هل سيتم توطين الفلسطينيين في كوردستان ـ العراق ..؟


تصريح السيد فاضل ميراني ، سكرتير المكتب السياسي للحزب الديموقراطي الكوردستاني ، بصدد إستقبال لاجئين فلسطينيين وتوطينهم في منطقة كوردستان العراقية ، يثير الكثير من الشبهات التي تدور حول العلاقات الكوردية ـ الاسرائيلية ، وعلى الرغم من صحة أو عدم صحة ، ما يتردد من التواجد الإسرائيلي ، وبناء علاقات مختلفة ، غير رسمية ، ليس في كوردستان العراقية لوحدها ، بل في عموم المدن العراقية ، بالوقت الحاضر ، فمثل هذا التصريح ، لا يخدم بالمرة الوضع القائم في كوردستان . والسيد ميراني غير معني هو أو حزبه بقضية لا تهم الكورد في مثل هذا الوقت ، وبقضية مثل قضية ، توطين اللاجئين الفلسطينيين ، المتواجدين في الدول العربية ، التي تستضيفهم . من حيث المبدأ لا يحق لأي قطر عربي أو غير عربي أن ينفرد بقرار من هذا النوع ، دون الرجوع إلى جامعة الدول العربية وقراراتها المتخذة بهذا الشأن ، وحتى الحكومة الفلسطينية حاليا ، لا يجوز لها الموافقة على التوطين ، بسبب :ـ أولا : التزامها بقرارات الجامعة العربية الرافضة للتوطين ، انسجاما مع قرارات المنظمات الفلسطينية المتخذة بهذا الشأن ، وثانيا : لا يمكن التوطين ، في بلد! ما ، دون موافقة البلد المعني . وهذا ما يدلل على أن السيد ميراني لم يكن على اطلاع كاف بقرارات تخص قضية اللاجئين الفلسطينيين وتوطينهم ، مما أوقعه في مازق ربما لم تنسحب نتائجه عليه فقط بل على الجهة التي يمثلها كذلك ، وعلى الرغم من نفيه للخبر في اليوم الثاني ، إلا أن هذا النفي لم يأت على ما قاله السيد ميراني ' ..استيطان الفلسطينيين الذين تريد الدول العربية إخراجهم خارج حدودها فهذا أمر مرفوض من جانبنا ، ولكن إذا كان لدى الفلسطينيين مشكلة أو ما شابه يمكن للرئيس أبو مازن أن يفاتح القيادة الكوردية بهذا الموضوع .' فإذا كان أمر الاستيطان في إقليم كوردستان مرفوضا ، حسبما يدعي السيد ميراني ، إذن فما هي المشكلة التي تستحق بحثها بين الرئيس ، أبو مازن ، والقيادة الكوردية ..؟  التصريح بخصوص الفلسطينيين من أساسه مفتعل ، حيث لا رابط بينه وبين أصل التصريح الذي أدلى به السيد فاضل الميراني فيما يتعلق بموقف السيد البارزاني من المقاومة فهو يقول : ' يدعم تحول المقاومة العراقية إلى معارضة سياسية ، إذا ثبت أنها مقاومة وليست إرهابا .' وأوضح أ ( يعني الميراني هـ. ف. ت. ) ' إذا كانت هناك خطط لتوطين اللاجئين الفلسطينيين من خلال برنامج فيمكن أن نبحثه مع رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس .' فاذا كان الحديث عن الترحيب ب' المقاومة العراقية ' ودخولها المعترك السياسي إذا تخلت عن أسلحتها وتوجهت توجهات سلمية ، فما دخل اللاجئين الفلسطينيين في الموضوع ليقحم في سياق الحديث عن المقاومة ..؟ حقيقة الأمر أن إسرائيل هي من سعت ، وتسعى لوضع خطط لتوطين اللاجئين الفلسطينيين في البلدان التي لجأوا إليها ، وَمنْ رفضه ، ويرفضه حتى اليوم ، فهم الفلسطينيون ، فمنذ قرار التقسيم في العام 1947 وحتى اللحظة ، تمارس إسرائيل ضغوطا مختلفة على كل دول العالم وتتوسطهم ، لأن تتبنى الدول العربية مثل هذا الحل ، وحتى الدول العربية ذات العلاقة الحسنة مع إسرائيل والراغبة في المصالحة والحل السلمي ، في الظرف الراهن ، لم تجرؤ على التصريح أو تبني مثل هذه الخطوة ، لأنه حل مرفوض ، لم تعارضه الدول العربية وشعوبها فقط ، وإنما أيضا الشعب الفلسطيني وقيادات منظماته الحكومية والشعبية ، صاحب الحق في العيش على أرضه ، والتي يرى في التوطين إكراها وتنازلا عن حقوقه المشروعة . ومن هذا المنطلق نرى أن تصريح السيد الميراني لم ينطلق من قناعة حقيقية وتمثيلا صادقا لمشاعر المواطنين الكورد ، الذين ذاقوا بعض ما يعاني منه الفلسطينيون ، من قتل وتهجير ، وتجريف أراض وحرقها ، وهم على حق ، حين يرفضون إسكان الغير في بعض مدنهم وقراهم ، فما بالك بشعب ، حتى اللحظة ، يعيش في الشتات دون جنسية أو هوية ، وحكامه ، وحكام من يستظيفونه ،! يتاجرون باسمه ويتلاعبون بمقدراته ، فهل يرتضي مثل هذا للشعب الكوردي ؟ فإن كان الميراني وغيره ،  بعض ِمنْ هذا الحل رفضه وقاومه ، فكيف يسمح بأن تسوغ له نفسه أن يكون عرابا لدولة لا زالت تحتل أرضه وتمارس كل أنواع القهر على الشعب الفلسطيني.؟ ويبقى السؤال ينتظر الإجابة :ـ لماذا كل هذا السخاء من السيد ميراني ، ولصالح من يريد أن ُيسكن العرب الفلسطينيين في كوردستان ـ العراق ودون أرضهم ؟ وهو يرفض أن يسكنها أو يتملك فيها المواطن العربي ـ العراقي .؟ دخول السيد فاضل ميراني على خط توطين الفلسطينيين في غير وطنهم فلسطين مرفوض ، إن لم يعلن عن الهدف والغاية والجهة التي تدعمه في توجهه هذا . إذا كان السيد ميراني متعاطفا مع قضية الشعب الفلسطيني ، ويريد لها حلا عادلا وجذريا ، عليه أن يطالب بعودة اليهود إلى بلادهم الأصلية ومن ضمنها، العراق وكردستان العراقية ، ورد كافة حقوقهم ، وكذلك بالمقابل ، يتطلب الأمر إعادة الفلسطينيين الراغبين بالعودة إلى ديارهم التي أخرجوا منها ، وبالتأكيد لن تكون كوردستان ـ العراقية .

هادي فريد التكريتي
4 كانون أول 2005