سقوط الاسلاميين والعروبيين في نفس حفرة صدام

لم يكف صدام الذي مات توا عن اثارة النعرات والفتن حتى في طريقة ومشهد اعدامه .

فالاسلاميين العراقيين الذين حضروا مشهد الاعدام نسوا مئات الالاف من الضحايا العراقيين واختصروها بالصدر الذي هتفوا بحياته وهو ميت . ثم اخذوا بترديد اسم مقتدى ، وكأن مقتدى هو الذي قام بالتغيير وهو الذي قبض على صدام وهو الذي أعدمه . ولو كان امر حكم العراق كاملا بيد مقتدى لخرج صدام من سجنه حرا طليقا منذ مدة طويلة .
والدرس الذي يمكن استخلاصه من مشهد الاعدام ان بعض التيارات الاسلامية العراقية لاتؤمن حقا بالتغيير ، بل تؤمن بالتبديل .
فهم يريدون استبدال صدام بمقتدى الذي سمعت من يطلق عليه في مناسبات عدة (سيدنا المقدس) . أما مسؤلوا الدولة من تياره فيرددون بمناسبة وبدون مناسبة كلمة (حبيبي) و (ان صح التعبير) ليثبتوا مسيرتهم على هدي زعيمهم . فأي فقر ثقافي هذا حين يسود الشارع العراقي تيار مبني على ترديد كلمتين . ولو كانوا تيارا لاشاعة الحب لفهمنا مغزي ترديد كلمة (حبيبي) بمناسبة وغير مناسبة ، أما ان يكون مليشيا مقاتلة فهذا بحث آخر.
وهكذا بعد أن حلمنا بعراق ديمقراطي عقب سقوط الطاغية ، نجد انفسنا امام خيار يفرض نفسه بالقوة وهو خيار استبدال صدام تكريتي بصدام صدري ، لتبقى فكرة دمقرطة العراق مؤجلة الى حين نضج الظروف ، وليبقى العراق حقل تجارب ازلي في طرق الحكم ، ومكان لتمرين الجهلة المستبدين على طرق تخنيث الناس واستعبادهم.

أما العروبيين فقد وفر لهم اعدام صدام في العيد فرصة ايجاد عذر للاعتراض .
فحتى لو تم الاعدام في أي يوم آخر لاعترضوا ، ولقالوا بأن مهلة الشهر التي يحددها القانون لم تنقضي بعد .
ولو انقضت المدة لقالوا بأن المحكمة لم تعطه الحق في الدفاع عن نفسه بشكل كاف .
ولو أعطته المحكمة الحق في الدفاع كاملا ثم حكمته لقالوا بأن المحكمة غير شرعيه .
ولو تم اعدامه يوم الجمعة او السبت او الاحد لاعترضوا على اعتبار انها عطل للاديان السماوية الثلاثة .
ولو تمت يوم الاثنين لقالوا عيب فتلك عطلة الحلاقين وهكذا.

فهم كانوا يريدون انقلابا على صدام لا يطيح بصدام
وتغييرا في العراق لايقوم به العراقيون ولايساعدهم الغير على القيام به .

أما وأن التغيير قد حصل ، وقامت به ولية نعمتهم أمريكا ، فالمطلوب أن لايتم اعدام صدام في أي يوم من ايام الاسبوع ، ولا في شهر من اشهر السنة الميلادية او القمرية ، وان لاتكون قبل العيد ولا بعد العيد ولا في العيد .

أنهم لايريدون أن يكون العراقيون متساوون
أنهم لايريدون أن يكون لكل عراقي صوت

هذه هي الحقيقة المريرة بكل أسف
أنهم طائفيون

د. غسان الربيعي

المصدر: الاخبار، 1/1/2007