قراءة في قرارات وتوصيات كونفرانس أربيل


صدرت وثيقة تتضمن قرارات وتوصيات كونفرانس الكرد الفيليين المنعقد في أربيل.
وتشتمل الوثيقة على 13 فقرة تلخص في مجموعها جزءا كبيرا من هموم الكرد الفيليين، وإن لا ترقى إلى جوهر محنتهم في العراق.
ولفرز القرارات عن التوصيات لابد من الإشارة إلى الفرق بين القرار والتوصية
القرار ما تستطيع الجهة التي تتخذه تنفيذه في حدود إمكانياتها وقدراتها.
أما التوصية فهو ما تطلب تلك الجهة من جهة فاعلة أخرى تنفيذه.
ويظهر من التمعن في الفقرات الثلاث عشرة أنها تحتوي على قرار واحد يستطيع المجتمعون تنفيذه.
وأعني بذلك الفقرة 10 التي تنص على:"يدعم الكونفرانس مساعي الحركة الوطنية الكردستانية لإعادة مناطق كردستان التي لا زالت خارج حدود إقليم كردستان كمندلي وخانقين وبدرة وكركوك ومخمور وسنجار إلى الإقليم." "
والتوصية الوحيدة التي يتمكن المجتمعون من تفعيلها إن أرادوا وردت في الفقرة 13 : يوصي المؤتمر كرد بغداد والمناطق الواقعة خارج إقليم كوردستان بدعم قائمة التحالف الكردستاني (730) والتصويت لها.
أما بقية الفقرات فهي بمثابة مطالب تشكل جزءا كبيرا من أهداف الكرد الفيليين، يلتمس المجتمعون تنفيذها بعرضها على أنظار الحكومة الاتحادية أو الحكومة الإقليمية أو كليهما.
ومن الملفت للانتباه أن الفقرتين 11 و12 تنفردان بإثارة تساؤل قانوني: عما إذا ما كان دستور الإقليم يتيح شمول الكرد الفيليين المقيمين في بغداد ومناطق الوسط والجنوب بأحكامه؟ وعما إذا كانت حكومة الإقليم توافق على شمول الفئات غير الكردية بأحكام دستور الحكومة الاتحادية ؟
.إذ تنص الفقرة 11 على: " تثبيت الحقوق القانونية والاجتماعية والثقافية للكرد خارج الإقليم بما فيهم الكرد الفيليين في الدستور الكردستاني والتأكيد على تمثيل هؤلاء في البرلمان الكردستاني وأجهزة ودوائر حكومة الإقليم"
وتنص الفقرة 12 على: " العمل من اجل وضع هذه التوصيات في اطر قانونية وتشريعية صادرة من البرلمان الكردستاني والمجلس النيابي العراقي حسب تعلق الأمر بهم".
ما الذي سيفهم الفيليون من هذه التوصيات ؟
نعم. نبارك الخطوة الكردستانية لجمع شمل الكرد الفيليين.
ونعم لكل هذه التوصيات والقرار اليتيم.
وسيسعدنا توجه جميع الفيليين زرافات ووحدانا للتصويت لصاح التحالف الكردستاني.
ولكن. هل من ضمانات لذلك.
من المؤسف أن لا أحد يستطيع تأكيد ذلك.
قبل انتخابات 30/1/2005 ، سقط الكرد الفيليون سهوا من البرنامج السياسي.
وقيل بعد فرز الأصوات أن الفيليين اقترعوا للشيعة ونسوا انتمائهم القومي.
قبل انتخابات 15/12/2005 نص البرنامج السياسي للتحالف الكردستاني على ما يلي “ لقد عمل التحالف الكردستاني و سيعمل من اجل رفع جميع إشكال الظلم و الاضطهاد بحق الكرد الفيليين، و لا يتهاون من اجل استعادة كافة استحقاقاتهم الدستورية و القانونية و المادية و المعنوية العادلة.
فماذا سيقال بعد فرز الأصوات في انتخابات 15/12/2005 ؟
