المشكلة ليست في قاضي المحكمة الجنائية بل في القضاء العراقي

منذ أول جلسة للمحكمة الجنائية العليا الخاصة ظهر بوضوح تهاون اتجاه تصرفات القتلة من القابعين خلف القضبان من ( أبطال ) جرائم حلبجة والأنفال والمقابر الجماعية . فقد كان هناك سكوت مطبق لما تفوه به أول المتجاوزين من المجرمين وهو طاهر جليل الحبوش الذي أطلق بدون تحفظ ولا أدب ألفاظ كانت من ضمن أدوات البعثيين الفاشست الإعلامية ضد أبناء الشعب العراقي مثل ( الطابور الخامس ، والخونة ، والمتمردين ، والعصاة ، وعملاء إيران ، وحرس خميني ) ، وسط صمت مطبق من قبل المحكمة التي لم ترد على المجرم المذكور . ثم كانت الحركة القذرة لـ( قرقوز المحكمة ) وهو محامي طارق عزيز وفرحان مطلك الجبوري وطه الجزراوي( بديع عارف عزت ) الذي قام بحركة تمثيلية فاشلة اضحك فيها نفسه وشلة محامو الشيطان ممن يدافع عن الباطل داخل المحكمة ، مع تجاوب واضح من قبل رئيس المحكمة في الابتسام الباهت منساقا مع النكتة السمجة التي أطلقها ( المهرج والقرقوز بديع عارف عزت) مستهزءاً بإحدى ضحايا الأنفال السيدة نجيبة تقي صوفي وهو يردد ( لعد إنتِ شميتي رائحة الثوم ) . ثم توالت استعراضات القتلة داخل قاعة المحكمة تجاوبا مع محاميهم خاصة استعراضات المحاميين الذين يحملان الفكر الطوراني بديع عارف عزت وودود فوزي شمس الدين الونداوي مقررا الشؤون القانونية في ما كان يسمى بالمجلس الوطني العراقي في عهد البعث .
والحديث عن محامو صدام حديث طويل وغريب خاصة إذا كان عن الناطق الرسمي باسم كل مجرمي النظام الفاشي بديع عارف عزت ، وكيف يقفز كأي مهرج أو قرد سيرك بين الصحف والإذاعات والفضائيات العربية مدافعا مرة عن طارق عزيز ومستنجدا بالأمريكان لرفع الحجز عن أموال عائلة طارق عزيز ، ومرة أخرى يناشد رئيس الوزراء العراقي السابق الدكتور أياد علاوي بالتدخل " فورا " والأمريكان سوية لإطلاق سراح المجرمة التي أطلق سراحها بعدئذ هدى صالح مهدي عماش بحجة إصابتها بمرض السرطان.
والمذكور أعلاه صاحب مقالة نشرت في مجلة ألف باء العراقية زمن الطاغية صدام ، وفي 06 . 04 . 2000 بعنوان:
( الذهاب إلى صدام ... ذهاب إلى العدالة ) . فلماذا العجب إذن من تصرف رئيس المحكمة الجنائية العليا وهو يحابي المجرمين الذين اشبعوا العراقيين قتلا وتشريدا . وكيف لا يقول للدكتاتور : ( لا أنت لست دكتاتورا ) . فالعيب كل العيب بالقضاء العراقي المنحاز والغير نزيه ، لا في رئيس المحكمة الذي هو جزء لا يتجزء من ذلك القضاء . كونه من تركة وبقايا النظام الدكتاتوري الفاشي ، والدليل على ذلك ما تصدره المحاكم الجنائية من أحكام ضد الإرهابيين الذين تم إلقاء القبض عليهم بالجرم المشهود ، واعترف البعض منهم أمام شاشات التلفزة ، فهذا ذبح 10 وذاك عدد غير محدد ، وهذا قتل بتفجير واحد أكثر من مئة ، والنتيجة أحكام هزيلة لا ترقى لمستوى الجرم الذي جرى تنفيذه . واليكم عينة عن مجرم حكم عليه بـ 15 سنة بينما كان بيته عبارة عن مخزن للأسلحة لا يتوفر الآن في أي من المعسكرات العراقية التابعة للجيش العراقي الجديد (وقد وجدت المحكمة عمر ردام خلف مذنبا لحيازته أسلحة ممنوعة وخرقه لقانون سلطة الائتلاف المؤقتة رقم 3 وحكمت عليه بالسجن 15 عاما . وكانت قوات التحالف قد أعتقلت المدعى عليه بعد تفتيش منزله حيث تم العثور على خمسة قنابل يدوية ، 21 هاون ، 8 علبة صغيرة من ذخيرة عيار 50 ، 9 صواريخ أرض جو،50كيلوغرام من المتفجرات ، 4 قاذفات RPG ، 6 صواريخ RPG ، رشاشة RPK واحدة ، لغم واحد مضاد للدبابات ، رؤوس تفجيرية ، أجهزة أتصال محمولة مربوطة بأسلاك ، مفاتيح ضغط ، قاعدتين جديدتين لمحطة هاتف محمول من نوع سيناو ، 3 قذائف مدفعية من عيار 155 ملم ، 150 قذيفة مدفعية من عيار 60 ملم ، 125 قذيفة مدفعية من عيار 80 ملم ، 7 قذائف مدفعية من عيار 120 ملم ، 100 كيلوغرام من البارود ، 11 علبة صغيرة ذخيرة عيار 50 ) .
