعيدا ً ونراه قريبا.