ما العيب ان يكون الفيلية كوردا؟


اذا دافع الرجل عن عروبته قالوا له بارك الله فيك، واذا قال اخر انا كوردي، قالوا له ما هذه العنصريه؟

نظرة متناقضة، وازدواجية يلتقي عندها البعض، من اتباع تيارات هي الاخرى متناقضة.

ليست هنالك سورة في القران تستنكر على الانسان الاحتفاظ بجذوره، ولكن الاخوة الاسلاميين، خصوصا في القوى التي انضوت تحت قوائم انتخابية دينية الطابع، تستغل المشاعر المذهبية بشكل يوحي بان الانحدار القومي يتناقض مع الالتزام الديني. وفي نفس الوقت يظهرون بانفسهم القداسة لشريحة السادة من القرشيين، الهاشميين، العلويين، الخ وهو انحدار قومي عشائري. رغم ان التمييز بين الشرائح والقوميات والقبائل يتنافى مع روح التسامح الديني.

وليست هنالك ثمة تعارض منطقي في فلسفة اليسار بين الاحتفاظ بعناصر الهوية القومية لشعب ما و الكفاح الطبقي لبناء المجتمع الاشتراكي، الا ان بعض الاخوة الذين يشهرون ميولهم اليسارية يحاولون الايحاء بان الهوية القومية للكورد الفيلية تتناقض مع عراقيتهم، وفي الوقت نفسه يساندون النضال من اجل عروبة فلسطين، وهي قضية قومية عربية.

القوى الليبرالية الجديدة، التي تنتضم في قوائم تالفية وطنية التوجهات، عراقية الطابع، تناست حق الشريحة الفيلية في استعادة وطنيتهم، وعراقيتهم، تلك التي استباحها النظام السابق، بل وقف الكثير من دعاتها بوجه اعادة الجنسية، والممتلكات، والوظائف السابقة للمهجرين، على عكس ما قدمته من رد اعتبار - او حاولت - للفئات العراقية الاخرى، في نفس المنطقة الجغرافية.

الدينيون يدعون الفيلية للذوبان في المجتمع الاسلامي، وتغيير اللغة الى العربية لانها لغة القران الكريم، واليساريون يدعون الفيلية للذوبان في ثقافة الطبقات المسحوقة، حيث الغلبة الثقافية للغة العربية، والليبراليون من وجهة نظر السوق يحبذون امة موحدة الثقافة من اجل سوق متماسكة.

اجنحة سياسية ناتئة من تيارات متعارضة، لم تجتمع يوما على فكرة ما، الدين واليسار ودعاة السوق المفتوحه، التقت باعجوبة، لقاء الريح والنار والمطر، قبيل الانتخابات لتوحي بأن كوردية الفيلية هي اثم سياسي، وان الفضيلة، تقضي بالتخلي عن الانتماء القومي للكورد الفيلية، والذوبان في المحيط الثقافي العربي.

والحق ان الانتماء القومي لا يتعارض مع اي من المبادئ الفلسفية تلك، الاسلامية، او الطبقية، او الليبرالية، الا ان التفسيرات المغلوطة، او المغرضة هي التي تجنح لهذه الايحاءات، عشية الانتخابات، ربما اعترافا بحجم الصوت الكوردي في وسط وجنوب العراق.

عندما تعرض الفيليون للنفي، للتجريد من المواطنه، لمصادرة الممتلكات، للصهر العرقي والثقافي، كانت الفضيلة تدعوا لاستنكار تلك العمليات الشوفينية. واذا كان اتخاذ موقف انذاك عسيرا، ايام النظام القمعي، فان الفضيلة اليوم تدعو، وفي اجواء الديمقراطية التي ترفل بضلالها هذه القوى الى العمل بجد على رفع الغبن، واعادة الحقوق، وليس الدعوة لاستمرار الممارسات العنصرية السابقة.

وكما لاتتعارض قرشية العلوي مع الدين، ولا عروبة الفلسطيني مع النضال الطبقي، ولا عراقية المواطن مع مبادئ السوق المتحرره، فان كوردية الفيلية، اذا ما تجرد هؤلاء السياسيين من رواسب المدرسة الفكرية للبعث، ومن حساسية هذه البرهة الزمنية، سيجدونها، هي الاخرى طبيعية، لا تتعارض مع المبادئ الانسانية، لا قبل الانتخابات، ولا بعدها.

حسين القطبي
tohussein@hotmail.com

المصدر: صوت العراق، 4/12/2005