أما في ما أعتقد فقد كان الحل الأمثل لكونفرانس أربيل أن تنتهز القيادة الكردستانية فرصة لقاء عدد كبير من شبيبة الكرد الفيليين إناثا وذكورا من النخب السياسية العاملة في الداخل والخارج لكي تشجعهم على التعاون من أجل بناء كيان سياسي متين ومتماسك يتولى تعبئة قوى هذا المكون النشيط من الكرد خارج إقليم كردستان.
ولعل من المفيد في نهاية هذا المقال نشر رسالة اعتذار كنت قد أرسلتها إلى السيد. فؤاد حسين. على عنوان حكومة أربيل. لاسيما وأن تلك الرسالة لم تصل قدر معلوماتي بتقنية الرسائل الإلكترونية.
عزيزي الأستاذ فؤاد حسين مدير مكتب الرئيس مسعود البارزاني
من دواعي أسفي العميق عدم قدرتي في فسحة صغيرة نسبيا من الوقت تدبير أمر سفري من روما إلى كردستان استجابة للدعوة الكريمة التي تلقيتها منكم، نيابة عن السيد الرئيس، صباح 28 /11/2005، لحضور كونفرانس للبحث في قضايا تهم الكرد الفيليين في العراق.
ولعل أسفي العميق هذا يتجلى من خلال شعوري بفقدان فرصة ثمينة للتعبير أمام قيادة شعبنا عن رؤية يشاركني فيها عدد كبير من الكرد الفيليين في الخارج والداخل في أن المرحلة الحالية تستلزم تعبئة قوى المكون الكردي الفيلي في العاصمة بغداد وفي مدن وقرى الجنوب من أجل تحقيق هدفين أساسيين هما: إسناد مكاسب الفيدرالية كخيار مشروط للتعبير عن حق شعبنا في تقرير المصير ببناء نظام ديمقراطي تعددي خال من الطائفية والنزعات المذهبية والعنصرية في العراق الجديد من جهة واستعادة حقوق الكرد الفيليين المدنية والقومية و إعادة بناء مجتمعاتهم المحلية التي دمرها النظام السابق من جهة أخرى.
بيد أن بلوغ هذا الهدف مرهون في ما نعتقد في دعم جهود مثقفي الكرد الفيليين في مجال تنظيم القوى السياسية لهذه الشريحة الكردية المهمة لما فيه من ضمانات مؤكدة للارتقاء بدورهم الفاعل في الساحتين الكردستانية والعراقية لبناء فيدرالية راسخة ونظام ديمقراطي سليم.
وما زلنا نعتقد بصواب هذا النهج الواقعي والفعال لتعبئة طاقات الكرد الفيليين ،بيد أن مثل هذا النهج إنما يستلزم بالضرورة احتضان الحركة السياسية الكردستانية لطلائع الشبيبة الكردية الفيلية ومساعدتها على تنظيم نفسها في إطار حركة سياسية متماسكة تستند إلى الهوية الكردستانية وترسيخ التوجه الديمقراطي للمجتمع العراقي متعدد القوميات والثقافات. .
وكنت قد بلورت مقترحا في صميم هذا السياق يتمثل في البدء بتشكيل آلية تنظيمية فعالة في إقليم كردستان تتولى دعم جهود النخب السياسية الكردية من أبناء المكون الفيلي لبناء تنظيم سياسي يسعى لبلوغ الهدفين أعلاه ويسهر على رعايته وتوجيهه في مناطق وجود المجتمعات المحلية الكردية الفيلية في العراق.
تلك هي الرسالة التي كنت أنوى عرضها على الكونفرنس، ولاسيما على أنظار القيادة الكردستانية، وكلي أمل في أن تحظى هذه الأفكار بقبولهم
وختاما أتمنى لاجتماعاتكم ولمداولاتكم كل نجاح لما فيه تعزيز الجبهة الكردستانية وللعراق العزيز كل خير.

د. زهير عبد الملك
zuhair@libero.it

المصدر: صوت العراق، 11/12/2005