إنهم يحرقون المنطقة..

في المنطقة تجري في الوقت نفسه سلسلة أحداث رهيبة قد يبدو أن ليس بينها رابط عضوي مع أن ثمة قاسما مشتركا يجمعها. في العراق يصفي القاعدون الأنذال حساباتهم مع أمريكا، كما يدعون، ولكن بتفجير المراقد الشيعية المقدسة من جديد لتأجيج التوترات المذهبية وتحويلها لحرب أهلية طائفية شاملة. في غزة تعلن حماس أنها "حررت" الأرض من فتح، فتحول الاحتلال الإسرائيلي لاحتلال "فتحاوي".. تهانينا بالنصر المبين! وهنا يدفع عباس ثمن أخطائه السياسية حين توهم أن المساومة والصفقة مع حماس سوف تعيدانها للعقل والاعتراف بالشرعية والاتفاقات الدولية، فعندما تكون المرونة السياسية في غير وضعها وتتحول إلى ميوعة وأوهام، فهناك الكارثة. في لبنان يواصل نظام الإرهاب السوري عمليات الاغتيال الوحشية بنما تستمر "فتح الإسلام" الإرهابية الدموية حرق لبنان وتقتيل أهله.
القاسم المشترك الأعظم بين هذه السلسلة الدموية الرهيبة هو أنها جميعا تعود لخطط وحسابات النظامين الإيراني، وارث الأحلام الإمبراطورية، والنظام السوري الشاعر بخوف متزايد.
الرئيس الإيراني يعلن بأن العقوبات الدولية "لا تساوي فلسا"، بينما يعلن سفيرهم أمام وكالة الطاقة الدولية بأنهم باتوا اليوم يمتلكون تكنولوجيا تخصيب اليورانيوم.
إيران تستخدم كل الأساليب لزعزعة العراق، بأمل تصفية حساباتها مع المجتمع الدولي، والتقارير الموثقة، وآخرها ما كشفه وزير الخارجية الأمريكي، تؤكد أن الأسلحة الإيرانية تتدفق بكثرة هائلة لطالبان في أفغانستان وللمليشيات في العراق، كما تؤكد كل التقارير بأن النظام الإيراني يعين في نفس الوقت شبكات القاعدة في العراق، مع أنها تمثل آخر مراحل العداء الأعمى للشيعة والتشيع. ولم تستطع إيران إخفاء أن على أراضيها كوادر من القاعدة.
التطرف والإرهاب الإسلاميان السياسيان، يربط بين كل هذه الأطراف الدموية برغم التناقضات الكبيرة بينها. فالقاعدة تتلقى كل العون من إيران الشيعية وتتلقى بغزارة الأموال الخليجية من أطراف تكفر الشيعة والتشيع. ومؤخرا كتب الأخ الدكتور عبد الخالق حسين مقالا متعمقا حول حقيقة الإسلام السياسي ومخططاته وانتهاكاته وولعه بالموت والقتل الجزافيين.
هكذا تلتقي المتناقضات المتخاصمة، مثلما التقت الأضداد السياسية والفكرية ضد حرب إسقاط صدام. اللقاءان هما بالطبع مختلفان جوهريا وفي ظروف متغايرة.
بالنسبة لنا في العراق فإن الأوضاع تزداد تداعيا وتعقيدا بفعل التدخل الإقليمي المتعدد الأطراف، ولا سيما دور النظام الإيراني، وكذلك نتيجة التخبط الأمريكي الذي يكاد يضع بوش في أزمة داخلية حادة. فما العمل؟ وإلى مقال تال.

عزيز الحاج
15/6/2007