الملف النووي الأيراني الى أين ؟

المتتبع للسياسة الأيرانية وتسارع الأحداث فيها وخصوصا بعد وصول الرئيس احمدي نجاد الى سدة الحكم واثارته للزوبعات الكلامية الفارغة التي بدأت بازالة اسرائيل ومسحها من الخارطة ومن ثم نقل اسرائيل الى بلاد اخرى ووضع نفسه في موضع المدافع عن الفلسطينيين اكثر من الفلسطينين انفسهم

بدأ الساسة الأميركان ومن خلفهم كل حلفائها بالتحرك لخنق الحكم الأيراني او الأقتصاد الأيراني وفتح ملفات ضغط هائلة من كل الأتجهات ضد ايران التي تريد مواجهة هذه القوة الهائلة باسلوب الكلام الأجوف والثرثرة التي خبرناها من زمن محمد سعيد الصحاف الناطق الرسمي باسم الطاغية صدام وكيف لعبت السياسة الدولية تجاه المجرم صدام حسين وكيف وجد نفسه في حفرة لا تصلح الا لصغار الحيوانات التي تحتمي في جحورها

وانا اسأل اذا كان صدام قد احتمى بحفرة صغيرة وحقيرة فاين سيحتمي الرئيس الهمام الشاب احمدي نجاد وباي مستنقع سيغطس وهل سيعمل على تحميل الشعب الأيراني حصارا اقتصاديا جديدا لمدة عشرين سنة قادمة بسبب تصريحاته الهوجاء والخرقاء وهل سيجبر الشعب الأيراني بان يستعد لبرنامج النفط مقابل المخدرات او برنامج النفط مقابل الصلوات او برنامج النفط مقابل تحمل الكفخات والضربات لا لشئ الا لكي يرضي القادة الأيرانيون غرورهم بمعادات شعوبهم والوقوف بوجه التلاحم بين الشعوب المتحررة والشعوب المتطورة ومن اجل السطوة ومن اجل الكراسي والمناصب الحكومية

اريد ان اذكر ايران بان خمسة دول رئيسية نووية بدأت تعمل معا من اجل الضغط عليها لوقف ملفها النووي وان هذه الدول تريد الوصول الى مخرج سلمي من دون حروب من خلال التفاهم مع المسؤولين الأيرانيين لكي يوقفوا برنامجهم النووي باسلوب متحضر ومن خلال التفاهم وهم لديهم كل الحق في ذلك لآن معتوها مثل نموذج المعتوه صدام او شبيها لسلوكه كيف يمكن ان يسلم بيده مفاتيح سلاح نووي وهل ستأمن الشعوب الحرة مثل هذا الطيش بان تكون مقاليد الأمور المهمة مثل السلاح النووي بيد شخص متهور وهو لا يملك اي سند أو وازع يمنعه من استخدام اسلحته النووية بشكل طائش ضد ابناء جلدته اولا وليس ضد الاخرين او ضد اميركا مثلما يوهمون شعوبهم او يوهمون انفسهم وهذا ما فعله المجرم صدام في حلبجة عندما استخدم السلاح الكيمياوي ضد شعبه فمن يمنع الرئيس احمدي نجاد او من يشابهه في المواصفات من ان يقصف الكرد في ايران مثلما فعل صدام او ان يقصف البلوش في شرق ايران او ان يقصف اي قوة تخالفهم الراي من ابناء الشعب الأيراني وبالسلاح النووي المزمع انتاجه لاغراض سلمية مثلما يدعون

ان اصرار ايران على زيادة المواجهة ورفضها التنديدات الصادرة عن المجتمع الدولي سوف يوقعها بورطة لا تحمد عقباها وستواجه تهديدا صعبا من المجتمع الدولي وبقيادة الولايات المتحدة ذات القوة الهائلة والتي يقف في مساندتها اضافة الى الدول النووية الخمس الرئيسية في العالم دول الثمان الصناعية والتي تتراس دورتها الحالية روسيا وعلى الأيرانيين ان لا ينجروا الى مواقف متصلبه من قياداتها غير الحكيمة والتي لا تستند الا على الوهم وان ياخذوا العبرة من الحكم العفلقي الصدامي البائد في العراق

وفي جهود متسارعة للتاثير بوضع ضغوط جديدة على الموقف الأيراني قبل ساعات من اتخاذ ايران لخطوة ربما تكون الخطوة المصيرية القاتله بالنسبة لها ، عملت الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا وفرنسا وروسيا والصين على توجيه خطاب يعارض التحرك الأيراني ويدعو طهران للعودة بسرعة للمفاوضات للوصول الى قرار توفيقي مشترك

ان الخطوات الأميركية مدروسة وتعمل بتأني وتحاول اميركا ان تستفيد من تجاربها السابقة في الأطاحة بنظام صدام ونظام ميلسوفيج من قبله وكذلك اجبار نظام القذافي على الرضوخ والخنوع والأستسلام وتسليم كل المفاتيح التي كانت بيده والتي سلمها صاغرا الى الأدارة الأميركية ولا نتمنى ان يصل النظام الأيراني الى ما وصلت اليه الجماهيرية الليبية العظمى وان تكون الحكمة سبيلا في معالجة امور شعبها وتلبيه احتياجاتهم ، نعم لقد استجابت الجماهيرية لكل المطالب الأميركية بالقوة وكم تمنينا لو لم يدخل القذافي في هذا النفق من البداية ، تمنينا لو استطاع ان يحفظ ماء الوجه فهل سيتعض المسؤولون الأيرانيون من الملفات السابقة لحكام الدول المشابهه لحكم دولهم ام انهم لا يستقرأون الا ما يرد في مخيلتهم

