الحكام العرب وعقدة التملك والوراثة

اذا القيت نظرة فاحصة الى الانظمة العربية الحاكمة في جميع البلدان العربية لوجدت- ونحن نعيش في مطلع القرن الحادي و العشرين- لوجدت البون الشاسع بين هذه الحكومات وبين انظمة الحكم في دول الغرب .بل وحتى بينها و بين الكثير من الحكومات الاسيوية المحسوبة على الدول النامية . فانظمتنا العربية في معظمها حكومات دكتاتورية لا تؤمن بالديمقراطية كاسلوب لتنظيم الحياة السياسية للبلد بل انها تصاب بالرعب الشديد من كلما يمت الى الديمقراطية بصلة فهي انظمة شمولية ثابتة جامدة وراثية تتمتع بالحصانة المطلقة و العصمة المطلقة فالبارحة كاليوم .واليوم كالذي يليه و هكذا... فلا نقاش ولا جدال ولا نقد ولا استماع لراي او فكر او مقترح. حكومات متربعة على دست الحكم رغم انوف الملايين من ابناء هذه الشعوب المحكومة قسراً و ان دعت الضرورة للحفاظ على الكرسي فالعلاج هو الحديد والنار والسجن والاعدامات.انها نفس الانظمة الحاكمة التي حدثنا التاريخ عنها قبل الاف السنين دون تطور او تقدم او تغيير.اما مصلحة الشعوب و تطورها في كل مظامير الحياة العلمية و الاقتصادية و الاجتماعية والادبية فهذا ياتي في نهاية القائمة .فالجهد الاعظم يصرف لحفظ دعائم انظمة الحكم بكل وسائل القوة .
و لنلقِ نظرة اخرى على الكثيرين الذين لم ترتفع طموحاتهم الشخصية اكثر من قامتهم فالعزوف عن دراسة العلوم الهندسية بكل فروعها المذهلة و الطبية والفيزيائية والكيميائية وعلوم الرياضيات...نعم العزوف هو سمة بارزة للكثيرين من شبابنا فنراهم بعد جهدٍ جهيد يكملون الدراسة الاعدادية او يكادون حتى يسارعوا للانخراط في الدراسات العسكرية و ما شابهها و ذلك لخلوها من الابداع الفكري و الجهد الخلقي المضني ولسهولة الصعود الاجتماعي وفق المفاهيم الاجتماعية المتخلفة ليتخرج ضابطا في احدى الصنوف العسكرية وليفكر بعد ذلك بالانقلاب العسكري او ما يشبه ذلك، للحصول السريع و بالقوة الغاشمة على الحكم وللبقاء فيه الى ان يقررَاللهُ امراً كانَ مفعولا.اوَليست هذه الاحلام المريضة هي الاحلام والاماني للكثيرينَ من الشباب؟فلو ان القيم الديمقراطية الاصيلة الحقيقية كانت هي القيم السائدة لدينا والمغروسة في النفوس منذ امدٍ بعيدولو اننا ربينا عليها اطفالنا و شبابنا لما وجدنا اي احدٍ يطمع بالحكم لانه يعلم بانها مجرد سنواتٍ اربع او خمس تنقضي كلها بالعمل المخلص و الجاد و المتعب لخدمة الامة والوطن.و ان في كلِ خطوةٍ محاسبة و مراقبة وبعد هذه السنوات القليلة تاتي الانتخابات في موعدها المحتوم ليتسلم الحكم اخرون تاتي بهم صناديق الاقتراع و ليس هناك خلود في الحكم او انفراد بل الحكم خدمة و خدمة.
و لنلقِ نظرةً اخرى الى الانظمة التي تدير دفة الحكم في الدول المتقدمة وخاصة الغربية كدول اوربا الغربية اذ انَ المقارنة تصيبنا بالذهول فقادة هذه الدول لا ياتون الى الحكم الا عبر صناديق الانتخاب الحر الحقيقي البعيد عن كل معاني التلاعب والتزوير وهم يعلمون بان الناخب الذي جاء بهم الى الحكم سوف يلفظهم لفظ النواة،بعد اربعه او خمسةِ سنوات.اي بعد الانتخابات القادمة اذا لم يحسنوا ادارة البلد ولم يجعلوا خدمة الدولة والشعب هو الهاجس الاساس لعملهم. ففي الدول المتطورة يكون الواجب الاساس للحاكم هو اداء رسالة مقدسة امينة مخلصة لخدمة البلد الذي يحكمونه فلكل مواطن حقه وكرامته ومكانته وقدسية مواطنته. وان اصغر مواطن يتمتع بالحقوق العامة كما يتمتع بها رئيس الدولة دون فرق. و ان المستوى المتقدم العالي الذي بلغته الدول الغربية في كل مجالات الحياة علميا واقتصاديا واجتماعيا واداريا وسياسيا، ماهو الا نتاج احترام الانسان و منحه حقوقه في اخذ حقه الكامل في العمل والتفكير والابداع و الخلق و الحياة دون خوف اوضطهاد او مضايقة او تخويف فاينَ نحن من كلِ هذا ؟؟؟ وليست الدول الغربية هي التي سبقتنا اشواطا بعيدة فحسب بل هناك دول اخرى اسيوية كانت بالامس القريب مستعمرات غير مستقلة وان كثيرا من الدول العربية قد سبقتها بالاستقلال بعشرات السنين تصلُ الى اكثر من نصف قرن لكنها استيقظت من غفوتها و قفزت قفزات كبرى فاختصرت عشرات السنين و برزت شامخة في كل مجالات الحياة و اخذت تنافس عمالقة الدول العظمى فهذه اليابان وكوريا الجنوبية وماليزيا وسنغافورة وتايوان وتايلند فهل نحن بمستوى هذه الدول؟؟؟؟ وماذا لو ان البترول العربي كان ينبع من اراضي هذه الدول؟؟؟!!! ياترى ايُ معجزاتٍ كانت ستصنع؟؟!!!؟؟؟
لهذا فاني اهيب بالاخوة الاعزاء من المثقفين و رجال الفكر و السياسة والادب والفن والصحافة و الباحثين في الجامعات و معاهد العلوم لدراسة هذه الظواهر وبيان خطورة الانظمة العربية على مستقبل هذه الاجيال ودراسة هذا الامر دراسةعلمية عميقة مستفيظة والخروج بحلول و افكار واقعية لخير و مستقبل الشعوب في الدول العربية و الانسانية جمعاء.

ابراهيم بازكير
السويد 28-05-2007
lbrahimbazgir@yahoo.se