لايصلح الانسان ما افسده العطار والدهر

في الحقيقة وددت ان اتحدث عن الوضع المتردي الذي وصل اليه العراق والعراقيين وبصورة اكثر دقة هذه المرة . ولكي نضع النقاط على الحروف ونكشف الامراض التي تنخر في الجسد العراقي المدمى بالجراح ، سنناقش وضع الفدرالية التي يراد به للعراق والحقيقة ان الفدرالية نظام معمول به في اكثر البلدان والفدرالية لا تعني بأي حال من الاحوال تقسيم للبلاد والسكان ولكن الفدرالية تعني المشاركة في بناء الدولة من قبل الاطراف والمركز ، ولو اننا ندرس الفدرالية في العراق نراه عبارة عن مشروع تقسيم وتحويل العراق الى اقاليم قومية وطائفية وبذلك يتسع الشرخ القائم في الجسد العراقي ، ولكن لم يسأل احد من الذين يهاجمون الفدرالية ما هي الاسباب التي تؤدي بالناس الى التقوقع في اقاليم مفضلين ذلك على عراق موحد !!!!

ان الفدرالية صار خياراً سياسياً واحتمالات تحول هذه الفدراليات الى دول مستقلة وارد جداً لأسباب منها التعنت من قبل البعثيين ومحاولة الوصول الى السلطة وبكل الوسائل وارهاب الشعب بالتفجيرات والاختطاف والقتل اليومي للأبرياء ، ولأن البعث له وجود قوي في المناطق الغربية في العراق فكون (بتشديد الواو) هذا الحزب ضغطاً اجتماعياً هائلاً على ابناء المناطق تلك ، فخلط الحابل بالنابل ولم يعد يعرف المرء الارهابي من المسالم وهذه المجاميع البعثية التي تلونت بطابع ديني سلفي تمارس الارهاب حتى على ابناء مناطقها لزجها في حربها ضد العراق الجديد ، ولكن ياترى هذه المجاميع لم تزداد شراسة الا بعدما قامت القوات الامريكية المحتلة بأطلاق الالاف من الذين كانو معتقلين لديها وهنا يمكننا وضع علامة استفهام ونسأل لماذا اطلقت القوات المحتلة هؤلاء الذين يعدون بعشرات الالاف ؟ ولو اننا نرى خسائر المحتل وخسائر الابرياء من العراقيين نصل الى نتيجة انه كلما كانت خسائر العراقيين اكبر كلما كانت خسائر الامريكان اقل ، والارهاب له صفة رسمية الان في الحكومة وله ممثلين ومدافعين عنه وهؤلاء تعهدوا للأمريكان بعيد اطلاق سراح المعتقلين من ابو غريب من البعثيين والمتورطين في العمليات الارهابية والمشتبه بهم كأرهابيين ان هؤلاء الذين سيطلق سراحهم سوف لا يقومون بأي عمل عدائي ضد الامريكان !!
ولكن هؤلاء شرعوا بالاندماج في تجمعاتهم الاولية وبدئت اعمالهم الارهابية بحق الشعب وبذلك استفادت امريكا من جهتين من جهة ابعدت هؤلاء الارهابيين من جنودها وكذلك ستزعزع هذه المجاميع الامن في العراق لتكريس وجودها ولتنفيذ مخططاتها في المنطقة. وهذه الاسباب زادت الهوة بين العراقيين اكثر واستمروا بما بدئه صدام واصبح لدى ابناء الشعب العراقي حاجز نفسي امام الاخر فالكوردي صار عنده حاجز امام العربي والشيعي امام السني ، والمسلم امام المسيحي ، ولذلك يفضل الناس وخصوصاً من الاكراد والشيعة الانفصال على ان يعودوا لأيام العبودية والاضطهاد القومي والطائفي ، وكان المفروض من الاخوة من العرب السنة ان يقدموا الضمانات والاعتذار لسنين الاضطهاد وبدل الاعتذار قدموا الارهاب ليزيدوا من اصرار المواطنين على الانعزال والعيش بعيداً عن الظلم .
