أخر كلمات العام 2006 ... أول كلمات العام 2007

1- ليس من طبيعة العراقي نكران الجميل ولاتناسي الموقف والتضحية التي يقدمها اخوته ، فقد كنا نشتهر بقيم رد الجميل وقيم أخرى ، وليس من طبيعة العراقيين إن يركنوا ويهمشوا من كان يتقدم الصفوف في زمن المعارضة ، ففي ذلك الزمن كان مقياس الرجال موقفها الرافض والمعارض لسلطة صدام ، حين كانت التضحية والعطاء والشجاعة هي الموقف الأساس الذي يميز الإنسان ، و حين كانت الرجال لاتتزاحم على المراكز ، فما الذي حدث حتى يمكن إن يتم تهميش العديد من المضحين والمعارضين ببسالة وشجاعة ضد سلطة الدكتاتور قبل إن يتهاوى ؟ ولماذا هذا الموقف البعيد عن الوطنية والغريب عن مواقف العراقيين ؟ وهل يمكن إن تنسي السلطة مواقف الرجال وتضحيات العديد من العراقيين في زمن صعب ؟ وهل يمكن لمجلس النواب إن يستذكر تلك الأسماء لا ليعيد لها الاعتبار الوطني ؟ وإنما ليعيد حقوقها الشخصية والقانونية دون مكافأة ودون زيادة ودون أفضلية !! فمن غير المعقول إن تبقى قرارات صدام فاعلة ونافذة بحق بعض في زمن تم كنس سلطة الدكتاتور ، ومن غير المعقول إن يتم غبن وتهميش العديد من أسماء المناضلين بزعم الوضع الأمني والإرباك الذي حل في زمن الاحتلال ، ومن غير المعقول أن يكون النواب لايعرفون حقيقة مواقف الرجال ، أو أنهم انشغلوا بحماياتهم ورواتبهم وسفراتهم ومخصصاتهم وخلافاتهم ، وما سنعرضه نموذج من بعض الأسماء التي أعطت ولم تأخذ وليس كلها ، وهذه الأسماء ضحت بالقلم العريض دون إن تنتظر ثوابا أو شكرا والتفاته من أحد ، غير إن لها حقوقها المشروعة التي لايمكن لأحد إن يشطبها أو يلغيها فالحق يعلو ولايعلى عليه .

2- في العام 1990 وعند غزو صدام لدولة الكويت الشقيقة ، وقف السيد أرشد توفيق إسماعيل موقفا عراقيا جريئا لم يقفه الا القليل من العراقيين ، حين أعلن للعالم استقالته من مركزه كسفير للعراق في اسبانيا احتجاجا على الاحتلال الغاشم ، وإعلانه معارضة النظام الصدامي ، وهو موقف جريء في كشف حقيقة النظام وفضحه ، وبالتالي إعلان الموقف الوطني برفض الاحتلال الصدامي للكويت ، وإعلان الموقف المعارض من السلطة الجائرة بشكل معلن ، وانقطعت كل علاقة للسيد ارشد توفيق كسفير للعراق في اسبانيا تاركا كل المكاسب والأمتيازات بعد إن أعاد جميع ممتلكات السفارة وحقوقها إليهم كاملة ، وكان للسيد ارشد توفيق الحضور الفاعل في مؤتمرات المعارضة العراقية ، وفي مؤتمرات الحقوقيين التي سعت الى فضح سياسة صدام وكشف دكتاتوريتها على العالم ، وفي مؤتمر العدالة الانتقالية المهم في مدينة سيراكوزا بأيطاليا في المعهد الجنائي الدولي ، وحين سقطت سلطة صدام تهافت المطالبين بالمراكز وتراكض الحالمين بالسلطة ، وتنافس المتزاحمين على الكراسي ، ولكن لااحد منهم فكر في إن يعيد للسيد ارشد توفيق مجرد حقوقه القانونية ، ليس من باب المكافأة ولا من باب الموقف الشجاع ، وإنما من باب إعادة الحق الذي حرمه وسلبه صدام ، حين قرر حرمان السيد ارشد توفيق من الراتب تقاعدي الذي يستحقه ، وهو حق من حقوقه القانونية التي يوفرها له قانون الخدمة الخارجية والمدنية دون منة من احد ، ومن باب الأنصاف أن يتم الالتفات الى إعادة حقوق السيد ارشد توفيق منذ إعلان استقالته ولحد اليوم ، وأن تلتفت اللجنة القانونية ويترفع الأخوة في مجلس النواب عن التمسك بقرارات صدام الجائرة بحق المناضلين والمضحين في زمن كان يعز فيه موقف الرجال ، وينبغي عليهم العمل على شطبها وإلغاؤها والتمعن في بواطنها وتأثيرها ، وكان موقف ارشد توفيق موقفا عراقيا وجريئا بحق يستحق منا إن نثمن مواقفه ونستعيد الموقف الجريء الذي وقفه ، في الاصطفاف مع قوى الشعب المناضلة .