أما نقابة المحامين العراقيين فلا زالت تحت سيطرة ازلام النظام السابق ، وهي التي رفعت مذكرة تطالب بإطلاق سراح كافة المعتقلين من الإرهابيين وحتما كانت تقصد ممن تقصدهم بـ( كافة المعتقلين ) صدام حسين وزمرته .
ومثل على احد الأعضاء الآخرين لنقابة المحامين محامي صدام حسين ( خليل الدليمي ) وهاكم ما قاله الدليمي لجريدة العرب الأردنية بتاريخ 29/1/2005 وبعد مقابلته للمجرم صدام حسين في معتقله ، فقد قال ( لا فض فوه ) :( اديت لسيادته التحية العسكرية بالكامل، ثم ما هي الا ثانية، بل اقل، حتى هجمت عليه أعانقه، فربت على ظهري عدة مرات محاولا التخفيف عني . فقلت له: سيدي ، بالنسبة لي قبل ان اكون محامياً انا مواطن عربي احمل لك تحيات الشعب العربي والعراقيين، وانا تلميذ وانت المعلم وانا جاهز لتوجيهات سيادتك. ) . إذن هذه عينة اخرى من نقابة المحامين العراقية ، وهو رئيس هيئة الاسناد لصدام حسين .
بعد كل هذا أين العدالة فيما يجري في العراق الجديد ورفاة عشرات آلا لاف من العراقيين لا زالت بعد لم يعثر عليها ، بينما أمهات وزوجات وأبناء الضحايا لا زالوا يديرون أعينهم في فضاء فارغ بحثا عن رفاة أحبائهم ، ليرون بأم أعينهم أن هناك قاضيا وكما يقول رئيس قضاة التحقيق والناطق الرسمي باسم المحكمة الجنائية العليا عن سقطته الأخيرة بأنها: ( سقطة لسان ) ، يقول لصدام ( أنت لم تكن دكتاتورا ) .
والسؤال هو هل يحتاج قتلة ومجرمون وفي مثل هذا الظرف الحساس والحرج للعراق أن يطبق عليهم مبدأ الديمقراطية في محاكمات لا أول لها ولا آخر ، بحيث ترك لهم المجال لاستخدام قاعة المحكمة كمنبر لإلقاء الخطب السياسية ، ولنشر مبادئ البعث الهدامة ، التي سيكون لها الكثير من التأثير على ذوو النفوس المريضة ممن عاشوا واستفادوا من النظام الفاشي المنهار ، أو من بعض العرب الذين يهللون صباح مساء ممجدين بفريق القتلة . وكيف يترك المجال لقاتل ومجرم دولي أن يتفوه بألفاظ تجرح شعور القومية الثانية من مكونات الشعب العراقي ، وهي القومية الكوردية عندما قال بطريقة تنم عن وحشيته وتدينه أصلا وبدون محاكمة ، ولأحد الشهود من المتضررين وداخل قاعة المحكمة (سنسحق رأسكم ورأس كل من يكون عميلا صهيونيا وعميلا لإيران ) . والحل الصحيح هو كما يراه أبناء الشعب العراقي لا الأمريكان بتشكيل محاكم ميدانية سريعة بسبب الظرف الطارئ الحساس الذي لا يتطابق مع المثل الديمقراطية وذلك بتنامي الوحشية الإرهابية ، وتصاعد التصفيات الجسدية التي يقوم بها أعوان النظام المنهار بالتعاون والتعاضد مع التكفيريين من الإرهابيين الذين يدخلون العراق بتعاون وتواطئ واضح ومكشوف من قبل ازلام السلطة إن كانوا تحت قبة البرلمان العراقي الملوث بفيروس البعث الآن ، أو داخل الحكومة ( الوطنية )، وتصفية السجون الغاصة بالقتلة والإرهابيين بسرعة زمنية لردع الإرهابيين ومن ورائهم الفاشست البعثيين ، وإحقاق الحق الذي لا زال يتأرجح بدون تطبيق لحد الآن .

آخر المطاف : من أقوال لقمان الحكيم: إذا أراد الله بقوم سوءا سلط عليهم الجدل ، وقلة العمل. يا بني ، قد ندمت على الكلام ، ولم أندم على السكوت.

وداد فاخر
شروكي من بقايا القرامطة وحفدة ثورة الزنج
15/9/2006