أين حقوق المهجرين الكرد الفيليين يا برلمان العراق ؟

منذ سـقوط النظام الدكتاتوري السابق ونحن نسـمع القوى والاحزاب السياسية والمدنية والمسؤولين يجهرون بالدفاع عن حقوق المهجرين الكرد الفيليين ، وعن العمل على اعادة هذه الحقوق المسلوبة والمغتصبة من أموال منقولة وغير منقولة ومن مصادرة الوثائق العراقية الرسمية أثناء حملة التهجير ، وعن حقوق الآلاف من ابنائهم الذين حجزوا وغيبوا في سجون النظام السابق ليظهر بعضهم في المقابر الجماعية ، والآخرون اختفت آثارهم حتى اليوم. والعمل على احتسابهم شهداء لينال ذووهم حقوق الشهيد التي اقرت مثلهم في ذلك مثل غيرهم من شهداء الحركات الوطنية التي قارعت الحكم السابق المنهار.

ثم صدرت قرارات وقوانين بتوصية من اللجان المشكلة لهذا الغرض في المجلس الوطني المؤقت والجمعية الوطنية السابقة، ثم كانت هناك لجنة دائمة للمهجرين والمرحلين والمغتربين ضمن النظام الداخلي لمتابعة وتنظيم أمورهم وتثبيت واعادة حقوقهم . حاليا وضمن القراءة الاولى للنظام الداخلي لمجلس النواب العراقي هناك لجنة دائمة لشؤون المهجرين والمرحلين والمغتربين ، كما تم تشكيل لجنة مؤقتة في عجالة للنظر في امور المهجرين الجدد ، فلماذا لا يتم تفعيل اعمال اللجان السابقة ، او يتم تشكيل لجنة مؤقتة تقوم في النظر السريع العاجل في امور المهجرين السابقين وعدم الانتظار لتشكيل اللجنة الدائمة لأن ذلك يتطلب وقتا طويلا لتشكيلها فتستمر معاناة المهجرين ومأساتهم.
لقد تم احداث وزارة المهجرين والمهاجرين لمتابعة وتنفيذ هذه الشؤون ، ترأستها وزيرة من الكرد الفيليين في عملية لاظهار أن الحكومة والقوى التي شكلتها تدافع عن حقوق الأقليات التي اضطهدت وعانت وهجرت وشردت وتعيد اليها تلك الحقوق وهاهي تشاركها في السلطة والحكم ومن بينها الكرد الفيلييون.

إن الواقع التطبيقي على الأرض أظهرغير ما قيل وماأقـر بصدد المهجرين الكرد الفيليين . فلا الحقوق حصلوا عليها ولا البيوت المصادرة أعيدت اليهم الا في عدد ضئيل من الحالات .
كما أن التعامل معهم في الدوائر لم يتغير ولا القوانين تبدلت. فلا يزال الكثيرون منهم يلهثون خلف الدوائر والمؤسـسات من أجل اسـتعادة أملاكهم دون جدوى مصطدمين بقانون حل منازعات الملكية العقارية . اضافة الى ان بعضهم واجه التهديد من سكنة ومحتلي تلك العقارات. وكذا حال أموالهم المجمدة في البنوك بالملايين الملايين فلم يُشـر اليها لا من قريب ولا من بعيد .

وأما بخصوص الحصول على الجنسية وشهادة الجنسية أواستردادها فإنهم يصطدمون بعراقيل منها القوانين القديمة التي سنت في العهد المباد والتي لم تتغير ولا تزال سارية المفعول ، أو بسبب الفسـاد الإداري من طلب رشـوة أوعرقلة متعمدة لغرض في نفس عدد من الموظفين من فلول النظام السابق الباقين في مواقعهم . كما أنه لا يزالُ الآلاف منهم يعانون في معسكرات المهجرين من مثل مخيم ملكشاهي في خانقين ومخيمات بدرة وجصان وغيرها ، ومخيمات ايران التي يعانون فيها الأمرين ، دون أن تلتـفت اليهم وزارة المهجرين والمهاجرين ولا السـيدة الوزيرة ولا الدولة من أجل حل معضلتهم واعادتهم واعادة ممتلكاتهم المصادرة والمباعة بغير أساس قانوني ، وتخليصهم من وضعهم المأسـاوي الذي يعانونه. ونامل من قائمة الائتلاف العراقي ان تراعي فيما اذا تم اسناد هذه الوزارة الى كردي فيلي ان يكون من المتضررين والمضطهدين الذين عانوا من النظام السابق ليحس بمعاناة هذه الشريحة وكل الشـرائح الأخرى التي واجهت وتواجه ظروف وأحوال التهجير والهجرة والاغتراب القاسـية.