3- وإذا كنا نستذكر أسماء من قدم التضحيات وكان فاعلاً ومتفاعلاً في فترة الزمن الصدامي البغيض ، حين كان العديد ممن يخفي معارضته ، أو يخفي اسمه وصورته ، أو يخفي موقفه ، مفضلا الانتظار ، كان السيد فائق الشيخ علي صوتا إعلاميا مدويا ، وخصما عنيدا للطاغية وتحمل من جراء ذلك الموقف العديد من الانتهاكات والتضحيات التي عرفنا قسما منها ولم نتعرف على الكثير منها ، غير انه عرف وبجرأته المعهودة موظفا طاقاته القانونية وثقافته وقابليته الإعلامية في فضح سياسة صدام ومعارضته ، ولسنا ممن يريد إن يكون للسيد فائق الشيخ علي مركزا وظيفيا مرموقا مع انه حق طبيعي أمام كفائتة ، وإنما إعادة الاعتبار والاستذكار الطيب والوطني لهذه النماذج العراقية المناضلة ، وإذا كان السيد فائق الشيخ علي وهو المحامي والقانوني قد حرم من ممارسة عملة بسبب معارضته لصدام ، فقد انسحب هذا التعارض على عائلته ، وإزاء هذا التزاحم والتكالب على المراكز يغيب اسم فائق الشيخ علي دون وجه حق ، مما يستوجب أن يتم اعادة دراسة وضعه الوطني بتجرد .

4- ويقينا ان أسم السيد توفيق الياسري من ضمن الأسماء التي تصدرت رجال الأنتفاضة العراقية الباسلة ، منطلقا من مدينته الديوانية ، والذي يسجل له التاريخ العراقي انه كان من بين المعارضين البواسل والأشداء الذين لم يتوقف جهادهم ونضالهم ، وكان لهم الحضور المهم والمؤثر في مؤتمرات المعارضة وكل التجمعات المجاهدة من اجل خلاص الشعب العراقي من سلطة الدكتاتور . وكان للسيد توفيق الياسري أثرا وتأثيرا في قيادة الأنتفاضة ومن ثم الوقوف بشكل سافر وشجاع فاضحا سلطة الدكتاتورية والطغيان ، موظفا كل طاقته وإمكانياته وتأثيره على الساحة العراقية والعربية والدولية ساعيا بكل قوة الى إسقاط نظام صدام وزمرة الطغيان حتى اللحظات الأخيرة التي لفظ بها نظام صدام أنفاسه حين هرب الطاغية الى حفرته وتعرى أزلامه وذيوله ، وبالنظر للطاقة والإمكانيات والحس الوطني الأصيل الذي يتمتع به الياسري النابع من أصالة أبن الفرات الأوسط ، فأن غيابه عن المسؤولية خسارة وطنية لاتنسجم مع التطلع للعراق الديمقراطي والفيدرالي .

5- وإذا تذكر أصحاب الوجدان في القضية العراقية موقف المجاهد نجيب الصالحي ، والذي ناله من التضحيات ما لايتحمله بعض ممن يتبوأ مراكز السلطة اليوم ، جاهد نجيب الصالحي ضد سلطة صدام بقوة وبصلابة وبإصرار ، وحضر مؤتمرات المعارضة واقفا كعراقي غيور ، ووظف نجيب الصالحي علاقاته العسكرية واتصالاته بأفراد ومجموعات لصالح قضية العراق ، غير انه نسي إن يتحزب أو إن ينضوي تحت عباءة شخصية حزبية ، فقد تم تغييب دوره في الوقت الذي كان حاضرا ومؤثرا حين غابت كثير من الأسماء التي نقرأ ، إلا انه ومع كل هذا بقي وفيا ويعطي للعراق .

6- وفي سنوات القحط ألأعلامي حين شحت على المعارضين قنوات الأعلام أو الصحافة ، فتح السيد هشام الديوان نافذة جريئة ، مستغلا قناة الأخبار العربية التي يعمل بها ، ليجعلها النافذة والمتنفس للمعارضين العراقيين ، وأستطاع هشام الديوان بجرأته وشجاعته إن يستقطب المشاهدين ، ويؤثر في الجسد الدكتاتوري ، وتمكن هشام الديوان البصري الشجاع أن يكون صوتا عراقيا في زمن المحنة ، وأن يكون المثقف العراقي الذي وظف طاقته للعراق دون استثناء ، وكما تمكن الديوان ومن خلال نافذة (( الفيحاء )) أن يطل على العالم مدافعا عن شعب العراق ومتحديا قنوات مدعومة من دول ومن مافيات مالية وسياسية ، ليتخطاها ويدخل في قلوب العراقيين والعرب الشرفاء ، وبعد كل هذا يذوي تدريجيا اسم هشام الديوان دون إن يتعرف الناس أين صار هذا الاسم العراقي الأصيل .

7- وكيف لأصحاب الوجدان والضمير أن يتناسوا صوت العراقي سامي فرج علي ، الصوت المدوي والهادر الذي كانت السلطة الصدامية تحسب له ألف حساب ، وكان مؤسسة إعلامية فاعلة ، جراء مواقفه الوطنية تحمل وعائلته الكثير من الأذى ، وعمل بكل تفان من اجل مستقبل العراق ، وكان له الحضور الفاعل في المعارضة العراقية ، فكيف تم تغييبه عن الساحة الإعلامية العراقية ؟ وكيفتم تهميشه في زخم التدافع بالمناكب على المناصب والمراكز وأزاحته عن استحقاقه ومكانته ؟ ومن المسؤول عن هذا ؟
8- لعل هذه الكلمات وهي آخر كلمات العام 2006 وأول كلمات العام 2007 تصل الضمير والقلب بتجرد مع إن هذه الأسماء على سبيل المثال لاالحصر فأن هناك العديد من المناضلين الذين قدموا ولم يتم الالتفات اليهم لحد اليوم .

زهير كاظم عبود
28/12/2006

المصدر: الاخبار، 28/12/2006