إلى الرئيسين مام جلال وكاك مسعود تطالبوننا بالتصويت.. ونطالبكم بتوحيد الإدارتين قبل التصويت !


الإنتخابات على الأبواب.. والقيادة الكوردستانية كباقي القيادات تنادي بالتصويت والمشاركة في العملية، لما في ذلك من قوة للحق الكوردي المدوّن ولتثبيت ذلك كالرواسي الشامخات في الدستور الاتحادي الذي قد يتعرض إلى بروز بعض النتوءات والثغرات والمعوِّقات وتنعكس سلبا على الآمال والطموحات التي من أجلها أعطى الكورد ما لهم من دماء وأرواح وحياة وجرى لهم ما جرى من إنتهاكات !

والقيادة الكوردستانية تريدنا أن نتوحد وأن نكون صوتا وقلبا واحدا ونتوجه إلى الصناديق وندلي بأصواتنا لمن يمثلوننا.. جميل كل هذا، وسمعناه .. ولكن يبدو أن وقع هذه الدعوة على القلوب وفي هذه المرة ليس بتلك القوة التي كان عليها قبل الانتخابات السابقة التي مزجت بالعهود، ولبى الكورد بسببها النداء ونزلوا إلى مراكز الانتخابات زرافات ووحدانا وجاءوا من كل فج عميق وذلك خشية أن تهوي بهم الريح في مكان سحيق ، وتحول ذلك اليوم إلى يوم عرس بهيج قل نظيره في تأريخ الشعوب التواقة للحرية والانعتاق.. وكاد الشاب الذي لم يبلغ سنه سن التصويت ـ في خارج كوردستان ـ يضرب الأخماس بالاسداس ويتحسر ضيقا وألما لأنه لم يحالفه الحظ في الاشتراك، كل ذلك لحسه الوطني وشعوره المرهف الشفاف الذي تربى عليه في بيته وفي حضن أبويه، وحبه في أن يكون له ما للغير من أقرانه من كيان.

وإن كل تلك الروح الوثابة كانت بسبب الآمال المعقودة والمتأصلة والعهود التي أعطيت للكورد من قيادته،
ذلك بأن البيت الكوردي سيصبح بيتا واحدا من خلال حكومة واحدة وفي أقرب فرصة بعد الانتخابات، بعد الالحاح الجماهيري .. وانتظر الناس أياما وشهورا، بعد أن إنتظروا سنوات عجاف حتى يتحقق هذا المطلب .. هذا المطلب البسيط والمتواضع جدا وفي هذه المرحلة بالذات والذي هو من بديهيات الحكم وإدارة البلاد حتى في الصومال وساحل العاج وجنوب السودان وسيريلانكا.

ولكن يبدو أن نداءاتهم وتوسلاتهم وتضرعاتهم لم تتجاوز حدود أفواههم أو في أحسن الاحوال أسماع القادة والمسؤولين، ولم تدخل قلوبهم التي يبدو أنها شتى ولا ندري حتى مَتى ؟.. حيث ما كان جوابهم بعد الإنتخابات إلا أن قالوا: فقط إنتظرونا قليلا واصبروا علينا بعض الوقت، سنشكل لكم حكومة أجمل من العروس في يوم الزفاف وأثبت من الجبال وأقوى من الأعاصير الآتيات التي لا تُبقي ولا تذر!.. ولكن أصبح مثلهم ـ بعد ذلك ـ كمثل من يطالبك بكل شئ ولا يعطيك حاجة ذات أثر.. وصار الشعب كمن زرع الريح وحصد العواصف والخطر، كما ينقل السويديون عما بقي عندهم من الأثر.

ثبِّت العرش ثم انقش ! يقال أنه في قديم الزمان قال أحد الحكماء للحكام: لا تُجوِّعوا شعوبكم فتكَفِروهم، اعطوهم ما يسد الذرائع ويقفل باب عدم الانصياع لمطالبكم، فالعلائق بينكم وبين الناس هي بشروطٍ بينكم وبينهم وليس بحدودٍ أنتم تضعونها وتفرضونها من دون أن يقتنعوا بها، ويُجبَروا عليها.!

إن تحَقق المصداقية هو في تنفيذ مطالب شعبكم المشروعة في تشكيل وترسيخ حكومة موحدة قبل الانتخابات القادمة.. وإن تحقيق هذا الامر ليس بمعجزة ولا من دواهي الدهر أو أعاجيب العصر، وكل الاعذار المقدَّمة أصبحت لاغية من لدن الشعب ولم يعد يؤمن بها مطلقا، ناهيكم عن أن المرحلة التي يمر بها الكورد لا تتحمل وجود حكومتين بتسويغات وتسويفات واهية.

يُحكى انه في قديم الزمان تعرض أب لضرب مبرِّح من طرف إبنه، وإشتكى الاب عند الحاكم من عقوق إبنه.. وجُلب الابن واسْتجْوبْ، وشرح الابن ظلم والده وقساوته بغضبْ.. فوبخ الحاكم ـ في حضور الوالد ـ الابن وأمره أن يطيع والده في كل الاحوال وأمربتسريحه من بعد.. ومن ثم إختلى بالاب وقال له : ويحك يارجل ! اشكر ربك انه لم يقتلك، إن لإبنك عليك حقوقا يجب أن تؤديها : أن توقره وتحترمه وتستمع إليه وتفهم ما يريده، ولا يعني كونك أبا أن تجعله عبدا لما تمليه عليه.

نحن ـ يا سادتي ـ نحبكم ونقدر نضالكم وتضحياتكم التي قدمتموها لشعبكم.. ولكن لا نقبل أعذاركم ـ هذه المرة ـ بعد تلكم العهود والوعود التي لم تنفذوها.. وتأكدوا أن الاصوات هذه المرة لن تكون في مستوى الطموح مهما ارتفع سقف الاعلانات والدعايات والحكايات.. لذا رتبوا بيتكم ـ يا قادتنا ـ وأعلنوها حكومة واحدة ـ كما شكلتم حكومتين عراقيتين وأصبحتم رسل سلام بين الأنام في بغداد ـ قبل أن تعاتبوا وتلقوا باللوم على الآخرين الذين إختاروا مجبَرين طريقا آخر غير الذي سلكتموه، أو الذين وصل بهم الغضب واليأس ـ هذه المرة ـ ومنهم من في خارج الوطن ـ حداً لا يهمهم أن تذهب كل المنجزات في داهية وإلى الجحيم.. فهذه حقيقة، كلنا بها عليم.

نعم أعلنوها ـ يا كبراءنا ـ حكومة واحدة راسخة كجبال كوردستان وقوية كأرواح العظام الشيخ محمود الحفيد وسعيدي بيران وقاضي محمد والبارزاني الخالد والخزنوي.. حتى يكون شعبكم معكم عند الشدائد والأخطار في قابل الأيام كما كان في الانتخابات السابقة حيث نزلوا إلى الشوارع كالامطار.. فالكورد يتعاملون مع الواقع وليس مع المثاليات والأشعار.. فهذه طبيعة الشعوب مقدّرَة في الأقدار.

أجل.. إقتربت ساعة الانتخابات وإنشقت قلوب الكورد من إنعدام الأمل !
فالأمر في منتهى الخطرْ والخطبُ جللْ، بعد أن أصيب الشعب بالاحباطِ والمَللْ!
ولا نرجو أن نخَيَّبَ في السعي ونصبح في ذيل قافلة المِلل!

محسن جوامير ـ كاتب كوردستاني
mohsinjwamir@hotmail.com
1/12/2005