أما وزيرة المهجرين والمهاجرين فهي في واد والكرد الفيليون التي تنحدر منهم في واد آخر . إنها تتحرك وتتصرف وتصرح وكأنها جاءت لمتابعة المهجرين من طائفة واحدة تلتقي معها في المذهب ، وذلك كما يبدو ترضية لهذه الطائفة لأنها تفضلت ومنحتها الوزارة . وبالخصوص في الفترة الأخيرة حين بدأت حملة التهجير للشـيعة من مناطقهم ظلماً على أسـاس طائفي بغيض مرفوض جملة وتفصيلاً. ونحن بالتأكيد لسنا ضد محاولات الوزارة في عرض ومتابعة ومحاولة حل قضية هؤلاء المهجرين المسـاكين والدفاع عنهم وعن حقوقهم في العودة الى مناطقهم ومساكنهم وتشكيل اللجان العاجلة من أجل ذلك ، فهذا حقهم الطبيعي قانونياً وانسانياً.
لكن تساؤلنا ينصب حول حقوق المهجرين من الكرد الفيليين أيضاً . فحين تتشكل لجنة عاجلة في مجلس النواب لمتابعة قضية المهجرين الجدد يجب أن يشمل ذلك كل المهجرين بصرف النظر عن قوميتهم أو دينهم أو مذهبهم أو طائفتهم أو مدينتهم أو زمن تهجيرهم . ففي العراق مهجرون من كل قومية ودين ومذهب وطائفة ، سواء في العهد المباد أو حالياً ، فها هم السـنة والمسـيحيون يُهجرون أو يضطرون الى الهجرة من مناطقهم ومدنهم خوفاً وهرباً . لكننا مع الأسف نجد أن البعض من الجهات ومنهم وزيرة المهجرين يركز على التهجير الحاصل حالياً بسبب طائفي ولجانب محدد دون غيره ، ويتباعد عن التهجير الماضي ، ومن ذلك تهجير الكرد الفيليين. والحجة الغريبة العجيبة البعيدة عن المنطق والقانون التي يطلقها هذا البعض أن تهجيرهم قديم حصل منذ سـتة وعشـرين عاماً وكأن الحقوق والمطالبات والجرائم الكبرى تسـقط بالتقادم ، وهي حجة واهية مرفوضة قانونياً وشرعياً وانسانياً ، ولا نرى فيها الا محاولة لتمييع مشكلة المهجرين من الكرد الفيليين.
ولا ندري السبب الحقيقي الكامن وراء ذلك ، وربما نستطيع التخمين ....!!!؟

إن حقوق الناس لا تسقط بالتقادم ، وها هو العالم عمل ويعمل على اسـترداد واعادة حقوق المضطهدين ماضياً وحاضراً ومحاسبة المقصرين والطغاة والجناة الذين أوقعوا بشعوبهم والشعوب الأخرى الظلم والعدوان وسلب الحقوق . وما العودة الى استعادة حقوق الناس التي اغتصبت أو الذين اضطهدوا خلال الحروب العالمية الماضية الا دليل على ما نقول. وحتى الاعتذارات للشـعوب عن فترات الاستعمار التي أبتليت بها دليل ناصع آخرعلى ان الحقوق والجرائم لا تسـقط بالتقادم وأن العصر الذي نعيشـه هو عصر القانون وحقوق الانسـان وحرية الشـعوب ، وعصر انتهاء عهود الديكتاتوريات والطغاة وغمط الشـعوب والطوائف حقوقها.