ولنبتعد عن الارهابيين والامريكان قليلاً وندرس الحالة العراقية من دون هؤلاء ، ونبدء بأخوتنا الكورد ، ان الثورة الكردية في العراق عاشت وقاومت السلطة البعثية في المناطق الريفية اكثر من المناطق الحضرية وهنا اقصد ان الكورد في القرى والارياف والمدن الصغيرة كانوا يدفعون ضريبة هذه الثورة من دمائهم وممتلكاتهم وحريتهم واما سكان المدن الكبيرة فكانوا بعيدين نوعاً ما عن هذه الضرائب الا كركوك وخانقين ، وتعداد القوات الكوردية بعيد اذار عام 91 لم يتجاوز العشرة الاف وهذا الرقم ليس اكيداً ولكن العدد الذي لجأ الى ايران بعد عمليات التخريب الواسعة التي قامت به القوات الصدامية ضد مناطق الريفية الكوردية والتي سميت حين ذاك بالانفال لم يكن بالعدد الكبير وهنا لا بد الاشارة الى ان العدد لم يكن اكيداً ولكن مااذاعته اذاعة لندن حين ذاك وقالت عدة الاف وهذا على حد رأيها وهنا لا اود الخوض في هذا الامر بقدر ما اود ان ادخل في عدد ابناء تلك القرى الذين فقدوا منازلهم بعد تدمير قراهم ولجوئهم الى المدن الصغيرة لسهولة وقلة تكاليف المعيشة فيه وانخراط عدد كبير من ابناء تلك المناطق والمدن الصغيرة في صفوف ما كانت تسمى بقوات الدفاع الوطني او الفرسان او كما كان يسميه اغلب الكورد بالجحوش وهذا لا يعني بالضرورة انهم كانوا موالين الى صدام بقدر ماكانت البطالة وقلة فرص العمل تدفعهم الى التطوع في صفوف الجحوش ، لم يقم النظام البائد ببناء مصانع او انشاء معامل او توفير فرص عمل للسكان ولذلك تدافعوا للأنضمام للجحوش والبعض امتهن مهنة التهريب البشر والبضائع والكثير من العوائل العراقية العربية هربت ولجأت الى ايران بفضل هؤلاء المهربين .
والحديث اليوم عن ماذا قدمت الحكومة الكوردية لهؤلاء الذين الان يشكون البطالة وقلة الموارد المالية وقلة الخدمات في مناطقهم بينما المدن الكبيرة افضل حال منها وهذه المدن لم تقدم ماقدمه هؤلاء فكانت التضاهرات ضد الحكومة الكوردية في هذه المناطق بالرغم من انهم كانوا اكثر الناس اخلاصاً للثورة الكوردية ويتسائل المرء هل بنيت القرى التي تأنفلت ام بنيت افخم الفنادق في السليمانية وفي اربيل ودهوك وزاخو وهل قدمت حكومة كردستان حل للمعضلة الاجتماعية التي يعاني منها اغلب ابناء كردستان ، ولا اعتقد ان حكومة الاقليم لها عذر الارهاب فالامان متوفر والمال ايضاً ، وكما قال سيادة رئيس الجمهورية جلال الطالباني قبل فترة قصيرة جداً لمحطة اخبارية امريكية ان عدد المليونيرية في كردستان كانوا يعدون بالاصابع واليوم تعدوا المائة ياترى رئيس جمهوريتنا لم يخبرنا كم عدد الفقراء ( وكما كنا نقوله في بغداد