يا هيئة علماء المسلمين.. لكم دينكم وللكورد دين.!

أصدرت هيئة علماء المسلمين بيانا إستنكاريا حول قرار الكورد بانزال العلم العراقي من على مواقع حكومية في كوردستان.. وقد جاء من ضمن ما جاء في البيان : ( إن هذا الإجراء لا مبرر له، ولا يقبل تحت أية ذريعة، فالعراق بالتالي لا يملكه ساسته، بل هو ملك سبعة وعشرين مليون نسمة، يزعم الساسة العراقيون انهم ديمقراطيون، وأن الديمقراطية تعني إشراكهم في سياسة البلاد، ويعلم الجميع أن قضية العلم قد نوقشت من قبل وجوبهت برفض شعبي صارم ).. ياتي الكلام المذكور في وقت نصت المادة 12 من الدستور الفيدرالي على إستحداث علم جديد يجمع بداخله معالم جميع المكونات، ووافقت الأغلبية على الدستور.

والملفت للنظر أن البيان صدر تحت عنوان ( بيان رقم 312 المتعلق بانزال العلم العراقي من مواقع حكومية في شمالنا الحبيب ).. وقصدنا هنا كذلك هو عبارة ( شمالنا الحبيب ) التي ما اظن أن سادة العلماء والخبراء في الهيئة لا يعلمون ان وقعها النشاز ـ حال السماع ـ لدى الكوردي وشعب كوردستان لا يقل ضراوة عن وقع العلم البائد ـ عند رؤيته ـ.. لانه ما اقترف نفل او ضرب بالكيمياوي أو تهجير او مداهمة او إقتحام أو حرق للزرع والضرع والنسل، إلا تحت لافتة تقديم الخدمات والتقدم الحضاري وتحقيق الإنجازات ( لإخواننا الأكراد في شمالنا الحبيب.! ).

حتى إن ما حصل من تدمير للقرى والمدن الكوردية على رؤوس اصحابها، وما يروى من إستنجاد الناس بالقرآن لدى عسكر القائد السجين كي يُبقوهم في موطنهم الذي أحبوه، وجواب العسكر : لا، إن هذا ليس بقرآنكم، إنما هو قرآن العرب.! او قولهم : إننا نفعل بكم هكذا، فليأت ربكم ليحميكم .! أجل حتى تلكم الإهانات والتحقيرات، كانت في ظل ذلكم العَلم المُفدى وعلى نغم تحقيق الرفاه ( لاخواننا الأكراد في شمالنا الحبيب.! ).. وفي ظل هذا العلم وذاك النغم أيضا قاتل السوريون واليمنيون الكورد ( في الشمال الحبيب.! ) في منتصف الستينات. ناهيكم عن أن تسمية المنطقة بكردستان وردت وفي المصادر العربية قبل مئات السنين محددة مدنها كركوك وخانقين وهه ولير والسليمانية وبادينان وبقية الأجزاء من الوطن الكوردي. ولو ذكرتَ شمال العراق قبل تأسيس الدولة العراقية لاي شخص، لما ورد إلى ذهنه إلا سامراء وبعض مناطق الجزيرة.

إذا كان أسلوب وطريقة العلماء الأكارم وبيانهم للكورد وخطابهم الدعوي لشعب كوردستان لا يرافقه إلا الإبتزاز والنعرات والأساليب الجاهلية التي عفى عليها الزمن والتي تحولت إلى بلاء وإحن سواء للعرب او الترك أو العجم.. فان الكورد في حل من تداعيات تلكم التصورات والمعتقدات التي تسير الهيئة على هديها وإن لم تعلنها، وإتخذوا لأنفسهم دينهم الذي إرتضاه لهم ربهم، رافضين ما جاء في ترهات الكمالية التي تحلو للهيئة دائما زيارة رؤوسها في أنقرة بين فترة وأخرى ( حبا لإخوانهم في الشمال الحبيب.! )، وضاربين عرض الحائط ما جاء في التلمود ( العروبة أولا ) لساطع الحصري الذي نشأ على تعالميه عفلق وتلميذه صدام صاحب المآثر، منها العلم الذي تؤسف الهيئة انه اُنزل من على سارية ( شمالهم الحبيب.! ) وبالتالي يدعون ساسة وقادة الكورد أن يتقوا الله في العراق وفي شعبه المظلوم.!

