الديمقراطية بين الحقيقة والخيال


الديقراطية كفكرة تعني التعددية وممارسة الحرية في التعبير وحق الاختيار وكنظام يتبع قانون انتخابي حر في اختيار نواب للشعب ، وهؤلاء النواب سيخدمون الشعب ( نظرياً ) ، ولندرس حالة الانتخابات في العراق، الانتخابات السابقة كانت فرحة للعراقيين انار بصائرهم وارشدهم لحقوقهم واهميتهم كبشر وتأثيرهم على تغير من يشاؤون بأصواتهم ، وكانت اكثر فرحة للاحزاب والمنظمات فسهولة العمل السياسي وحرية الدعوة الى مايؤمنون به بين الناس وطرح افكارهم ومشاريعهم السياسية كل تلك المسائل ماكانت متوافرة في ظل العهد الدكتاتوري البائد ، ولكن الديمقراطية مع الاسف لم تصل الى الناس بمفهومها الصحيح ولم تطبق جل الاحزاب ان لم نقل كلها مفاهيم الديمقراطية واحترام الاخر ، فحتى الاحزاب لحد الان ليست لديها نظام انتخابي داخلي ( واقصد به نظام انتخابي داخل الحزب ) حقيقي ومسألة الاستبداد الفكري والاقصاء السياسي مازالت مسيطرة على عقول الكثير من السياسيين العراقيين ، فالاحزاب السياسية المختلفة والمتصارعة تقريباً فيما بينها كلها تبحث عن النفوذ والسلطة من خلال كسب الاصوات لا لخدمة الاصوات بل لكسب السلطة فحسب لخدمة مصالح خاصة بالرغم من ادعائهم لخدمة الصالح العام ، فكرسي البرلمان يعتبر حلم الحالمين الان لسهولة الاثراء من خلال هذا الكرسي ، ومجموعة الكراسي في البرلمان تعطي القوة للأحزاب في الاشتراك في الحكومة وبالتالي الحصول على وزارة او وزارتين يتم تحويل هذه الوزارات لقطاع خاص بذلك الحزب او الائتلاف ، اذن هذه الاحزاب ليست خدمية بل سلطوية تبحث عن مصالح خاصة كأفراد وكأحزاب ، فأما هؤلاء الذين اعطوا اصواتهم لهذا الحزب او ذاك سيستمرون في معاناتهم وحرمانهم ، ان السياسيون العراقيون لا يفهمون ان الحزب الخدمي هوا الحزب الذي يخدم الناس وهذا الحزب الخدمي يعطي المجال لغيره ان يخدم ويشارك في خدمة الناس ، ومشاركة الاحزاب في خدمة الناس يعطي دفعة قوية للتنافس الشريف لخدمة الناس فكل حزب سيحاول ان يقوم بأقصى مايمكن ويخدم باحسن الطرق ، ولكن من اين يأتوا سياسيوا العراق بهذه الافكار ، وفكرة الكرسي معشعشة في ادمغتهم ( انا لا اعني كل السياسيين ) ، والى الان الناس البسطاء لايفهمون ان الديمقراطية هي التعددية واحترام الاخر وكان المفروض من الاحزاب ان توعي الناس لهذه الافكار لا ان يهيجوهم ضد مباديء الديمقراطية بحجة الديمقراطية نفسها ، ودور الاعلام ورجالاتها كان اسوء من غيرهم فجلهم يبحثون عن مصالحهم الشخصية والانية دون الالتفات الى انهم يصنعون الاصنام بتمجيدهم وتهليلهم لشخص معين وحتى وصل بالبعض ان يساوي شخصية بعض السياسيين بشخصيات الائمة المعصومين (ع) فهل هذا يعقل ؟ وهل هذه هي النزاهة من الكتاب والصحفيين والاعلاميين ؟ السياسي اذا خدم الناس فلا يحتاج لمديح لان الناس سيشكرونه على خدمته وخدماته دليل على انجازاته واما المتسلط الذي يريد السلطه فتراه لا يخدم الا نفسه وجماعته فبذلك يكون في اشد الحاجة للمنافقين ليمجدوه ويجعلوا منه صنماً.
اود ان اقول كلمة للسياسيين الذين صاروا عن المنطق غرباء ، واخطائهم يجدوا لها مختلف الاعذار والاسباب ، وما عادوا يطيقوا كل من يذكرهم بالاخطاء ، اين حرية الانسان من كل هذا الطوفان ؟ واين حرية الاختيار اذا كنتم على الابواب لنا بالمرصاد ، والحال ماعاد يختلف هنا وهناك وكل شيء صار كما في سالف الازمان حينما كان ينحر المرء للالهة كقربان ، القتل على يد الارهاب والرمي على قارعة الطرقات ما ابخس الاثمان ، امالنا قتلت وافكارنا حبست فما جدوى الحياة ؟ وما جدوى الانتخاب ؟ ولكن علينا ان نذهب الى صناديق الاقتراع بالرغم من الاحباط والتردد لمن سنعطي الاصوات ؟ هل سنعطي لفلان ام لعلان؟ علينا الاختيار من سيكون اقرب الينا ومن نفعنا ومن سينفعنا وعند ذلك نصوت.... وننتظر الوعود التي ربما يوماً تتحقق !!!

المهندس بهاء صبيح الفيلي
baha_amoriza@hotmail.com
10/12/2005