الإسلاميون العراقيون وديمقراطية الحذاء!!

أحسن الدكتور عبد الخالق حسين في تعليقه الجريء على وقائع البرلمان العراقي هذه الأيام، وخصوصا السلوك القمعي الفظ لرئيسه، الذي نصب نفسه الحاكم المطلق الصلاحية في إعطاء الكلمة لهذا وقمع وإسكات ذاك، وكأن النواب ليسوا منتخبين بل هو الذي عينهم.
إن القارئ لابد ويتذكر عشرات المقالات لنا وللعديد من كتابنا في نقد الدستور الدائم، الذي بينا انه، وعدا تناقضاته الفاضحة، يفتح أبواب حكم الشريعة في العراق رغم تغليف ذلك بعبارات عن الديمقراطية وحقوق الإنسان أضيفت في اللحظات الأخيرة. لقد كانت واضحة الطبيعة الإسلاموية للدستور. وفي حينه طالب الناطقون باسم السنة من تنظيمات وأحزاب بتعديله بحذف الإشارة للفيدرالية مع إبقاء النصوص عن حكم الشريعة وهضم حقوق المرأة وكرامتها، حيث أن هدف قيام نظام حكم الشريعة هدف مشترك لهم مع التنظيمات والأحزاب الدينية الشيعية.
إن من المؤسف انخراط الكتلة الكردستانية في دعم الدستور بقوة، والمؤسف أكثر هذا المديح الأمريكي المستمر للدستور والانتخابات الثانية التي دفعت للمقدمة بقوى لا تؤمن بالديمقراطية وحقوق المرأة. إن نظام حكم الشريعة ومن أي مذهب كان يعني قتل الديموقراطية، وقمع الأقليات الدينية والعرقية كما هو الحال في إيران والسودان وبالأمس طالبان.
إننا نعتقد أن استمرار الوضع العراقي ومخاطر فرض نظام حكم الشريعة بالمذهبين تنسف من الأساس كل أفق ديمقراطي حتى ولو جرت عشرات الانتخابات لا اثنتين وحسب. إن الانتخابات لوحدها وبدون توفر مستلزمات وشروط الديمقراطية لن تبني ديمقراطية، بل وفي الظروف العربية اليوم قد تجعل حزب الله حاكم لبنان، كنجاح حماس. ونضيف أنه لو جرت انتخابات حرة اليوم في مصر نفسها لكان خطر فوز الإخوان المسلمين حقيقيا، وهو ما بينه مقال مأمون فندي في صحيفة "الشرق الأوسط" اللندنية منذ أيام.

إن الانتخابات الحرة شرط للديمقراطية البرلمانية ولكنها ليست بالشرط الأوحد وعلينا تذكر صعود هتلر للسلطة في انتخابات حرة.
إن الاندفاع الأمريكي نحو جريان الانتخابات في المنطقة وأيا كانت النتائج هو موقف خطير ويهدد المشروع الأمريكي نفسه عن الديمقراطية في المنطقة. ومن هنا فعلي الولايات المتحدة أن تدرك أخيرا مآسي الوضع العراقي بسبب فوز أحزاب سياسية دينية طائفية وانفلات ميليشتاتها الإرهابية، وهو أيضا يعيق ويعرقل مكافحة الإرهاب الصدامي - القاعدي.
إن الوضع العراقي هو بمثابة إحلال جهنم صدام وبجهنم قوى الإرهاب وسيطرة أحزاب دولة ولاية الفقيه أو نظام طالبان، من قتل وخطف وقطع رقاب العشرات من العراقيين كل يوم [مائة على الأقل] وإذا انتصر تيار نظام الشريعة نهائيا فسيكون ذلك جهنماً مضاعفا.
نحن نعتقد أن على الأحزاب الكردستانية أن ترمي بثقلها لمنع الانسياق نحو حكم الشريعة وأن تطالب بتعديل الدستور بحذف البنود عن خضوع القوانين والتشريعات لحكم الشريعة والبنود التي تظلم المرأة العراقية. أما واشنطن فهي مطالبة باستعمال وجودها وثقلها بجد وبقوة للجم قوى الإرهاب وفرض حل الميليشيات الحزبية على حكومة المالكي كشرط أول لمواصلة تأييدها، لاسيما والحكومة أسيرة أصوات الصدر، الذي يعبث جيشه بالأمن كما يفعل الصداميون والقاعديون الملطخة أيديهم بآلاف الجرائم البشعة ضد المواطنات والمواطنين، والإرهابان يكمل أحدهما الآخر ظرفيا.
إن خطر قيام حكم الشريعة في ظرف تحتل فيه الأحزاب الدينية مواقع السلطة وتكاد تحتكرها وحيث تتدخل دول وأطراف عربية لدعم وتمويل الإسلاميين القاعدين خطر داهم ويعني تحقق هذا الهدف الشرير إلحاق العراق أو على الأقل جنوبه بإيران التي تتدخل كل يوم وساعة في الشأن العراقي، كما ويعرض المجتمع والبلد لحروب أهلية وخطر التقسيم.
نعم لا لنظام حكم الشريعة، خامنئيا كان أو طالبانيا!
إن القوى العلمانية واللبرالية عليها الخلاص من ضغوط القوى السياسية الدينية وابتزازها، وأن تدرك أن الوضع أكثر من خطير والوقت يفرض التحرك والمبادرات الجريئة والفورية.

عزيز الحاج
3 أكتوبر 2006