علي بابا خان .. في ذكرى وفاته
العدد 46- 27/6/ 2006
آفاق الكورد
خسر الوسط الثقافي الكوردي والعراقي باحثاً مرموقاً برحيل الدكتور علي بابا خان الذي وافاه الاجل في 13 / 6 / 2000 بالعاصمة الفرنسية حيث كان يقيم بعد ان طاف عدداً من البلدان
الأوربية قبل ان يستقربه المقام بباريس. ولد الباحث الراحل في العام 1945 في منطقة باب الشيخ - احد أحياء بغداد القديمة وغادر العراق في عام 1973 لغرض اكمال تعليمه العالي في
الجامعات الأوربية . وقد استحوذت القضية الكوردية جل اهتماماته الأكاديمية حتى اضحى خبيراً بها وكتب عدة بحوث مهمة بشأنها ومن ضمن ذلك أصدار كتابه الموثق باللغة الفرنسية في
باريس (اكراد العراق - تأريخهم وتهجيرهم).
والكتاب جزء من رسالة دكتوراه حصل عليها المؤلف من جامعة السوربون : يقع في 351 صفحة ويحتوي على معلومات مهمة عن كوردستان العراق وتأريخ كورد العراق وهوأول بحث
أكاديمي على المستوى الفرنسي وربما على المستوى الأوربي عن الكورد الفليين العراقيين اذ يبحث عن تاريخهم ومناطق سكناهم الموزعة بين العراق وايران ودورهم في الحركة الوطنية
العراقية وفي النشاط الاقتصادي في العراق. ويتحدث الكتاب عن الأسباب التأريخية والسياسية والاجتماعية التي أدت الى التهجير والتي توجت بوصول حزب البعث الى السلطة في العراق
1968 وموضوع تهجير كورد كوردستان العراق الى جنوب العراق 1976 - 1979 . ويبحث الكتاب أيضاً في المجمعات السكنية التي هجر اليها سكان كوردستان بعد تدمير قراهم كما
يتناول موضوع تهجير الكورد الفيليين من مدن خانقين ومندلي وزرباطية وبدرة وجصان الى ايران وكذلك الكورد الفيليين الذين يعيشون في بغداد وبعض المدن العراقية الاخرى. يقول
الراحل بابا خان اطلقت على هذا الفصل تسمية التهجير الخارجي وفيه بحث مراحل التهجير والتي كانت الأولى من 1969 - 1979 والثانية بدأت في عام 1980 وقبل اندلاع الحرب
العراقية - الايرانية ببضعة اشهر . كما بحثت اسباب التهجير الى ايران والتي تتلخص - برأيي في ما يلي:
* التبعية الايرانية.
* موقف النخبة العربية السنية الحاكمة من التبعية الايرانية.
* علاقة قانون الجنسية العراقية بمفهوم التبعية الايرانية.
* وجود الكورد الفيليين كقوة اقتصادية مهيمنة في بغداد ولها دور فاعل في الحركة السياسية الكوردية والوطنية العراقية.
يقول الراحل بابا خان ان السبب الرئيس الذي دفعه لدراسة تاريخ العراق هو تهجير عائلته الى ايران عام 1980 وجاءت اطروحته عن هذا الموضوع ليحصل على الدكتوراه بدرجة شرف
امتياز عام 1992 هذه الأطروحة التي بينت أن السياسة العراقية منذ تأسيس العراق الحديث والى الآن تستند الى دعامتين هما العداء الطائفي للشيعة والعداء الثاني للكورد وكانت الأطروحة
وثيقة اكاديمية دامغة تكشف عن الابعاد الانسانية للتهجير. لقد كرس الدكتور علي بابا خان حياته لخدمة القضية الكوردية من ما قدمه من دراسات جادة، والعمل من اجل حلها عبر مشاركته
في المؤتمرات الدولية التي كان آخرها حضوره ندوة- الكورد والبحث عن الهوية - التي أقامها مركز ملا مصطفى البارزاني في العاصمة الامريكية حيث قدم بحثاً بعنوان (الفدرالية كنموذج
للديمقراطية) ان الرحيل المبكر لهذا الأكاديمي المبدع والملتزم بقضية شعبه هو خسارة فادحة للثقافة الكوردية وأيضاً للمثقفين العراقيين والعرب الذين كان يطل عليهم من خلال مقالاته
ودراساته التي تنشرها الصحافة العربية المهاجرة.