الفلسيونيرية) ، ان نسبة الفقراء والاغنياء نسبة عكسية فبزيادة نسبة الاغنياء وزيادة غناهم يزيد عدد الفقراء ويزداد فقرهم ، ولنأتي الى حديث اخر ومن نوع اخر ولكن في كوردستان ايضاً قبل فترة تم استبدال العلم العراقي مابعد المرحوم عبد الكريم قاسم بعلم عبد الكريم قاسم اي بعلم ثورة الرابع عشر من تموز ، وهنا كان الناس منقسمين بين رأيين رأي مؤيد ورأي مخالف ولكنني اتسائل فقط هل كان أستبدال العلم بحاجة الى اعلان !! وهل كان العلم يرفع من اساسه في كوردستان قبل الاعلان !! وبرأي الخاص كان الاعلان عن استبدال العلم خطأ سياسي واضح ولم يتمكن المدافعين عنه من تفريغ شحنة العداء التي وجهها المجاميع البعثية والقومية ضد القرار ، واكثر ما اثارني هو النقد الذي وجهه اياد جمال الدين والذي اثار كذلك استقلالية السلطة في كوردستان عن المركز وكذلك اقتطاع كوردستان سبعة عشر في المائة من مدخول العراق وعدم علم (بكسر العين) المركز كيفية صرف الاموال وكذلك عدم مشاركة المركز باموال المعابر الحدودية ، وهذه التسائلات مشروعة في نظر الشارع العراقي ومؤججة من قبل مجاميع الضغط التي تسيطر على الشارع العراقي وتعتبرها هذه المجاميع وقوداً لديمومة ضغطها وسيطرتها على الشارع ، واما من ناحية اخرى فالحكومات العربية مثل السعودية ومصر والاردن بدئت التحرك على اساس اذا انزل العلم العراقي يعني ان الكورد يخططون ويتجهون نحو الاستقلال وكذلك الحكومة التركية ابدت عدائها السافر للقرار وللحكومة الكوردية ، اذن هل كان الاعلان عن استبدال العلم صائباً ، اود ان اشرح امراً بسيطاً للغاية ان العسكر في تركيا وكذلك حكام مصر والاردن والسعودية يعتبرون حلفاء دائميون في المنطقة للأمريكان ولا يمكن ان تستبدل امريكا بهم الاخرين ، وهؤلاء خدماتهم متواصلة ومستمرة للأمريكان فالاتراك حلفاء لأمريكا ، ولأمريكا قواعد عسكرية في تركيا وكذلك مصر الداعمة للسياسة الامريكية والاسرائيلية وكذا الحال مع ملك الاردن والاردنيين وكذلك السعودية التي خدمت وتخدم امريكا والتي لا تقبل ان يستخدم سلاح النفط من اجل الحقوق العربية في فلسطين لأاجل ان لا يتضرر الاقتصاد الامريكي والغربي ، وهنا نعادل كل ذلك بوقوف الكورد مع القوات الامريكية وفتح الجبهة الشمالية في العراق ، ولا اعتقد ان هذه الخدمة تقاس بالخدمات المستمرة للأخرين ، وماذا كانت النتيجة زيارة وزيرة الخارجية الامريكية الى اربيل والدعوة من هناك الى عراق موحد وتقسيم الثروات بين ابنائها ، وهنا لا بد الاشارة ان الدعوة من هناك لها مدلوات واشارات لحلفاء امريكا في المنطقة ان امريكا لن تسمح باكثر من ذلك !!