إننا هنا لا يسعنا إلا أن نخاطب سادة الهيئة وعلمائها مثلما خاطبنا جمعا آخر قبل فترة، ونقول:

إن دين الكورد في أقصى شمال كوردستان إلى أقصى جنوبها بكل خير، والكورد متقون ومؤمنون ومازالوا يعيشون بحمد علاه في الأكوان، ولا يرتدّون عن إيمانهم ومعتقداتهم طرفة عين ولا يتراجعون عن تدينهم قيد أنملة.. فالقرآن موجود في كل بيت وهو جوهر مكنون يقرأه البنات والبنون.. فلن تجد قرية كوردستانية بدون جامع أو إمام، حتى آلاف المساجد التي دمرها صاحبكم الذي خط بيمينه عبارة ( الله أكبر ) علي العلم الذي تدافعون عنه، والتي بنيت وجددت منذ أيام الصحابة رضوان الله تعالى عليهم اجمعين، بنوها وزيادة بعد زوال الطاغية وتعرض حكمه للإبادة، ناهيكم عن تمتع كل الأديان والطوائف الأخرى من الكورد وغيرهم بحقوقهم في ممارسة شعائرهم وطقوسهم وشعورهم بالسيادة.

ثم إن شعب كوردستان يرفض أن يكون من ( أصحاب الشمال ) إلى ابد الآبدين، فهذا المصطلح من بدع الذين ما أنصفوا الكورد في العالمين، وجعلوا أوضاعهم كالحلقة المفرغة لا يُدرى أين طرفاها، وكيف الحل المبين ؟!

أجل، فليتركوا شعب كوردستان ليقرر مصيره بنفسه من دون وصايا ومواعظ وتراتيل عراقية أو تركية أو إيرانية أو سورية.. فالكورد لهم كتب مواعظ كثيرة أبرزها بعد كتاب الله وصحاح رسوله عليه السلام وكتب الصالحين، كتاب ( مَمْ و زيْنْ ) والذي كتب بقريحة العلامّة والنطاسي الفهامّة الشيخ أحمدي خاني، الذي ألفه بأنفاسه الإيمانية قبل أكثر من ثلاثمائة عام وروحه الآن في عليين إن شاء الله.. ففي مقدمة هذه الرائعة تجد الحق اليقين المستقاة من بدائع رب العالمين في كتابه المبين، وهناك يجد الكورد المرشد القويم والمعالم الصحيحة للخلاص من ظلم وجحيم وجبروت إخوانهم في الدين، ومن ثم شروط تحقيق الأخوة بين الكورد والذين تضيق عليهم الأرض بما رحبت ولا تأخذهم سِنة ولا نوم حين يطرق إلى أسماعهم خبر تمتع الكورد ببعض حقوقهم كآدميين أو خروجهم لبعض الوقت من عنق زجاجة المستبدين من المسلمين.

لحين تحقق نبأ ووصية الشيخ أحمدي خاني في مقدمة ( مَمْ وزيْنْ ).. فليكن لكم منهجكم وطريقتكم ودينكم يا حضرات هيئة علماء المسلمين، ويكن لنا منهجنا وطريقتنا وإسلامنا في واحة العقيدة الفسيحة الواسِعة.. بعدئذ يكون بيننا وبينكم لكل حادث حديث إذا كان للعمر فسحة وتوسِعة !..

محسن جوامير ـ كاتب كوردستاني
mohsinjwamir@hotmail.com
6/9/2006