مايثير الشفقه هو عناد المسؤولين الأيرانيين تجاه دول نووية ذات جبروت وقوة وهي نفسها الدول الأعضاء الدائمة العضوية في مجلس الأمن التابع للامم المتحدة علما بان هذه الدول تريد ان تشكل ضغطا لا يتجاوز الأربع وعشرين ساعة من اجل الضغط على ايران وجعلها ترضخ للشروط التي تفرضها هذه الدول العملاقة

ان روسيا التي ساهمت في بناء حقل بوشهر النووي والصين التي تمانع من تشكيل ضغط على ايران انتبهت الى التحرك الأميركي ومعها الدول الأوربية الثلاث المتمثلة بفرنسا والمانيا وبريطانيا ولهذا لن تجد مخرجا او حلا للخروج من هذه الأزمة الا ان ترضخ للسياسة الأميركية والضغوط التي تمارسها مما جعلها تدخل في تشكيل جبهة صلدة تقف بوجه العناد الأيراني وتحاول اجباره على القبول بالشروط التي تهدف الى ايقاف البرنامج النووي والأبحاث التي تتعلق بالبرنامج الذري وتخصيب اليورانيوم

تقول ايران انها تحتاج التقنية النووية لتوليد الكهرباء وانكرت الأتهامات الغربية بانها تهدف للبحث عن الأسلحة النووية وعلى الرغم من ان منظمة الطاقة الدولية العالمية لم تتوصل بعد سنوات من التقصي الى اثبات واضح بوجود انشطة تسليحية ولكن تم ابلاغ ايران بانها عملت بشكل حثيث وبشكل سري في برامج تتعلق بالطاقة النووية او بشكل غير ظاهر ومموه منذ ثمانية عشر عاما

وبالرغم من محاولة روسيا ان تخفف من الأزمة باقتراحها ان تكون شريكة مع ايران في تخصيب اليورانيوم في روسيا الا ان السلطات الأيرانية ردت على المقترح ووصفته بانه غير مقبول وهذا مما عقد الأمور واعتبر الروس ان هذه الخطوة محرجة لهم وخصوصا مع الأميركان مما جعل الروس يطلبون التفاوض من جديد مع المسؤولين الأيرانيين ، وسيتقابل المسؤولون الروس والأيرانيون في العاصمة طهران في غضون اسبوع ويقول الدبلوماسيون ربما ستكون المحادثات ذات مغزى مهم وكبير فيما لو وافقت روسيا ان تساند وتدعم الأجراءات الدبلوماسية المستقبلية التي ربما يتم إتخاذها بحق ايران مثل احالة ايران الى مجلس الأمن في الأمم المتحدة ولكن المصالح الروسيةالأميركية لن تتوقف او تتأثر من اجل مصالح ايران ولن تضحي روسيا في يوم من الأيام بمصالحها المتنامية مع الدول الكبرى واوربا واميركا في سبيل برنامج ايران النووي وعلى ايران ان تعي ذلك والا تصاب بنفس الأحباط الذي اصاب الحكومة العراقية المندثرة وكذلك الحكومة السورية التي تسير بخطى متسارعة الى السقوط بسبب طيشها وغرورها ووقوفها ضد ارادة شعبها وعدم فهمها للسياسة العالمية وادراك الاعيبها

ان روسيا حاليا تترأس ولاول مرة مجموعة الدول الثماني الصناعية الرئيسة ، ولهذا فان الأضواء مسلطة عليها حول كيفية اظهار دورها القيادي وقابلياتها للتحرك في هذا الشأن يضاف الى ذلك الضغوط من واشنطن والتي مضى عليها سنتان تهدد ايران وتحاول ان تدرس الطريقة المناسبة للوقوف بوجه التوجهات الأيرانية للوصول الى السلاح النووي و لكن بسبب تجربتها في تطبيق استراتيجيات اخرى او دعم من دول اخرى لايران تجعلها تؤجل خططها او تعدل في استراتيجياتها ولكنها مصرة على توجيه الضربة المناسبة في الوقت المناسب ولكل حادث حديث

يصر المسؤولون الأميركيون بان الأحالة الى مجلس الأمن يبدو في تزايد محتمل ونحن نقول ان الفلم النووي العراقي لا يزال شاخصا امام الأعين ويعرض كل يوم امام العالم وملف برنامج النفط مقابل الغذاء وضرب المفاعل النووي العراقي ومن ثم التخلص من البرنامج النووي العراقي فهل سيعتبر العلماء الأيرانيون في مجال الطاقة الذرية والنووية من تجربة العراق وما حصل للعراق ويحافظوا على بلادهم

ضياء السورملي ـ لندن
10/1/2006