المهجرون الكرد الفيلييون لهم حقوق مسلوبة يجب اعادتها ، ولهم أبناء شهداء يجب أن تثبت حقوقهم كاملة اسوة بشهداء العراق الخالدين. فهم لايقلون مواطنة عن غيرهم من فئات الشعب العراقي التي عانت من الظلم والجور كثيراً.

أيام التحضير للانتخابات ، وهذا ما لمسناه في الانتخابات السابقة مرتين ، تتوجه الأحزاب والقوى المختلفة ومنها المذهبية لتدق على الاوتارالروحية الشعبية المتأصلة لدى الفيليين لتكسب أصواتهم من خلال اغداق الوعود بالمشاركة في السلطة والمواطنة الأولى والحقوق واستعادة ما سلب منهم. وها هي قد كسبت أصواتهم ، فماذا بعد..؟ إذا بهذه الأحزاب والقوى تتلكأ حين يتعلق الأمر باستعادة الأملاك والأموال والحقوق للمهجرين الكرد الفيليين .
أما وجود وزيرة من الكرد الفيليين داخل السلطة وغير قادرة على حرية الحركة والتصرف الا باتجاه واحد ، هوتحصيل حاصل وذر الرماد في العيون لأن حركتها مرتبطة ومرهونة بحركة وأهداف واتجاهات تلك القوى . بدليل أن الأمور حين تتعلق بالمهجرين الفيليين لا نسمع لها صوتاً يذكر. وحين تجري محاولة لتشكيل لجنة حول المهجرين ينصب الأمر على المهجرين الحاليين لسبب طائفي وفي جهة واحدة ، أما الآخرون فلا مكان لهم أو في أضعف الأحوال لاوجود لمحاولة تشكيل لجنة لمتابعة أمورهم وحقوقهم وحل معضلتهم بأسرع وقت ممكن لانتشالهم مما يعانون منذ زمن بعيد ولايزالون ، وفي أقل الأحوال تفعيل اللجان السـابقة المشـكلة لهذا الغرض.

إننا نطالب بشدة والحاح على كل الأمور التي ذكرناها وأن يكون للكرد الفيليين مكان في كل لجنة يشكلها البرلمان العراقي حول المهجرين والمهاجرين وحقوقهم واستعادتها كاملة غير منقوصة ، وإلا لماذا حصل التغيير في العراق ؟ هل من أجل فئة واحدة ؟ وهل من اجل المناصب والكراسي والصراع السياسي واكتساب المغانم ؟ وحين الحصول عليها يُـنسـى الذين عانوا وضحوا لكي يصل الآخرون الى كرسـي السلطة والحكم !

و الكرد الفيليون من المضحين والمعانين الأشـد ومزدوجاً قومياً ومذهبياً وسياسياً. فلهم كل الحق في المطالبة بحقوقهم ومناشـدة مجلس النواب والدولة على العمل الجاد الفعال والحقيقي من أجل ذلك دون اهمالهم لهذا السبب او ذاك ، فهم عراقيون مثلهم مثل غيرهم من المواطنين العراقيين لا أن يكون التوجه اليهم عند الانتخابات طمعاً في أصواتهم !
في الوطن الواحد لا أحد أفضل من أحد ، ولا مواطن فوق مواطن . الكل سواسية أما القانون ، لهم حقوق وعليهم واجبات.
ولا نظن أن الكرد الفيليين قد قصروا يوماً في واجباتهم ببناء العراق الحديث ثقافياً واقتصادياً وسياسياً واجتماعياً ، والدفاع عنه وعن حدوده . لقد قدموا آلاف الشهداء على مدى تاريخ العراق الحديث وفي كل ما مر به من كفاح ونضال ومحن وحروب وبناء.
فلا أقل من الوفاء لهم في العمل الجاد والحقيقي والقانوني والدسـتوري لاستعادة وتثبيت حقوق المهجرين والشهداء منهم ، وحصول جميع المواطنين من الكرد الفيليين على كامل حقوقهم في المواطنة العراقية أسـوة بكل العراقيين دون تمييز أو تهميش أو اقصاء في الوظائف والدوائر والجيش والشرطة وعلى كل المسـتويات والمراتب.

عبد الستار نورعلي
الأحد 14 مايس 2006

المصدر: صوت العراق، 15/5/2006