ونأتي الى اخوتنا الشيعة والحكومة المركزية في بغداد الائتلاف العراقي مجموعة غير منسجمة من الاحزاب والتيارات السياسية التفت بعبائة المرجعية بالرغم من ان الكثير من التيارات والاحزاب معادية للمرجعية او لنقل بكلام اخف مختلفة مع المرجعية وبالرغم من ذلك انظمت هذه التيارت الى الائتلاف لعلمها ان الشارع الشيعي سيصوت للقائمة التي تكون المرجعية راضية عنها ، وعلى كل حال الانتخابات انتهت وافرزت النتائج التي سيطر فيه الائتلاف على اكبر عدد من المقاعد وشكلت الحكومة بعد مخاض عسير لتمسك الجعفري بالمنصب ، ولكن في النهاية تشكلت حكومة وهذه الحكومة مع الاسف لم تنجح في اي شيء والخدمات بقيت سيئة والسرقات والمحسوبية بقت على حالها وكأن البلد صار خان جي خان للهب والدب لا صاحب له ولا والي والناس يعانون من كل شيء الارهاب ومجاميع الضغط البعثية والغير بعثية ولا اود ان اسمي اي من الاحزاب والتيارات التي بدئت تمارس الضغط الاجتماعي كما كان يمارسه البعثيون من الاجهزة القمعية والجيش اللاشعبي على الناس وكيف كانو يسوقون الناس الى المسيرات ومهرجانات الاستفتاء على قائد الضرورة ، والمواطن العراقي اصيب بالامبالات وعدم الاكتراث لما يحدث لغيره وبدء البحث عن مصالحة الانانية قافزاً على جيرانه واصحابه . والمواطنين الان لا يلتزمون بقانون او سلوك سوي جامع محافظ على ديمومة النسيج الاجتماعي العراقي ، والنسيج الاجتماعي العراقي صار في خبر كان ، والسلطة غير قادرة على ضبط الامن وتوفير الخدمات فماذا يتوقع المرء من المواطن العادي هل يلتزم بقوانين المرور ام يحافظ على نظافة الشارع !! السلطة لم توفر الاعمال للعاطلين واعطت فرصة لمجاميع الضغط في الشارع اصطيادهم وكسبهم لصفوفهم ، السلطة تطلق سراح الارهابيين فلا بد للسلطة ان تتوقع انضمام اهالي الضحايا للمليشيات ومجاميع الضغط لأخذ الثأر وبطريقتهم الخاصة .
السلطة العراقية غير قادرة على حل مشاكل اركانه فهل سيحل مشاكل الشعب !! ارهابيون يعترفون بجرائمهم ومن بلدان عربية ولا احكام اعدام بحقهم ، واخرين يعتقلون ولا خبر عن محاكماتهم ، فكيف للأرهاب ان ينتهي ، عضو في البرلمان يضبط في داره سيارة مفخخة ولا يقدم للمحاكمة وهذا الخبر اثارني كثيراً هل الخبر صحيح ام انه ملفق ان كان صحيحاً فلما السكوت عليه اذن ، وهذا يعني ان هناك تواطيء من قبل الحكومة ، واذا كان الخبر كاذب وملفق فذلك اثارة للطائفية .
حديث الناس لا ينتهي والفقراء ينامون عراة ولا يغطيهم غير الرصاص وشظايا القنابل التي تثقب اجسامهم ، واركان السلطة لاهين عنهم بجمع وتقاسم الغنائم .
وودت ان اقول بعض الكلمات
المحرومين يفيقون على اصوات الانفجارات ، والقادة نيام ومن حولهم الحرس والحشم ، لم تبقى هناك ضمائر ولا ذمم ،الناس يذبحون والقادة للسرقات يشحذون الهمم ،اي اناس انتم ياترى تـاكلون العنب ،والفقراء لا يجدون حتى الحصرم ،فهل انتم عبيد الله ام عبيد الدينار والدرهم!! ومظالم الناس صار لكم مغانم

ملاحظة مهمة
هذا الرأي هو رأي الشخصي ولا يمثل اي شخص او اي جهة سياسية او دينية ولا امثل اي جهة ، واي شخص او جهة سياسية يدعي غير ذلك فهو كاذب وكذابين ولم اعبر في كل ماكتبته من مواضيع الا عن رأي الشخصي واي كلام اخر غير صحيح وارجوا ان تكون هذه الملاحظة كافية للذين تسائلوا عن اي جهة اعبر في ما اكتب

بهاء صبيح الفيلي
baha_amoriza@hotmail.com
9/10/2006