الى التحالف الكوردستاني: الفيليون ليسوا كرداً من الدرجة الخامسة !

السـلام على من يهمه الأمر منكم،

وأما بعد ،

"لا فضلَ لعربي على أعجمي إلا بالتقوى."
ولا فضل لعربي على عربي إلا بالتقوى .
ولا فضل لأعجمي على أعجمي إلا بالتقوى.
ولا فضل لك عليَ إلا بالتقوى.
ولافضلَ لي عليك إلا بالتقوى.
ولا فضل لي على نفسي إلا بتقواي.
أما سبحانه وتعالى فلا فضل إلا فضله.

فبمَ أصبح البعضُ أفضلَ من الآخر وأعزَ قبيلا
وقد يكون أفضلَ منه وأجودَ حصاداً أصيلا ؟!!
ومتى كان البعض سيداً والآخرُ عبداً ذليلا ؟!

هذه هي معادلة الحق والعدالة الإلهية والانسانية في الموقف من الآخر، وفي العلاقة بين البشر على الأرض. هذه ما سنته وأكدت عليه الشرائع السماوية ، وسارت عليه ودسترته القوانين والشرائع الأرضية الوضعية. ومن اشراق سنتها وعدالتها وهديها توصلت البشرية الى وضع وتكوين ونشر الأيديولوجيات الأممية التي تساوي وتوازي بين الأمم والمجموعات والأفراد بعيداً عن النظرة التمييزية الاستعلائية الاقصائية القومية والدينية والطائفية والقبلية والطبقية ، وحتى السياسية في الديمقراطيات الليبرالية الحديثة.

لا فضل لك علي ولا علو ولا ارتفاع ولامكانة إلا بقدر ما تقدمه من عمل نافع وعلم مضيء وانسجام وتآلف مع الآخر على قاعدة ومبدأ أن تحب لأخيك ما تحب لنفسك ، لكي تحترم وتضمن حقوقه ، وسيحترم ويضمن حقوقك دون تمييز أواضطهاد أو تجاوز أو تهميش أواستعلاء. تعدل معه ، وتحفظه تحت جناحيك أخاً لك في الدين أو شبيهاً لك في الخلق.

وانظرْ بدقة وتمعن في " شبيهاً لك في الخلق" أي الآخر الذي لا يختلف عنك ولا تختلف عنه خَـلقاً وكياناً ووجوداً وروحاً...

فكيف إذن إذا كان شبيهاً لك في الخلق والدم والعرق والدين ؟
ولا تنسَ "الدين" ! فهنا يشمل الدين السماوي أولاً والعقيدة وحتى الرأي والرؤية والتوجه والموقف الفكري والسياسي ثانياً.
وقد قال الشاعر العربي الخالد ايليا ابو ماضي:

يا أخي لاتملْ بوجهك عني ما أنا فحمة ٌ ولا أنت فرقدْ
أنت لا تأكلُ النُضارَ إذا جُعتَ ولا تشربِ الجُمانَ المنضدْ
قمرٌ واحدٌ يطلُ علينا وعلى الكوخ والبناءِ الموطدْ

قمرٌ واحدٌ يضيء ، وشمس واحدةٌ تشرقُ علينا كلنا نحن بني الانسان. أرض واحدةٌ تلمنا وتجمعنا معاً متقاربين، أو متباعدين في المسافة فحسب، لا في الخَلق، ولا في الكيان، ولا في الروح، ولافي النفس..!
دم واحد يجري في عروقنا ، وهموم واحدة مشتركة تعصف بنا ، وظلم واحد وقع ويقع علينا عاصفاً قاصفاً، وموت وقتل واحد حصدنا ويحصدنا..!!
فلا فرق بينك وبيني لا باللون ، ولا بالطعم ، ولا بالرائحة ، ولا بالدم ....
فليس هناك أنسان أومواطن وفرد على رأسه ريشة وآخر على رأسه خرقة بالية...!
وليس هناك انسان درجة ممتازة وآخر درجة ثانية وثالثة ورابعة و خامسة.

خلق الله سبحانه وتعالى البشر سواسية كأسنان المشط . ما يفرقهم هو قربهم من أو بعدهم عن الشرائع والقوانين وعن حقوق الآخرين من بني البشر ، وطبعاً بالدرجة الأولى ذوو القربى .
وما يفرقهم ايضاً هي درجة حبهم لأخوانهم وللآخرين وتمني الخير لهم ، واحتضانهم والدفاع عن حقوقهم حين يظلمون وتسلب هذه الحقوق وتصادر، وخاصة إذا كانوا ممن يملك السلطة والسلطان والقوة والاستقواء، والتاثير والإثراء، وفي أيديهم السلاح ، ولا نعني به السلاح القاتل الفتاك ، بل سلاح القانون والتحرك المدني والقوة المعنوية والسلطوية ومدى استخدامها وتفعيلها في الدفاع عن الحق والعدل وعن المظلوم والمقهور والمستضعف. وحتى استخدام القوة المسلحة ووسائل ضغط المقام العالي والسياسي عند الحاجة.

فكم يا ترى ياأخي في الدم والدين والأمة والمكانِ تجاوزت المقامْ ، وصليل الكلامْ ، ورفض الخلق والأقوامْ ، والنظر الشزر والتقسيم والتمييز والانتقامْ ، لكي تقترب من خيرالأنامْ ، الذين تصدروا الأحلامْ ، فقـُدم أبناؤهم على طبق الطعامْ ، لكل وحش وضبع وتنين وطغامْ ، ليختفوا مثلما أبناؤكم خلف القضبان وفي المقابر الجماعيةِ ، ووقوداً للأسلحة الكيمياويةِ ، وللألغام الأرضيةِ ، ثمناً لكونهم من نفس أمتكم ، ولأنهم من أفضل الخلق في المواقف الانسانيةِ والدفاع عن المظلومين والمقهورين والمستضعفين. لم يظهر بينهم والحمد لله خونة للقضية المصيريةِ ، ولا للمواطنة ولا للطوائف العراقيةِ ، ولا للعلاقات الانسانية الأمميةِ ، ولا للشرائع السماويةِ ، ولا للمبادئ الدينيةِ والأهداف السامية.....
فهل في الشرائع السماويةً أوالأرضية، أوفي الأعراف الانسانية والسياسية والاجتماعية السامية قوم درجة ممتازة وآخرون درجة ثانية وثالثة ... وخامسة ..؟!
إن كنا رفضنا، وناضلنا، وهُجرنا، واستقتلنا ضد أنظمة مواطنة الدرجات التي مرت بتاريخ العراق ، تلك الأنظمة التي تعرض في ظلها الناس الى التمييز العرقي والديني والمذهبي والسياسي، وللظلم والاضطهاد والتهجير والتشريد والترحيل والسجن والموت والاختفاء والمقابر الجماعية ، نعود نمارسها بالقول وبالفعل سراً وعلانية ، أوبإدارة الظهر وغض الطرف والاهمال والتهميش والاقصاء ، وعدم التفعيل لما قيل ويقال ، ويعلن في كل مقام ومقال...؟!
فما انكشف وظهر للعيان ويُقرأ من واقع الحال ، وردود الأفعال، أن كل ما قيل ويقال يطفو على السطح عند الانتخاب والبحث عن الأصوات ....!

يا أخي، يا تاج راسي، ياصهيلَ دمي وحَرَ أنفاسي، ياخيرَ أنيسي وأفضلَ جلاسي ، على تراب الأرض الغالية لا على الكراسي ، أبعدك الله عن الوساسِ الخناس ِ، الذي يوسوس في صدور الناس ِ، من البعيدين عن أهلهم والناسٍ....
أنا وأنتَ سواسية كأسنان المشط ...
فلا أنت من جذر الأرض ولاأنا من هشيمها ،
ولا أنتَ من يورانيوم جبالها، ولا أنا من صخورها وأشواكها،
ولا أنت من بريق شمسها، ولا أنا من سديم ظلامها ،
ولا أنتَ تحتسي فرات ينابيعها، ولا أنا أشربُ من حميمها،
ولا أنت تأكل من ماسها وذهبها، ولا أنا آكل من غِسلينها وزقومها،
ولا أنت ترتدي سندسها، ولا أنا ألبس طينها،
ولا انت ضحيتَ، ولا أنا لم أضح ِ،
ولستَ أنت خالداً وأنا زائل.
كلانا واحد في العِرق والخَلقِ والدين والأرض.

يا أخي، ياابن الأرض الواحدةِ ، واللغة الواحدةِ ، والهموم الواحدةِ ، والأحلام الواحدةِ ....
لستَ أنتَ كردياً درجة ممتازة
ولا أنا كردي درجة خامسة ...!!؟
فنظام الدرجات البشرية والطبقية قد ولى وانقضى منذ زمان، سواءاً في الأنظمة الأممية الاشتراكية التي انهارت أم في الأنظمة الرأسمالية التي استشرست....
أراد أحدٌ أم لم يردْ
قبل أم لم يقبلْ
عمل أم لم يعملْ
رضي ام لم يرضَ
رفض أم لم يرفضْ

فالفيليون ليسوا "رافضة" لانتماء أولحق أولدفاع عن الأرض والعرض والدين والأمة،
الفيليون كرد درجة ممتازة !
وربما هم أميز من غيرهم في الوطنية والدفاع عن الحق والعدل، وأجزل في العطاء والثقافة والأخلاق والتعامل الانساني والنظافة السياسية ونقاوة اليد وصفاء الوجه ...
فلم يتلوثوا بأية خيانة ، قومية أو وطنية أوانسانية ..........
لم يكونوا يوماً يداً لظالم وطاغ ٍ تبطش بأبناء جلدتهم ووطنهم ...
وعليه ..........................
فهم كرد وعراقيون درجة ممتازة شاء من شاء ، أو أبى من أبى ...!!!!
وسيظلون درجة ممتازة بامتياز عال ٍ واعتدادْ، وعلى رؤوس الأشهادْ ، وغير الأشهادْ .....
فهم في انتمائهم ليسوا بحاجة الى شهادةٍ وصك من أحدْ ، ولا رضاء من سندٍ أو غير سندْ ، ولا ينتظرون هبة ً أو جائزة أو شهادة حسن سير وسلوكْ ، لأنه ليس فيهم عبدٌ ولامملوكْ ، لأحد غير الله الواحد الأحدْ ، فهو خير شاهدٍ ، وخير مانح للدرجات في التقوى والسلوك.....
لقد بلغتُ ، اللهم اشهدْ ....
فلا امتياز لأحدٍ على أحدْ ....!

عبد الستار نورعلي
مواطن كردي درجة ممتازة

المصدر: صوت العراق، 15/7/2006